همدان العليي : تحالفات الحوثي.. شراكة شكلية تنتهي بالابتلاع

منذ 4 ساعات

همدان العليي تابعت حديثا مقتضبا لفائقة السيد، الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي العام سابقا، أشارت فيه إلى بعض الممارسات الحوثية ضد القيادات المؤتمرية خلال الفترة 2015 - 2016 لا سيما أثناء مشاورات سويسرا والكويت وكيف كانت العناصر الحوثية تحرص على إهانة من يمثلون حزب المؤتمر في المشاورات بالرغم من الظهور أمام العالم كشركاء وحلفاء

من ضمن شهادتها، أن الحوثيين أوقفوها مع الشهيد عارف الزوكا -رحمه الله- ويحيى دويد في صالة التشريفات بمطار صنعاء ومنعوهم من المغادرة للمشاركة في المشاورات وتركوا بعضهم بلا طعام في مشهد مذل وصادم، حتى غادرت الطائرة بدونهم

لم تكن الممارسات الحوثية ضد المؤتمر حينها مجرد حوادث عرضية، بل تعبيرا مبكرا عن طبيعة العلاقة بين الحوثيين ومن يُقال إنهم شركاء وحلفاء

بعد استشهاد الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح على يد الحوثيين، تواصلت معي الإعلامية مريم الجابر

قالت لي إنها تريد اجراء حوار معي لصالح موقع العربية نت بعدما بثت قناة العربية تقريرا تناول مقال نشر لي في أكتوبر 2013 بعنوان صالح يقدم رأسه للحوثيين، أي قبل نحو عام من سيطرة الحوثيين على صنعاء، وأربعة أعوام تقريبا من جريمة اغتيال الرئيس الشهيد بعد الاعتداء عليه في منزله

كان محور الحوار الصحفي: كيف تنبأت بأن الحوثي سيقوم بقتل الرئيس صالح بتلك الطريقة بالرغم من أنهم في الظاهر متحالفين؟!كانت الإجابة بكل بساطة واختصار: لأن الرئيس صالح رحمه الله جمهوري، والحوثية تمثل الإمامة العنصرية التي تؤمن بخرافة الحق الإلهي في الحكم

الإجابة نفسها، هي التفسير لتلك الخلافات التي كنا نراها داخل ساحة التغيير بين المتظاهرين الذين ينتمون إلى تيارات وأحزاب مختلفة على رأسها حزب الإصلاح من جهة، وبين تيار شباب الصمود الذي كان يمثل جماعة الحوثيين داخل ساحة التغيير بصنعاء في 2011

كان الظاهر للعالم بأن الأحزاب اليمنية (منها الإصلاح واليساريين) متحالفة مع الحوثيين في ساحة التغيير لا سيما وهو يشاهد قيادات أحزاب المشترك تجلس إلى جانب الحوثيين وتدافع عنهم، لكن الحقيقة أنهم على الأرض يشتبكون بشكل مستمر

والسبب: أن الأحزاب اليمنية والمستقلين يؤمنون بالنظام الجمهوري، بينما يعمل الحوثيون من أجل خرافة الولاية والهيمنة الإمامية السلالية العنصرية ولهذا يرون في كافة الأحزاب اليمنية التي تؤمن بالمساواة، على أنها عدوا مطلقا

يمكن اظهار الاتفاق معه والابتسامة في وجهه كتكتيك مرحلي، حتى تحين الفرصة المناسبة للانقضاض عليه

هذه التجارب تكشف جانبا جوهريا من تركيبة الحوثيين وطريقة تعاملهم مع الآخر الذي يختلف عنهم

فهم لا يؤمنون بالشراكة المتكافئة ولا بالمصالح المشتركة بين الأشقاء والجيران والأصدقاء، لأن عقيدتهم تجعلهم يعتبرون الآخرين مجرد أدوات مؤقتة

حتى أقرب الحلفاء لهم سيتم التعامل معهم كتوابع أو بغال تحمل أمتعتهم لا كيانات مستقلة

الأمر ليس مجرد نزعة شخصية عند بعض من يقودونهم، بل جزءا من أيديولوجيتهم السلالية العنصرية التي ترى الآخرين طبقة أدنى منهم ويرون أنفسهم أصحاب الحق الإلهي في كل شيء ليس الحكم فقط

وهذا ما يجعل أي تحالف يدخلون فيه غير قائم على الندية بل على الهيمنة والابتلاع والسيطرة

في الحقيقة هذا السلوك لم يكن جديدا، فقد سبق وأخبرتنا سجلات التاريخ عن بعض الحركات المشابهة

حين صعد أدولف هتلر إلى السلطة في 30 يناير 1933، لم يكن الحزب النازي يمتلك أغلبية برلمانية كافية، ما اضطره إلى بناء تحالف مع قوى قومية ويمينية محافظة، أبرزها الحزب الوطني الشعبي الألماني، الذي كان يمثل التيار القومي التقليدي والنخب العسكرية والاقتصادية المحافظة في ألمانيا

وقد منح هذا الحزب هتلر دعما حاسما في البرلمان، وساهم في تمرير قانون التمكين الذي منح النازيين سلطة تشريعية كاملة خارج البرلمان كانت السبب في تحويل ألمانيا إلى دولة شمولية

كما حصل هتلر أيضا على تأييد الحزب الكاثوليكي الوسطي الذي أبدى دعما مشروطا مقابل وعود هتلر بالحفاظ على استقلال المؤسسات الدينية والتعليمية

قبل ذلك، كان هناك تحالف سابق جمع الحزب النازي مع الحزب الوطني الشعبي ومنظمة قدامى المحاربين اليمينية في 1931م، وكان الهدف من هذا التحالف هو مواجهة حكومة الديمقراطيين وإسقاط النظام البرلماني الليبرالي

لكن ما إن سيطرت النازية على البلاد، حتى قامت بتصفية كل الشركاء لها تدريجيا لتتفرد بالحكم بشكل مطلق، ومن ثم توجهت لاستهداف الدول الأوربية المجاورة لها

المشهد ذاته تكرر في إيران لكن بغلاف ديني وبقيادة روح الله الخميني الذي عاد من منفاه فرنسا إلى طهران في 1979، وكان صعوده إلى السلطة نتيجة تحالفه مع مكونات سياسية مختلفة ومتناقضة من أجل إسقاط نظام الشاه محمد رضا بهلوي

شارك في هذا التحالف الليبراليون (الجبهة الوطنية الإيرانية) وحزب إيران واليساريين والقوميين وعسكريين منشقين ومكونات أخرى

وبعد نجاحهم في اسقاط النظام، وبحلول عام 1983 كانت الثورة، التي بدأت بتعددية سياسية وقادتها مكونات إيرانية مختلفة، قد تحولت إلى نظام ثيوقراطي مغلق ومتطرف، يهيمن عليه رجال الدين والحرس الثوري بعدما قام بتصفية كل التيارات الشريكة والمتحالفة معه

تماما كالنظام النازي الذي انتهى من الهيمنة على الداخل، ثم انتقل لتصدير الفوضى إلى الدول المحيطة به

ختاما

أليس هذا ما تفعله جماعة الحوثي في اليمن؟