ياسين التميمي : سأحدثكم عن الشيخ حمود المخلافي
منذ 4 ساعات
ياسين التميمي مشهد التوديع الأخير للشهيدة افتهان المشهري، اليوم في تعز أثلج صدورنا جميعاً
لقد ووري جسدها الطاهر الثرى مدثراً باليقين والطمأنينة، بنزول عدالة السماء على قاتلها ووقوع المتهمين بقتلها في قبضة عدالة الأرض
هذا الإنجاز الأمني والعدلي في تعز أثبت أولاً عافية الدولة في هذه المدينة المجروحة والمحاصرة والمحافظة المستهدفة، وثانيا كشف عن البصمات الإيجابية القوية للرجل الذي سأحدثكم عنه اليوم، الشيخ حمود المخلافي
فوسط هذه الموجة من الإساءات وتصفية الحسابات بالوسائل الكيدية التي عجز عنها خصومه السياسيون و الأيديولوجيون عن منافسته في ساحة العمل النضالي والسياسي، ورغم بروز نزعة القتل المعنوي بالصورة التي رأينها خلال الأيام الماضية، كان الرجل منهمكا في اتصالات ومتابعات لا تكل ولا تمل، يصل الليل بالنهار، في مهمة تركزت حول هدف واحد هو إلقاء القبض على قتلة الشهيدة بأسرع وقت ممكن
أراد الخصوم أن تتوقف المسألة عند كون القاتل على صلة عشائرية بالشيخ حمود، وتورط البعض في تسخير موقعه الرسمي لخدمة هذا الهدف مثل الناطق غير المسؤول باسم الشرطة، الذي استخدم صفحته الشخصية في الفيسبوك لإضفاء المصداقية على حملة استهداف الشيخ حمود المخلافي
وكنت شخصياً اواجه بسؤال من شخصيات راجحة: لماذا لا يسلم الشيخ القاتل بل أن أحدهم زاره وقال له لدي معلومات موثوقة بأن القاتل في منزلك
أمام هذا الضغط؛ المدفوع في جانب منه بحسن النية والحرص؛ تصرف الشيخ بحزم وحكمة وصبر وأناة في ظل وجود احتمالات بأن يتمكن القاتل من الفرار من تعز إلى مناطق خارج سيطرة الحكومة
استخدم نفوذه بما يليق بالقادة المحترمين أصحاب المروءة الذين لا تأخذهم في الحق لومة لائم، فوظف كل الوسائل التي سهلت للأجهزة المختصة الوصول إلى القاتل ومساعديه
وفي تلك الأثناء كان البعض يدبر المكيدة تلو المكيدة للقضاء على الإنجاز العدلي الذي أنصف الشهيدة وذويها وأعاد الاعتبار للعدالة وأدواتها في تعز
عرفت الشيخ حمود المخلافي منذ أكثر من عشر سنوات
لم أجده مختلفاً عن الشخصية الني كانت تطل عبر وسائل الإعلام في ميادين المواجهة بدءً من حي الروضة حتى تمكن المقاومون بقيادته والجيش من استعادة معظم مدينة تعز
إنه كما هو في الميدان رجل تلقائيٌ وبسيط وشجاع وصلب، لا يقضي الوقت في تحسين صورته أو تضخيم دوره؛ قدر اهتمامه بتحقيق أهداف المعركة والتقليل من مستوى حضوره والوفاء لتضحيات رفاقه بالقدر الذي يليق بهم وبتضحياتهم
هو نفسه حمود المخلافي الذي تحضر إنسانيته العالية وسماته القيادية وخلق الإنصاف لديه في لحظات الفقد الأليم لأعز الناس إليه
وأعز الناس إليه مكانةً لا تتصل بالقرابة فقط، فكم من الشهداء الذين قاتلوا إلى جانبه وتحت قيادته بلغوا مكانة أثيرة على قلبه، ورأيته شديد الحزن والألم كلما تذكرهم ، ويتحدث عنهم بإسهاب ولم أجده بنفس القدر فيما يخص نجله البكر الشهيد الدكتور (الطبيب) أسامه وأخيه الشهيد الدكتور فيصل وأخويه عز الدين وحمزة
حدث استثناء وحيد خلال لقائه بعدد من الصحفيين والإعلاميين بعد يومين من استشهاد افتهان المشهري
حيث أخذه الحديث معهم إلى توضيح سرد قصة خروجه من تعز إلى مأرب ؛ حيث تسببت نشاطاته فيها في استدعائه من جانب التحالف لزيارة الرياض، وقيل حينها أنها ستكون قصيرة لكنها طالت، فذهب إلى مكة المكرمة
وفي الحرم المكي الشريف تلقى نبأ مقتل أخيه حمزة وثلاثة من مرافقيه في عملية تندرج ضمن الأعمال الإرهابية نفذتها عناصر تنتمي إلى لواء عسكري مدعوم بقوة من التحالف والرئيس هادي في تعز
كانت ظروف المعركة مع الحوثة حينها تقتضي تقديم تنازلات مؤلمة بخصوص هذه الجريمة التي كلفته الكثير على الصعيد العائلي خصوصاً والدة الشهيدغير الشقيق
هنا خانته العبرات وأجهش بالبكاء فدخل الجميع في لحظة صمت طويلة حتى عاد إلى مواصلة الحديث
على عكس الصورة النمطية التي صدَّرها المعسكر الانقلابي وتلخصت في عبارة حمود صورني لا يهتم الرجل بالظهور ولا يعنيه من يمدحه قبل الذي يسيء إليه، هذه سجية لا يدعيها أو يتصنعها، أحد الناشطين الإعلاميين في مواقع التواصل الاجتماعي، اتصل للشيخ حمود يساومه إما أن يدفع أو سيعمل ضمن الحملة المعادية، فكان رد الشيخ عليه، إن استطعت أن تحصل على ما تريد لدى من ذكرتهم فلا تتردد
الغالبية العظمى من صور الشيخ حمود المبثوثة في الفضاء الإليكتروني، من الميدان وعلى مسافة صفر من العدو والأخطار
أراد خصومه طمس هذه الصورة المشرفة لقائد قوي وشجاع، وبدلا منها أرادوه أن يظهر مجرد شخص يلهو في مواقع التصوير ويؤدي دوراً في تمثيلية الحرب
وفي إسطنبول لطالما بالغ البعض في رسم صورة جديدة للرجل ولحياة الرفاه التي يعيشها
لكن الرجل يعيش كما يعيش العشرات من حوله ويقاسمهم لقمة العيش التي لا تختلف عن تلك التي كان يأكلها في منزله بمدينة تعز، ليس في مظهره ومخبره ميزة عن سواه، يمكن القول أنها استجدت بسبب المال القاروني المزعوم
يتغاضى البعض ربما بقصد عما ينجزه الشيخ ميدانياً وعن عنايته بالمرابطين في الجبهات ومئات الجرحى والشهداء الذين تخلت عنهم الحكومة، حيث يبذل ما بوسعه لمساعدتهم في مشاريع نموذجية ومستدامة للتأهيل والإدماج في سوق العمل
قناعتي وقناعة أي منصف هو أن الشيخ حمود المخلافي دفع ولا يزال حتى اليوم ثمن قيادته للمقاومة الشعبية في محافظة تعز،التي حررت أهم مدن البلاد من سيطرة الانقلابيين وأمَّنتْ هذه المساحة الاستثنائية التي يتنفس فيها أبناء المحافظة الحرية والكرامة ويعبرون عن إرادتهم ويصفون الحسابات أحياناً بالأدوات الاحتجاجية، وتحدثهم أنفسهم أن بالإمكان القيام بثورة 30 يونيو جديدة محمولين على موجة من الشائعات والاستهداف المعنوي لشخص حمود المخلافي وعائلته، في إصرار يغذيه الانقلابيون القدامى ويعبر عنه أيديولوجيون موتورون و منابر مأجورة
وختاماً : خلال الأيام القادمة إن شاء الله ستتواصل الجهود من قبل السلطات القضائية بدعم كامل من قادة المحافظة وفي مقدمتهم الشيخ حمود المخلافي من أجل طي الصفحة السوداء القاتمة التي هيمنت على مدينة تعز وستنجلي صورة المشهد على واقع مختلف ،وسيعرف الناس حينها الحقيقة كاملة دون تزييف