ينادونني خادمة: العنف اللفظي ضد السمراوات

منذ شهر

تعز- عبد الغني عقلان “ينادونني خادمة” عنف لفظي وإساءة نفسية يستهدف السمراوات في اليمن

تواجه العشرينية هدى اسم مستعار، يوميًا هذا العنف في الشارع من الجميع

تقول هدى لـ«المشاهد»: “في البداية اعتقدت أن السبب في مناداتي بـ”الخادمة” أني فقيرة، لكنني اكتشفت أن هناك سبب آخر

وتضيف: “رغم أننا جميعًا مسلمون إلا أن هناك من يمارس العنصرية لأن بشرتنا سمراء وفقراء”

مذكرةً بعدم تفريق الإسلام بين الأبيض والأسود إلا بالتقوى، بنص الحديث النبوي

تنتمي النساء السمراوات إلى فئةٍ مهمّشةٍ يُطلق عليها المجتمع اسم “الأخدام”

ويتواجد أفراد هذه الفئة في جميع مناطق اليمن، حيث يعملون في مهن محدودة الدخل، مثل النظافة، وخدمة الأعراس، وزراعة الخضروات

ويلجأ البعض منهم إلى التسول

تقدر ورقة بحثية،  نشرها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، أعداد المهمشين باليمن بين 500 – 800 ألف نسمة، أي ما نسبته 1,4 % – 2,6 % من السكان

 النساء المهمشات أكثر عرضة للعنف وسوء المعاملة في الشوارع بحكم عملهن في الشوارع في النظافة، التسول أو البيع في الطرقات

ومن أشكال العنف الذي يتعرضنّ له العنف اللفظي والإساءة النفسية في الأسواق و الشوارع

ترى المدير التنفيذي لجمعية “حياتنا” للتعايش، ريمان حميد علي، أن التمييز الاجتماعي الممارس ضد النساء السمراوات سبب رئيسي لهذا العنف

 وكذلك تدني مستوى الوعي الحقوقي المجتمعي تجاه النساء، والنظرة الدونية المتوارثة جيلًا بعد آخر ضد النساء السمر منذ زمن

وتقول ريمان لـ«المشاهد»: إن عدم تطبيق القانون ومواثيق حقوق الإنسان، والعقدة الاجتماعية المكرسة ضد ذوات البشرة السوداء، فاقم مشكلة التمييز

كما أدت كل تلك الأسباب إلى ارتفاع نسبة التمييز تجاه النساء السمر وحرمانهنّ من التعليم بسبب التنمر في المدارس

وأضافت: الموروث الاجتماعي جعل نسبة الأمية مرتفعة في أوساط السمراوات، ولم يعد بمقدورهنّ الدفاع عن حقوقهنّ المسلوبة

وفي نفس السياق، يعتقد الفنان، مشير أمين، (24 عامًا)، من المهمشين، أن العنصرية هي من تجعل المجتمع يطلق هذه التسميات

معتبرًا أنها تسميات لم ترد في الشرع أو القانون، وأصبحت عرفًا اجتماعيا قائمًا

ويقول لـ«المشاهد»: كوننا سود فهذا لا يعطي أحدًا الحق بتسمية نسائنا (خادمات) فهنّ خدمٌ لله وحده، وليس للمجتمع كما يتصور البعض

الفنان مشير أمين: العنصرية هي من تجعل المجتمع يطلق هذه التسميات

كوننا سود فهذا لا يعطي أحدًا الحق بتسمية نسائنا (خادمات) فهنّ خدمٌ لله وحده، وليس للمجتمع كما يتصور البعض

”تشير الباحثة في الشؤون الاجتماعية والإنسانية ريهام أنيس، إلى أن التعرض المستمر للإهانات والكلمات الجارحة يؤدي إلى الاكتئاب والقلق

كما يؤدي إلى شعور النساء -تحديدًا- بالعجز عن تغيير وضعهنّ

وتضيف لـ«المشاهد» العنف اللفظي يتسبب في تقليل احترام المرأة لذاتها وتشعر بأنها غير جديرة بالاحترام والحب

بالإضافة إلى أن تكرار مثل هذه الأفكار السلبية لدى النساء يجعل هذه التسميات جزءًا من هويتها

وتواصل ريهام أنيس: وضع كهذا يؤدي إلى عزل المرأة عن المجتمع وزيادة مستوى التوتر والضغط النفسي وصعوبة التأقلم مع الحياة

الباحثة ريهام أنيس: العنف اللفظي يتسبب في تقليل احترام المرأة لذاتها وتشعر بأنها غير جديرة بالاحترام والحب

تكرار مثل هذه الأفكار السلبية لدى النساء يجعل هذه التسميات جزءًا من هويتها

وهذا يؤدي إلى عزل المرأة عن المجتمع

”من جانبه، يقول الصحفي جميل المصعدي إن وصف المرأة المهمشة بالخادمة من قبل البعض يصنف كتنمر لفظي وإساءة لفظية

ويتابع: هذه الإساءات تؤدي إلى الإيذاء النفسي والألم العاطفي، وتجعل المهمشة تشعر بالاضطهاد والنقص، والشعور بالدونية والظلم والاحتقار

تعتقد الناشطة الحقوقية ريمان حميد علي، أن مناداة السمراوات بألفاظ تمييزية يعمق الفجوة الاجتماعية، ويرفع نسبة الكراهية والحقد الطبقي

مطالبةً بضرورة وجود قانون يجرم التمييز والتلفظ بألفاظ تمييزية ضد النساء ذوات البشرة السوداء، وحماية حقوقهنّ المدنية والاقتصادية والاجتماعية

بالإضافة إلى نشر الوعي الحقوقي وسط المجتمع وتمكينهنّ في مختلف المجالات

يقترح المصعدي  سد الفجوة الاجتماعية من خلال التعليم والتوعية في المدارس والجامعات وعبر وسائل الإعلام

كما يطلب إصدار فتاوى دينية بتحريم الإساءة اللفظية أو الانتقاص أو التنمر بالألفاظ المسيئة، وتنوير المجتمع عبر المساجد وخطب الجمعة

يرى نائب مدير مكتب حقوق الإنسان بمحافظة تعز، أحمد طه، أن التشريعات والقوانين لا تمنع عملية دمج النساء السمراوات

ويستدرك: لكن وجود التشريعات والقوانين غير كافٍ، فالمسألة تحتاج إلى إرادة سياسية واستراتيجيات وطنية قريبة وبعيدة المدى

لافتًا إلى أن القضية ذات جذور تاريخية تعود لقرون؛ وذلك بسبب الاضطهاد السياسي المتراكم الذي أنتج فوارق طبقية

ويطالب طه بإيجاد سياسة وطنية تردم الفوارق الطبقية، عبر التمكين الاقتصادي والتعليم، وعمل برامج تنموية وزيادة الوعي المجتمعي للحد من للتمييز

داعيّا إلى إيجاد تشريعات تعاقب السلوكيات التمييزية والعنصرية من أي شخص؛ لإنهاء ثقافة ورواسب الماضي العالقة، وترسيخ ثقافة المواطنة المتساوية

في الختام، تأمل هدى يوما أن يناديها الجميع باسمها بدلا من “خادمة” لتشعر أن حقها في اسمها على الأقل موجود في المجتمع

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير