يوميات مدينة الزحام
منذ 2 سنوات
لم يكن الطالب الجامعي هاشم الشيباني ( 25 سنة ) الوحيد الذي يتأخر عن موعد المحاضرات في كليته ، لكنه واحدا من مئات الطلاب الذين يواجهون صعوبات يومية في الوصول الى الجامعة في الموعد المحدد ، بسبب الازدحام المروري الكثيف في شوارع مدينة تعز
يوضح الشيباني تلك الصعوبات اليومية بقوله : “دائما ما أتأخر في الوصول الى الجامعة في الموعد المحدد ، بسبب الزحام في شوارع تعز ، والاختناقات المرورية في اوقات عمل الجامعة والمدارس والدوام الرسمي وضيق الشوارع، مادفعني الى تحمل كلفة اضافية لاستئجار دراجة نارية بدلا من الانتقال بالميني باص الاقل كلفة”
ويتساءل الطالب الجامعي حول دور الجهات الحكومية في ايجاد حلول لهذه المشكلة التي يعاني منها طلاب وموظفون
ومتسوقون ايضا كما يقول
مشيرا الى انه “بالإمكان فتح خطوط سير جديدة ممتدة من جولة وادي القاضي الى جولة سنان وتوسيعها والاهتمام بها ، واعادة تشغيل الاشارات الضوئية وتطبيق قانون السير بشكل صارم”
وبين الوضع الذي تعيشه اليمن نتيجة الحرب التي تدخل عامها التاسع وبين عدد سكان مدينة تعز البالغ بحسب الاسقاط السكاني للعام 2022م 815 الف نسمه لمدرياتها الثلاث القاهرة والمظفر وصالة تستمر حكاية الزحام
مبادرة نحو العطاء مبادرة مجتمعية شبابية من ابناء المدينة حاولت في العام٢٠٢١ المساهمة في جانب من الحل للمشكلة تمثل في اعادة تفعيل نظام الاشارات الضوئية العاطل في شوارع المدينة منذ اندلاع الحرب
يقول ايمن الصراري رئيس المبادرة ” السلامة المروية وأمان المواطنين كانا الدافع وراء تنبي المبادرة المجتمعية مهمة اعادة تفعيل الاشارات الضوئية بغرض الحد من الزحام وفوضى السير للمساعدة في اعادة نظام التقيد بقواعد السير والسلامة المروية”
عملت المبادرة بالتنسيق مع المجتمع المحلي الاوسع من خلال مبادرات مجتمعية اخرى وجهات مانحة لاعادة تفعيل نظام الاشارات الضوئية في اكثر المناطق ازدحاما (شارع جمال و جولة المسبح وجولة وادي القاضي)
نجح الامر بداية في جولة المسبح يقول الصراري ما شجع المبادرين على الاستمرار لكن الامر سرعان ما تدحرج نحو الانهيار ” لقد اعتاد البعض كسائقي الحافلات الصغيرة والدراجات النارية التحرك بخلاف قواعد السير التي حددها القانون ” يضيف الصراري
من جهته يرى المواطن علي غلاب أن هناك مقترحات عملية اكثر فاعلية لتخفيف الزحام مثل “شق الطريق المشمول بالمخطط المعماري الذي يمر داخل فناء مصنع الشيباني و المتجه من منطقة الحصب الى جامعة تعز وهو طريق مختصر” في المقابل يرى اخرون في هذا الحل مشكلة اخرى تتعلق بارضية المصنع
يضيف غلاب ايضا:” رصف وتوسعة طريق صينا وهو طريق فرعي معبد متجه الى منطقة حبيل سلمان والجامعة مرورا بالمدينة السكنية يمكن ان يساهم ايضا في التخفيف من الازدحام المروري الذي اصبح معناة يومية للسكان
خاصة في اوقات الذروة”
مدير عام الشؤون الفنية لمكتب الاشغال العامة والطرقات المهندس محمد القرشي يفيد من جهته أنهم سبق وأن وضعوا خطة لتطوير تقاطعات جولات الشوارع وعمل خطوط لعبور المشاة و خطوط توزيع السيارات وتركيب كاميرات مراقبة والاشارات الضوئية في جولات المدينة لكن كل ذلك تعذر تنفيذه بسبب غياب التمويل كما يقول
وبشأن مقترحات الحلول البديلة عبر الشوارع الفرعية يقول القرشي أن:” وجود مبنى سكني نتيجة البناء العشوائي عرقل شق طريق الحصب”
مشيرا الى ان هناك مقترحات لتوسعة شوارع فرعية مثل شارع صينا وهي مقترحات قدمت العام ٢٠١٠ لكن لم يتم تنفيذ ها
عمر صالح وهو سائق حافلة صغيرة (ميني باص) في المدينة يقدم رؤية مختلفة حيث يقول انه وقبل تنفيذ الحلول فان الامر يتطلب اعادة توزيع الباصات والحافلات بحيث يلتزم الجميع بخط السير المخصص له وفقا لما حددته ادارة المرور ومنع المحلات التجارية من استخدم الارصفة والشوارع لعرض بضائعهم ” مضيفا”لابد ايضا من تحسين رواتب ومكافات منتسبي شرطة المرور ، حتى يكون بمقدورهم ضبط السائقين ، والتطبيق الصارم للقانون والمخالفات ، بدلا من غرامات بسيطة لا تورد الى خزينة الدولة”
السائق وهو احد الذين يحملهم المجتمع مسؤولية الاختناقات المروية يقترح ايضا “التقليل من وقت انتظار الاشارة حتى يتعود السائقون عليها بعد ثمان سنوات من غياب الالتزام كنتيجة طبيعية للحرب والى جانب ذلك يعتقد ان التوعية بأهمية الالتزام بقواعد السير للسائقين والمشاة من شانه ان يخلق وعي افضل بقواعد السير ويعزز الالتزام بها”
مدير شرطة السير بمدينة تعز العقيد عبد الله راجح يقول ان التقاطعات التي تحتاج الى إشارات ضوئية في المدينة عددها 15 تقاطع ، وهي جوله ( بير باشا ، الحصب ، وادي القاضي ، قسم الجديري , المجمع الطبي النسرية ، المسبح ، العواضي , باب موسى , الباب الكبير , الحمادي , النقطة الرابع , مدرسة الشعب , تقاطع اليمنية , التحرير الاسفل , جولة سنان , الكهرباء سابقا )
مبينا راجح أنهم قدموا خطة محدثة لمعالجة الاختناقات المرورية سلمت لمكتب المحافظة ، وتشمل اعادة توزيع حركة الباصات على الشوارع والاحياء وضمهم في فرزات بشكل افضل من السابق ، الى جانب ترقيم الباصات و الدراجات النارية لافتا الى ان عدد الباصات يقارب الالف باص وانه سيتم ترقيمهم ضمن الخطة المقترحة
تجربة الاشارات الضوئية التي نفذها مبادرون مجتمعيون في مدينة تعز استلهمت من تجربة مشابهة تمت في محافظة الصدر العراقية وحققت نجاحا هناك لكنها فشلت في تعز
استخدمت تجربة العراق اسلوب استغلال المتاح ومن ثم توسيعه في ظل قبول وتعاون رسمي، حيث تم اعتماد نظام خطوط السير الزوجية والفردية ورفع التجاوزات من الشوارع والارصفة ، وتشجيع طلاب الجامعات والموظفين على استخدم باصات النقل العام بدلا عن السيارات الخاصة ، مع تطبيق صارم للقانون وتفعيل الغرامات الفورية للمخالفين
المبادرة العراقية اعتمدت كذلك على تفعيل الاشارات المرورية الذكية والزام اسواق الجملة والحمولات الثقيلة بنقل البضائع ليلا ، كما ذهبت نحو حث الحكومة على استحداث مناطق سكنية جديدة وتشجيع الناس على السكن فيها وانشاء مجمعات حكومية خارج مركز العاصمة
والى جانب فارق الامكانات بين العراق واليمن ، فان الحصار الذي يفرضه الحوثيون على تعز منذ ثمانية اعوام واغلاق اجزاء من احيائها نتيجة المواجهات فرض واقعا صعبا على السكان وحد من قدرتهم على الحركة في 50% من مساحة المدينة
ومع الانهيار الذي اصاب معظم اجهزة الدولة بفعل الانقسام الحاد في الجيش والامن ، عقب انقلاب الحوثيين على الحكومة المعترف بها دوليا انهارت قواعد تنظيم السير ودمرت اشارات المرور في اغلب مدن البلاد ورغم الجهود المحدودة التي بذلت لاستعادة المدينة عافيتها الا ان الازدحام المروري بات اليوم يشكل احد ابرز الصعوبات اليومية التي تواجه المواطنين
تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصاديليصلك كل جديدالاعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير