"إب" بعد نكبة الحوثي.. من مدينة للسلام إلى مصدر للجريمة المُروّعة (تقرير خاص)

منذ سنة

على النقيض تماماً تحولّت محافظة إب (وسط اليمن)، بعد انقلاب مليشيا الحوثي في خريف 2014م، من محافظة مُسالمة يجنح أبنائها إلى السلمية والمدنية؛ إلى مدينة تتصدر أخبار الجريمة فيها شاشات التلفزة ووسائل الإعلام المختلفة

 تُشير الإحصاءات المُسجلة للجريمة والتي تعترف بها مليشيا الحوثي الإرهابية، إلى تصدر محافظة إب قائمة المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الانقلابيين الحوثيين بمئات الجرائم شهرياً من بينها عشرات حوادث القتل والانتحار، وهو اعتراف علني بمدى الخطيئة التي ارتكبتها المليشيا عن قصد بحق المحافظة وسكانها التي لم تكن يوماً قبل نكبة 21 سبتمبر المشؤومة؛ إلاّ مدينة للسلام والتعايش والمدنية

 المتابع للأحداث في المحافظة منذ ما بعد الانقلاب وحتى الآن ومع هذا الانتشار المُفزع للجريمة يدرك أن ما تشهده إب، لا يخرج عن كونه عمل منظم وممنهج لضرب سمعة إب الاعتبارية ونسيجها الاجتماعي وتدمير بنيتها الشعبية تقوم به المليشيا الحوثية التي ترى في انتشار الجريمة وتوسعها فرصة لاستمرارها متسلطة على أبناء المحافظة

 إحصائيات

وحوادث مُروّعة تصحو محافظة إب على جريمة وتنام على أخرى، خصوصاً جرائم القتل التي لا تتوقف وغالبيتها يقوم بها أفراد من مليشيا الحوثي أو على صلة بهم، آخرها قيام القيادي الحوثي أحمد الضحياني بقتل المهندس (جياب الشوكي) في مديرية النادرة

 وحسب إحصائية أمنية، اعترفت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران مؤخراً بتوثيق 605 جريمة خلال الشهر الماضي من بينها 38 حالة قتل وإصابة

 ومنذ مطلع الشهر الجاري وحتى اليوم رصد يمن شباب نت، 8 حالات قتل شهدتها المحافظة الخاضعة لسيطرة الحوثيين من بينها حوادث عنف أسرى مُرعبة، إضافة إلى 5 حالات انتحار

 وكانت أبشع الحوادث المرصودة ثلاث حوادث صادمة للمجتمع من بينها حادثة مقتل أم ذبحًا على يد ولدها الذي أكدت مصادر مقربة منه لـ يمن شباب نت أنه كان يعاني من حالة نفسية بعد تدهور وضعه المعيشي، أوصلته إلى هذا الحد

 حادثة قتل الأم التي شهدها حي جرافة بالمدينة، سبقتها حادثة في حي الجوازات شرق المدينة، حين أقدم شاب على قتل زوجته وشقيقه قبل أن يقدم على قتل نفسه منتحراً في حادثة غامضة الدوافع

 ولم تكن تلك الحادثتين أبشع من حادثة قيام طفل في الثانية عشر من عمره من أبناء قرية المعزبة بمنطقة صهبان بقتل نفسه عبر إطلاق النار من بندقية على قلبه وتوثيق الحادثة بالهاتف في حادث لا تزال ملابساته يكتنفها الكثير من الغموض

حوادث قتل وعنف أسري شنيعة تُشير إلى مدى تسبب الفكر الحوثي وثقافة القتل التي تنشرها المليشيا عبر المنابر الإعلامية والتربوية والدعوية المختلفة التي باتت تُسيطر عليها قسراً، فضلاً عن الدورات الطائفية التي تُجبر الأهالي على حضورها، تُشير إلى مدى تسبب كل ذلك في انتشار الجريمة واستمرائها في المجتمع

 الحوثية  أم المصائب يؤكد الناشط الحقوقي والإعلامي أحمد هزاع، أن مليشيا الحوثي الإرهابية هي أم المصائب التي ضربت إب، واستهدفت النسيج الإجتماعي لأبناء محافظة إب وقيّم مجتمعها

 ويضيف في حديث خاص لـ يمن شباب نت، أن الجريمة ازدهرت وارتفعت أعدادها مع قدوم المليشيا إلى المحافظة ونشر السلاح بشكل كبير

 وتابع: مع مقدم الحوثي إلى المحافظة أصبحت الجريمة منتشرة بشكل كبير، وخاصة منها جرائم القتل التي ارتفعت بشكل مرعب ومقلق، مشيراً إلى أن انتهاكات الحوثيين بحق الأهالي وغياب القانون وإغراق المدينة بالعصابات المسلحة وأصحاب السوابق من أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الجريمة

 ولم يغفل عضو منظمة الجند لحقوق الانسان، تورط المليشيا في إغراق المحافظة بالمخدرات والحشيش والحبوب المخدرة واستهداف النشأ، الأمر الذي ساهم إلى جانب خطاب القتل والموت الطاغي في نشر حوادث القتل واستمرائها لدى أبناء المجتمع

 من جانبه يرى الصحفي عبدالرحمن الشوافي، أن استمرار سيطرة المليشيا الحوثية وتغذيتها لخطاب العنف ومنطق القتل إلى جانب تركة الحرب الثقيلة والضغوطات النفسية خلق جيل من القتلة بإمكانهم القتل لمجرد القتل

 وأضاف في منشور على فيسبوك، تعليقاً على ارتفاع منسوب الجرائم في إب: جرائم قتل الأقارب وحالات الانتحار وارتفاع منسوب الحالات النفسية ينبأ عن وضع كارثي في حال استمرار سلطة الجماعة الإرهابية

 انفراط العقد لكي نفهم ارتفاع أعداد الجرائم البشعة في اب الخاضعة لسيطرة الحوثي في السنوات الأخيرة، علينا أن نفهم مجموعة من الحقائق التي تساعد في فهم صورة أفضل لكل ما يجري في إب

  وفي هذا السياق يقول الصحفي سلمان المقرمي، أن إب تبرز في مقدمة المحافظات التي تناهض الحوثي، بعيدا عن الحكومة الشرعية والتحالف والمقاومة الشعبية في المحافظات المحررة، أي أن إب تنتهج مقاومة شجاعة وخلاقة وفاعلة ضد الحوثي

 ويُضيف في حديث خاص لـ يمن شباب نت، أن طبيعة إب الجمهورية وطريقتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية تؤهلها لصدارة المحافظات التي تقاوم الحوثي بكل السبل، وبالتالي يعمل الحوثي على إغراق المحافظة بالجريمة

 ويُشير إلى أن العمل يُشكل المصدر الرئيسي للدخل لأبناء المحافظة ولذا نجدهم في طليعة التجار والمزارعين والمغتربين أي أنهم بالأصل ضد الجريمة وضد المال من غير عمل، وهذا أمر مهم يقف على النقيض من جماعة الحوثي

 ويذهب الصحفي المقرمي إلى أبعد من ذلك حين يؤكد أن المحافظة انخرطت من القبضة الأمنية لمليشيا الحوثي وباتت خارج قدرتها وسيطرتها، مستشهداً بإرسال الحوثي القادة الأمنيين التابعين للجماعة إلى المحافظة وآخرهم قائد حمايته الشخصي السابق أبو علي الكحلاني وهو رابع أو خامس مدير أمن لهذه المحافظة وهذا لم يحدث في أي محافظة أخرى

 ويضيف: استطاع الحراك الشعبي والإعلامي في إب أن يفرض رقابة شديدة على جماعة الحوثي ولذا نجد التسريبات والأخبار والوثائق في اب تنتشر عن جماعة الحوثي أولا بأول نتيجة قوة الضغط الشعبي الهائل الذي يعزل جماعة الحوثي عن المجتمع

 ويؤكد على هذه الفرضية بالقول: علينا أن نتذكر أيضاً أن ضغطا شعبيا في إب قد أجبر الحوثي على تغيير قاضي من المحكمة وقد نجحوا مرات أخرى في تعيين أو عزل مسؤولين حوثيين، هذا لم يحدث في أي محافظة أخرى يسيطر عليها الحوثي

 تفاعل مجتمعي حوادث القتل والانتحار وجرائم العنف الأسري التي انتشرت بشكل مُرعب في إب دفع كثير من الإعلاميين والناشطين من أبناء المحافظة إلى الخروج للعلن وتحميل المليشيا المسؤولية عن الوضع الذي وصلت إليه المحافظة، والدعوة إلى بحث الظاهرة ووضع الحلول العاجلة لها كما دعوا في حملات الكترونية إلى منع حمل السلاح

 الصحفي نشوان النظاري، يقول إن تفشي وانتشار ظاهرة الجريمة في محافظة إب خلال الأشهر القليلة الماضية، والتي ازدادت وتيرتها خلال هذا الشهر، أمر محير بالفعل ويستدعي الوقوف ودراسة الظاهرة ومعرفة أبعاد ما يحدث

 ويضيف في منشور على فيسبوك: حوادث جنائية داخل المنزل الواحد والقرية الواحدة، وحتى وصل الأمر إلى القتل في الشارع العام وفي قلب مدينة إب، بل تعدى ذلك ليقوم أحدهم بذبح أمه وفصل رأسها عن جسدها

مشيراً إلى أن الجرائم الأخيرة وعلى تلك الشاكلة لم تحدث في مجتمع إب، وهذه ظاهرة خطرة وتحتاج دراسة وعمل أبحاث

 ويتابع: بالفعل، أمر باعث بالقلق والخوف لا سيما إذا استمرت الجريمة بالتصاعد على هذا النحو المخيف

 ويوافقه في الرأي الناشط أمين العربي، بقوله: لا يكاد يمضي أسبوع الا ونسمع مثل هذه الأخبار الصادمة

سنسمع الكثير والكثير غن لم تتحرك الجهات المعنية للحد من هذه الجرائم المرعبة وعمل  الدراسات والبحوث

 وأضاف: المجتمع سيغرق إن لم تتحرك وتتظافر الجهود للحد من انتشار هذه الجرائم التي لم نعهدها ولم نسمع عنها الا في هذا الزمن البائس !!!

 أما محمد صادق الحميدي، فيرى أن أغلب الجرائم دافعها الرئيسي الفقر، مُحملاً المليشيا الحوثية المسؤولية عن ذلك بالقول: المجرم الحقيقي هو من أوصل الشعب الى هذا المستوى