”إستٌ في الماء وأنف في السماء”

منذ 2 سنوات

وقف أستاذ الأدب العربي في ثانوية خور مكسر بعدن عام ١٩٦٥ يشرح لنا درساً في البلاغة عن التشبيه ، والكناية ، والتورية ، والاستعارة والاستعارة المكنيّة

فأورد لنا في التشبيه مثالين ،الاول :كأننا والماء من حولنا /قوم جلوس حولهم ماء والثاني :كأن مثار النقع فوق رؤوسناوأسيافنا ليل تهاوت كواكبهثم شرح الفرق بين التشبيهين بأن الأول يشبّه الشيءَ بذاته ، وهو لا يعكس أي معنى من معاني البلاغة ؛ في حين أن الثاني تشبيه يتضمن معظم عناصر البلاغة مثل الاستعارة والكناية ، والتورية

وهو ما يجعل الشعر العربي ذا قيمة في حياة العرب حينما يتعلق الأمر بإكساب المادة قيمة وجدانية ، مثار النقع وهو ما يتخلف من سنابك الخيل عند عدوها ، أسيافنا ليل تهاوت كواكبه ، يصف حالة الفزع التي تملكت القوم عند الغارة

ثم انتقل إلى الأمثلة التي يتداولها العرب وكانت تجسد انماطاً من سلوكهم

إستٌ في الماء ، وأنف في السماء

وتوقف حائراً ، وقال : كيف أشرحها لكم

هذه من أهم ما ذهب إليه العرب في تلخيص مكثف لجانب من سلوكهم

ويقصد بها : كأن يصاب المرء بعثرة تشتد معها حاجته لمساعدة غيره ، وحينما تزول الحاجة يعود إلى سلوكه القديم في التعالي حتى على من ساعد في سد عثرته

ثم قال : هذا السلوك هو جزء من ثقافة العرب انتقلت عندهم من جيل إلى جيل

ولكي أؤكد لكم ذلك ، هذا اليوم الصباح أعطيت للمراسل الذي يعمل في إدارة المدرسة خمسة شلن كان طلبها مني قبل فترة

أريد واحد منكم يروح يسأله عن المساعدة ، ويشوف كيف با يكون جوابه

تبرع زميلنا صالح عبد الله حسين وراح يسأل المراسل : -هاه اليوم الاستاذ عبد الوهاب ( بوّنَك) يعني أعطاك فلوس

عاد إلينا صالح ، وكان الرد الذي حمله :-إيوه أعطانا ، إيش من حق أبوه !! ثم قال الاستاذ :هذا هو التفسير العملي لهذا المَثل الذي قال به العرب منذ أكثر من ألف وخمسمائة سنة ولا يزال يجسد جانباً من سلوكهم حتى اليوم : إست في الماء وأنف في السماء