“الزحف العمراني” يلتهم الأراضي الزراعية في سعوان بصنعاء
منذ 4 ساعات
صنعاء – عبدالله جابر:كان الأربعيني عبدالله الجعدي، العائد من بلد الاغتراب، يبحث عن شراء قطعة أرضٍ لبناء منزلٍ له ولعائلته
لم يجد قطعة أرض تُباع في أحياء مدينة صنعاء بسعرٍ يتناسب وإمكانياته المالية
يقول الجعدي في حديثه لـ”المشاهد” إن سماسرة العقارات أخبروه أنه يمكن أن يجد أرضًا للبناء في منطقة سعوان، القريبة من مديرية بني حشيش بسعرٍ مناسبٍ، وبأقل من سعر الأراضي في مدينة صنعاء
وبالفعل، استطاع الجعدي أن يجد قطعة أرضٍ للبناء في منطقة سعوان
وبدأ في البناء رغم تعرضه لمضايقاتٍ من بعض مسؤولي إحدى الجمعيات الزراعية في تلك المنطقة، حيث يعارضون استحداث مبانٍ سكنيةً جديدة هناك؛ بحُجة أنها أراضٍ زراعية
الجعدي، وهو واحد من بين المئات ممن اشتروا أرضًا للبناء في منطقة سعوان، التي تقع شمال شرق صنعاء، واشتهرت بأراضيها الزراعية الشاسعة، وفيها تتم زراعة العنب والبلس والليمون والنباتات العطرية، إضافةً إلى زراعة القات
وكان البناء العمراني في منطقة سعوان محدودًا، وأغلب الأراضي زراعية، لكن التوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية في السنوات الأخيرة
جعل مساحة العمران تتوسع، وفي المقابل تتقلص الأراضي الزراعية الخصبة
محمد صلاح : ما يشجع على شراء الأراضي للبناء في منطقة سعوان أنها “أراضٍ حرة”، بحسب وصفه، أي ليست تابعةً للأوقاف، وهذا ما يفضله الكثير من الناس؛ نظرًا للرسوم الباهظة التي تفرضها هيئة الأوقاف التابعة لجماعة الحوثي بصنعاء
وحول الإقبال الكبير على شراء الأراضي للبناء في منطقة سعوان، يقول محمد صلاح، وهو شيخ قبلي، إن الكثير منهم مغتربون وآخرون من أبناء طائفة البهرة قدِموا إلى منطقة سعوان من أجل بناء عمارات وشقق سكنية
حيث وجدوا المنطقة مناسبة لاستثماراتهم العمرانية
ويضيف صلاح في حديثه لـ”المشاهد” أن ما يشجع على شراء الأراضي الزراعية للبناء في منطقة سعوان بصنعاء أنها “أراضٍ حرة”، بحسب وصفه، أي ليست تابعةً للأوقاف
وهذا ما يفضله الكثير من الناس؛ نظرًا للرسوم الباهظة التي تفرضها هيئة الأوقاف التابعة لجماعة الحوثي بصنعاء
لكن لماذا يقوم ملّاك الأراضي الزراعية ببيعها رغم أنها أراضٍ زراعية خصبة؟ يقول علي جار الله، أحد المزارعين في منطقة سعوان، إن الكثير من المزارعين يقومون ببيع أراضيهم الزراعية لأسبابٍ تتعلق بعدم قدرتهم على الاستمرار في زراعتها، أو تتعلق بقلة المياه من ناحية
وكذلك ارتفاع أسعار المشتقات النفطية بما فيها الديزل المستخدم لري المحاصيل الزراعية، وفي بعض الأحيان انعدامه
وهو ما يجعل العائدات المادية من زراعة المحاصيل والفواكه غير مربحة
بالإضافة إلى غياب الدعم المادي والمعنوي للمزارعين من خلال مساعدتهم على شراء منظومات الطاقة الشمسية الكبرى من قبل وزارة الزراعة والسلطات المحلية
والإغراءات المالية التي يقدمها تجار ورجال أعمال لشراء الأراضي بأسعارٍ أكثر مما كانت عليه في السابق بكثير
هذه الأسباب، بحسب جار الله، عوامل شجعت ودفعت الكثير من المزارعين وغير المزارعين من ملّاك الأراضي في سعوان إلى بيعها بأسعارٍ باهظة
ويضيف جار الله في حديثه لـ”المشاهد“: “مرّت علينا أزمات كثيرة وفي بعض الأحيان جفّت أشجار العنب، ولم نجد من يدعمنا بسبب شح المياه، ولم يكن لنا خيار سوى بيع الأراضي بأسعارٍ مناسبة تعوضنا عن خسائرنا الفادحة، وهذا من حقنا”
وفي ذات السياق، يرى عبدالله بشير، المسؤول في جمعية سعوان التعاونية الزراعية، عكس ذلك، ويشير إلى أن الزحف العمراني تسبب بوقوع أضرارٍ كثيرة بالنسبة للمزارعين الذين خسروا الكثير من محاصيلهم نتيجة استقطاع جزء من أراضيهم التي كانت مزروعة، وخاصةً في منطقة العشة وخربة سعوان اللتين أصبحتا عمارات سكنية
ويضيف بشير لـ”المشاهد“: “نحن كجمعية زراعية نرفض رفضًا قاطعًا بيع الأراضي الزراعية، ونعمل على توعية الملّاك بخطورة هذا الأمر على السمعة الطيبة للمنتجات الزراعية التي تجود بها سعوان وبني حشيش”
وأشار إلى أن الجمعية تسعى لتوقيع ميثاق شرف من قبل مشايخ وقبائل ومزارعي سعوان لرفض بيع الأراضي الزراعية وتحويلها للبناء العمراني
واعتبر أن عمل مثل هذا الميثاق هو من أجل مستقبل المزارعين من أبناء سعوان، ومن أجل استمرار الحفاظ على البيئة، ومن أجل تدفق المحاصيل الزراعية إلى العاصمة صنعاء وباقي المحافظات اليمنية، بحسب تعبيره
وفي حديثه مع “المشاهد”، يرى المهندس الزراعي محمد السامعي أن قلع الأشجار والنباتات من الأراضي بهدف بناء مساكن تُستخدم فيها مواد البناء كالإسمنت والطوب والحديد يؤدي إلى تدني جودة التربة
للوقوف أمام مشكلة الزحف العمراني على حساب الأراضي الزراعية في منطقة سعوان، أكد مراد القانص، مدير مكتب الأشغال بالمنطقة، لـ”المشاهد“: “اتخذنا قرارات بمعاقبة المخالفين سواءً البائعين أو المشترين الذين يستخدمون الأراضي الزراعية بهدف بناء المساكن”
مراد القانص :بعض ملّاك الأراضي الزراعية يبيعون أجزاءً من أراضيهم سرًا، وهي المشكلة التي يجب أن تنظر إليها وزارة العدل من خلال إصدار تعاميم للأمناء الشرعيين بعدم بيع أي أراضي زراعية دون موافقةوأضاف أنه تم التواصل مع مشايخ وعُقّال المنطقة وتحذيرهم من مخالفة قرارات مكتب الأشغال
مضيفًا أنه تم التنسيق مع وزارة الزراعة والمجالس المحلية في هذا الإطار
ولفت القانص إلى أن بعض ملّاك الأراضي الزراعية يبيعون أجزاءً من أراضيهم سرًا
وهي المشكلة التي يجب أن تنظر إليها وزارة العدل من خلال إصدار تعاميم للأمناء الشرعيين بعدم بيع أي أراضي زراعية دون موافقة من السلطات المحلية في سعوان، وَفقًا للقانص
الزحف العمراني على حساب الأراضي الزراعية الخصبة ليس في منطقة سعوان بصنعاء فقط
فهناك الكثير من المناطق وخاصةً في مدينة إب التي تشتهر بأراضيها الزراعية التي تزرع فيها أصناف الفواكه والخضروات
في ظل عدم وجود إجراءاتٍ رادعة لإيقاف تحوّل المساحات الخضراء الخصبة إلى مساحاتٍ إسمنتية وبنايات سكنية
يُشار إلى أن المساحة الصالحة للزراعة في الجمهورية اليمنية تبلغ نحو 1,539,006 هكتار، فيما تمثل المساحة المزروعة منها حوالي 1,241,387 هكتار، أي بنسبة 81%
كما يبلغ متوسط مساهمة القطاع الزراعي حوالي 13
7% من إجمالي الناتج المحلي، وبلغ متوسط مساهمة قطاع الزراعة في الدخل القومي 16
5% للجمهورية اليمنية
وَفقًا لإحصائياتٍ صادرة عن المركز الوطني للمعلومات، كما أن نسبة العاملين في الزراعة تصل لـ54% من إجمالي القوى العاملة في البلاد وَفقًا للمركز الوطني للمعلومات
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير