السوريين في اليمن: آمال بالعودة
منذ شهر
تعز – بشرى الحُميديمع سيطرة المعارضة المسلحة على السلطة في سوريا مطلع ديسمبر الماضي، بدأت ملامح السوريين في الشتات ومن بينها اليمن تفكر بآمال العودة
لكن هذا القرار يضل مرتبطا بتحسن الأوضاع الأمنية
كانت الأزمة السورية التي عصفت بالبلاد في 2011، قد أجبرت العديد من السوريين على الهجرة بحثًا عن الأمان والفرص
ومع تزايد وتيرة النزاع، أصبح الخروج من سوريا الخيار الوحيد للكثيرين، سواءً للعمل أو لأسباب إنسانية
وقد وجد العديد منهم في اليمن ملاذًا مؤقتًا رغم الحرب
استقر عدد من اللاجئين السوريين في اليمن المنهك أصلا من الحرب
بعضهم يعملون في القطاع الطبي وغيره من المجالات
وبالتالي كان عليهم التكيف على حياةً جديدةً في ظل ظروف صعبة ومعقدة
بالرغم أن اللاجئين السوريين يشكلون واحدة من أكبر مجموعات اللجوء عالميا حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بعدد يصل إلى 6
2 مليون، إلا أن عدد السوريين المسجلين على قوائم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن لا يزيد عن 4005 لاجئ، حتى نهاية نوفمبر 2020
ومع سيطرة المعارضة المسلحة على العاصمة السورية دمشق مطلع ديسمبر الماضي وسقوط نظام الأسد؛ تضاعفت الآمال بإمكانية عودة اللاجئين السوريين
حيث أعرب العديد من هؤلاء المهاجرين عن رغبتهم في العودة إلى وطنهم بعد أن تحققت بعض المكاسب العسكرية والسياسية
ورغم التحسن التدريجي في الوضع داخل سوريا، إلا أن الكثير منهم يواجهون تحديات صعبة في اتخاذ قرار العودة
إذ يعبرون عن مشاعر متضاربة بين الأمل في العودة إلى سوريا وخوفهم من غموض مستقبل بلدهم
في هذا السياق، تحدث عدد من الأطباء السوريين المقيمين والعاملين في اليمن عن تجاربهم الشخصية والمهنية
استشاري جراحة العظام، الدكتور محمد الشقيف، مواطن سوري يقيم في اليمن منذ أكثر من عام، ويقول إنه يعيش هنا في ظروف جيدة
وأضاف لـ«المشاهد»: استطعت التكيُف مع الوضع باليمن، سواءً على الصعيد العملي أو التفاعل مع المجتمع، وأنا “مرتاح ومبتهج” بالحياة هنا
وفيما يخص الأحداث في سوريا، أشار الشقيف إلى إيمانه بانتصار الثورة في نهاية المطاف، وأن أوضاع الشعب السوري ستتحسن
لافتًا إلى أن الوضع الحالي غير واضح، فالجميع بحاجة للوقت ومراقبة التطورات على الأرض فيما يتعلق بالإصلاحات وتحسين الأوضاع المعيشية
وفي حين أن الشقيف لا يخطط حاليا للعودة إلى سوريا، فقد حسم أمره على البقاء في اليمن لفترة طويلة قادمة
وقال إنه سيواصل حياته هنا وسط أسرته وأصدقائه، وأنه لا يواجه صعوبات كبيرة، بل على العكس
ويرى أن توفير تسهيلات إضافية للعمل مثل التراخيص سيحسن الوضع بشكل كبير على المستوى المهني مستقبلًا
من جانبه، تحدث الجراح السوري المقيم في مدينة تعز، جنوب غرب اليمن، الدكتور محمود عباس، عن تجربته بالعيش في اليمن
مشيرًا إلى وجود استقرار نسبي لامسه في اليمن، الذي كان بمثابة ملاذ آمن له بسبب الظروف التي مرّت بها بلاده
ويضيف: “انتقلت إلى اليمن منذ أربع سنوات بحثًا عن حياة أفضل، واليوم أشعر بالامتنان للحياة التي أعيشها هنا
حيث تمكنت من الاندماج في المجتمع اليمني واكتسبت خبرات عديدة ساعدتني في تطوير نفسي مهنيًا وشخصيًا”
ويزيد: رغم التحديات التي يواجهها اليمن، أستطيع القول إنني أعيش حياة مستقرة هنا
كما أتابع عن كثب الأحداث الجارية في سوريا، وأشعر بتفاؤل كبير حيال المستقبل
فهناك إشارات إيجابية تدل على أن سوريا تتجه نحو الاستقرار والنمو، وهذا ما يمنحني الأمل بالعودة إلى وطني قريبًا
وأشار الدكتور عباس، إلى تطلعه للعودة إلى سوريا لاستئناف حياته هناك
لافتًا إلى أن الحنين للوطن شعور طبيعي لكل مغترب
ولم يخفِ شعوره بالحزن حيال الواقع الصحي باليمن، في ظل نقص الموارد والمستلزمات الطبية
معتبرًا أن ذلك ناتج عن تأثير الأوضاع السياسية والعسكرية على الخدمات الصحية باليمن
ومع ذلك، عبّر عن شعوره بالغبطة لما قدمه من خدمات طبية لأهالي اليمن
وقال: “من خلال عملي في اليمن، شعرت بأنني قدمت شيئاً مهمًا للأشخاص المحتاجين إلى الرعاية الطبية
فالعمل في هذا البلد جعلني أشعر بفرح كبير، لأنني رأيت تأثير مساعدتي في تحسين حياة الآخرين”
الجراح السوري، الدكتور محمد عباس: من خلال عملي في اليمن، شعرت بأنني قدمت شيئاً مهمًا للأشخاص المحتاجين إلى الرعاية الطبية
فالعمل في هذا البلد جعلني أشعر بفرح كبير، لأنني رأيت تأثير مساعدتي في تحسين حياة الآخرين”
بدوره يقول عمر الجزار، مهندس طبي، إنه بدأ العمل في اليمن عام 2022، بناءً على عقد عمل في مركز القلب في مدينة تعز
وأضاف أنه قرر إحضار عائلته إلى اليمن بعد شعوره بالأمان في الأشهر الأولى من تواجده هنا
ويقول الجزاران قدومه إلى اليمن جاء نتيجة للأوضاع الصعبة التي شهدتها سوريا في السنوات الأخيرة
حيث تعرضت البلاد لانهيار اقتصادي واضطراب السياسي وتفاقم الأمر مع وجود جماعات مسلحة أجنبية
وتابع: “استعادة المعارضة السورية السيطرة على دمشق؛ أدى إلى تحسن تدريجي للأوضاع، وبدأت الدول بتقديم المساعدات لإعادة إعمار البلاد
ورغم التحسن الذي شهدته الأوضاع في سوريا، لا يفكر الجزار في العودة إلى بلاده في الوقت الحالي
مشيرًا إلى أنه أصبح يعتبر اليمن وطنًا ثانيًا له، من خلال العلاقات الوطيدة التي بناها مع أهلها”
وأضاف: “اليمن وبلاد الشام يشتركان في العديد من القيم التي تجمع شعوبنا، خاصة في ظل الأحداث المؤلمة في فلسطين وغزة
ورغم بعض الاختلافات في العادات والتقاليد والطعام واللباس، غير أن ما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرقنا”
واصفًا مستوى التعليم في المدارس الأهلية اليمنية بأنه “جيد جدًا”، وأن ظروف المعيشة كانت مناسبة له وعائلته
بينما عبر الطبيب السوري المقيم في اليمن، الدكتور سالم الخليل، عن رأيه حول الوضع الراهن
حيث قال: “نشعر بالراحة والأمان في حياتنا اليومية باليمن، رغم الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب السوري”
وواصل: بالنسبة لوجودي هنا، هو التزام بموجب عقد طبي مع إحدى المستشفيات، وسأتابع العمل حتى نهاية العقد
أما بخصوص العودة إلى سوريا، فالأمر يعتمد على تطورات الوضع الأمني والسياسي هناك
وأوضح: إذا تحسنت الأوضاع وتوجهت نحو الاستقرار، فإن العودة إلى الوطن ستكون خيارًا مطروحًا
أما إذا استمرت التحديات والأوضاع الأمنية غير المستقرة، فسنضطر لتمديد العقد والبقاء هنا في اليمن
فاتخاذ أي قرار بهذا الشأن سيتم بناءً على تقييم الأوضاع في سوريا، فالسلامة هي الأولوية القصوى
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير