: القضاء في مناطق سيطرة الحوثي الإرهابي

منذ 5 ساعات

في مشهد يختزل حجم التحولات التي تشهدها مؤسسات الدولة في اليمن، يتعرض القضاء في مناطق سيطرة الحوثيين لواحدة من أكبر عمليات التغيير التي طالت استقلاله وحياده، بعدما أصبح وفق مصادر حقوقية وتقارير محلية منصة تخضع لهيمنة سياسية وفكرية تتجاوز دوره الطبيعي كضامن للعدالة وحامي لحقوق المواطنين

منذ سيطرة الميليشيا على مؤسسات الدولة، تكشف الوقائع عن موجة تعيينات واسعة داخل السلك القضائي، اتخذت على أساس الولاء والتوجه العقائدي، ما أدى إلى إقصاء قضاة يتمتعون بخبرة مهنية واستقلالية عالية، واستبدالهم بوجوه جديدة تلقت دورات مرتبطة بالحوثي، هذه السياسة بحسب مراقبين أحدثت تحولاً عميقاً في طبيعة العمل القضائي، ودفعت المحاكم إلى بيئة تُقدم فيها الانتماءات على الكفاءة والمعايير المهنية

وتشير شهادات محامين ومرتادي المحاكم إلى أن بعض الدعاوى خصوصاً تلك المتعلقة بخصومات سياسية أو خلافات مع رجال أعمال تُدار في أجواء يصفونها بـغير المتوازنة، وسط تراجع ضمانات التقاضي العادل، من بينها حضور المحامين أو الاطلاع الكامل على ملفات القضايا، ويؤكد قانونيون أن مثل هذه الممارسات تُضعف ثقة المواطنين في القضاء وتمس ركائز العدالة التي تُعد آخر خطوط الدفاع عن المجتمع

أما الاتهامات المتكررة بالتخابر أو التواصل مع جهات خارجية، فتأتي وفق متابعين في سياق محاكمات تتسم بإجراءات سريعة، ما يحوّل القضاء من مؤسسة لحماية الحقوق إلى ساحة تُستخدم لتسوية الحسابات وإعادة إنتاج الهيمنة السياسية

ورغم الانتقادات الواسعة، لا يبدو أن مسار التغييرات سيتوقف قريباً، في ظل مؤشرات على استمرار عمليات الإحلال داخل المحاكم، الأمر الذي ينذر كما يرى القانونيين بفقدان واحدة من آخر المؤسسات المدنية التي ظلت متماسكة نسبياً خلال سنوات الحرب

وبينما تنتظر البلاد حلولاً سياسية شاملة تعيد ترتيب مؤسسات الدولة، يظل ملف القضاء من أكثر الملفات حساسية، ليس فقط لأنه يمس حقوق الأفراد، بل لأنه يمثل معياراً لاستعادة دولة القانون من جديد