“تجريف” دراسة الفلسفة في الجامعات اليمنية
منذ سنة
تراجع اهتمام الجامعات اليمنية بتعليم الطلاب الفلسفة في السنوات القليلة الماضية، ولم يعد الطلاب في اليمن يبدون رغبة بدراسة هذا المجال
في عام 2019، قررت إدارة جامعة صنعاء إغلاق قسم الفلسفة، وألغت القرار بعد عامين بسبب الضغوطات التي مورست عليها من قبل أكاديميين يمنيين متخصصين في الفلسفة
لا يختلف الحال كثيرًا في الجامعات الحكومية جنوبي اليمن، كجامعتي حضرموت وعدن، حيث يقول أكاديميون لـ “المشاهد” إن إقبال الطلاب على تخصص الفلسفة أصبح ضعيفًا، ولم يعد هناك إنتاج فكري في هذا المجال في اليمن
قبل نشوب الحرب عام 2015، كان مئات الطلاب يتوافدون للتسجيل في أقسام الفلسفة في الجامعات اليمنية، لكن الإقبال على هذا التخصص بدأ يتناقص خلال السنوات الماضية، وأصبحت أقسام الفلسفة في العديد من الكليات اليمنية شبه فارغة
ومع استمرار الحرب في البلاد، تراجع الاهتمام الحكومي بالتعليم الأساسي والجامعي، وانحسر الإقبال على العديد من التخصصات الجامعية، ومنها الفلسفة وعلم الاجتماع، وأضحى توجه الطلاب لدراسة الفلسفة أمرا نادرا
محمد العبادي، باحث يمني في علم الفلسفة، يقول لـ “المشاهد” إن تراجع إقبال الطلاب على تعلم الفلسفة في اليمن يعود إلى عدم تشجيع الدولة للطلاب، وتحفيزهم على طلب العلم، حيث ركزت أطراف الصراع على الاهتمام بالحرب، ولم تهتم بالتعليم مهما كان التخصص مهما
يعتقد العبادي أن اليمنيون يعيشون حالة من التجهيل الممنهج، ولا يسمح لهم بالتفكير والبحث والنقد والتأليف إلا في حدود معينة
يضيف: “يشمل علم الفلسفة تعليم العقل والمنطق وحقوق الإنسان والأخلاق والتربية والتفكير الناقد
مضيفا” كان للفلاسفة القدامى في اليونان وفي بلاد المشرق، وفي العصور الإسلامية، دورا كبيرا في توعية الأمم بشأن الكثير من الموضوعات التي ساهمت في رقيهم وبناء حضارات خالدة”
الدكتور أحمد الصعدي، أستاذ الفلسفة في جامعة صنعاء، يقول ل “المشاهد” إن حالات إغلاق قسم الفلسفة والاجتماع قد تكررت بسبب عدم وجود مصلحة شخصية أو فئوية تتحقق في هذا القسم
يرى الصعدي أنه حينما يكون تفكير الأكاديميين والمعنيين بالتعليم مرتبطا بالمصلحة الشخصية أو الفئوية، يشهد مجال التعليم المزيد من التدهور
”الناشطة الحقوقية في مجال التعليم حنان محمد تقدم رأيا آخر، حيث تقول ل “المشاهد” إن سوق العمل في اليمن والوطن العربي لم يعد يحبذ خريجي الفلسفة وأقسام العلوم الإنسانية والاجتماعية، وأصبح الطلب يتزايد لخريجي الكليات العلمية
تعتقد محمد أن هذا هو السبب الرئيس وراء تراجع الإقبال على دراسة الفلسفة أو علم الاجتماع في اليمن
في حديثه ل “المشاهد”، يؤكد البروفيسور توفيق مجاهد، نائب عميد كلية الآداب بجامعة عدن، على أهمية الفلسفة كعلم ومنهج في الحفاظ على الهوية الحضارية للمجتمع، حيث يقول إن الباحثين في مجال الفلسفة يسعون دائما إلى ربط المعرفة بالحياة العملية، ويعملون على تنمية أسس البحث العلمي وتنمية مهارات التفكير الناقد والتعلم الذاتي، إضافة إلى نشر الوعي السياسي والحقوقي في المجتمع، واستثمار التراث المعرفي في كافة العلوم
”لكن مجاهد أصبح اليوم متحسرًا على الوضع المزري الذي وصل إليه علم الفلسفة والقائمين على تعليمه وتعلمه، بسبب الحرب والتداعيات السلبية التي أفرزتها على اليمن واليمنيين
البروفيسور قاسم المحبشي، عضو الجمعية الفلسفية المصرية، يرى أنه لا بد من تجديد الفلسفة في النظرية والمنهج، فكريا وأكاديميا ومؤسسيا وثقافيا، ويتساءل المحبشي: “ما قيمة أن يعرف الطالب أن الفلسفة هي (حب الحكمة) إذا كان عاجزا عن مباشرة الدخول في مضمارها؟”يختم المحبشي حديثه لـ “المشاهد”، ويقول: “الفلسفة اليوم بحاجة إلى تجديد ذاتها، ومناهجها وأساليب تدريسها بما يجعلها قادرة على استئناف دهشتها وقول كلمتها، فالفلسفة ليست معرفة مكتسبة، بل هي بالأحرى فن تعليم التفكير، والشعور بمشكلات الواقع”
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير