“ثورة فبراير”.. الحلم تحول صراع مفتوح
منذ 9 أيام
تعز – عميد المهيوبيتحل ذكرى ثورة فبراير التي اندلعت في 2011، والصراع مستمر بين إيران وخصمها الإقليمي السعودية على حساب اليمن وشعبه
ففي الوقت الذي تفاخرت السعودية برعايتها لخطة نقل السلطة في اليمن في 2011، دعمت هي نفسها في أواخر 2014 من تسميهم “ذراع إيران” (جماعة الحوثي) وقوات الرئيس الأسبق على صالح، في إسقاط هذه الثورة
لتعود بعد فترة قصيرة بقيادة حملة عسكرية تحارب هذه الذراع
مستغلين فساد النخب السياسية اليمنية، استطاع أعداء التغيير في اليمن داخليا وخارجيا تحويل هذه الذكرى من الحلم بالتغيير إلى بدء صراع معقد ليس هناك أفق بانتهائه
هكذا تحل ذكرى ثورة 11 فبراير على اليمنيين، محملةً بالكثير من المشاعر والمواقف المتباينة
فكما أن لهذه الثورة لحظات تاريخية مليئة بالأمل والتطلعات لغد أفضل، أصبحت أيضًا نقطة بدء الصراع المفتوح الذي تعاني منه البلاد
وبعيدًا عن المكان الأول الذي انطلقت منه ثورة 11 فبراير، كانت في تعز أو بصنعاء، إلا أن هدفها كان واحدًا
وتمثل هذا الهدف في المطالبة برحيل نظام الرئيس علي عبدالله صالح الذي استمر 33 عامًا
الأسباب والدوافع يتحدث رئيس المنتدى العربي للدراسات والتنمية السياسي، نبيل البكيري، مع «المشاهد» عن الدوافع التي أدت إلى اندلاع ثورة 11 فبراير
مشيرًا إلى جملة من التراكمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية التي قادت إلى الثورة
لافتًا إلى أن السبب الرئيسي للثورة هو “الفساد السياسي والاقتصادي والمالي الذي كانت تعيشه الدولة”
وأضاف البكيري: كما أن تراكم معدلات البطالة بين الشباب وخريجي الجامعات الذين وجدوا أنفسهم على رصيف البطالة
فضلًا عن التأثر الإقليمي والدولي وهبوب رياح الربيع العربي على تونس والقاهرة وصولاً إلى صنعاء
كل ذلك أدى إلى قيام ثورة 11 فبراير باليمن
”على الجانب الآخر، يرى البكيري أن هناك إخفاقات متعددة تعرضت لها الثورة، أبرزها الخلط بين الأزمة السياسية والثورة
حيث استطاعت الأحزاب السياسية -التي التحقت بالساحات بعد نزول الشباب- أن تحوّل مسار الثورة
معتقدًا أنها تحولت من ثورة شعبية عارمة لتغيير النظام إلى أزمة سياسية انتهت بالمعالجات السياسية المتمثلة بالحوار الوطني والمبادرة الخليجية
وتابع: انتهى الأمر بتقاسم السلطة بين الحزب الحاكم ومعارضيه؛ نتيجة قلة الخبرة السياسية لدى شباب الثورة والتدخلات الإقليمية
وقال: تمثل ذلك بالتدخل الخليجي والإيراني في بلدان الربيع العربي، خاصةً بعد سقوط الثورة المصرية
“ويعتقد البكيري أن هذا التدخل شجّع بعض الأطراف المحلية، مثل جماعة الحوثي على لعب دور كبير في إسقاط ثورة فبراير
مبديًا أسفه تجاه الدور السيء للأحزاب السياسية باليمن، وتسببها بتحويل مسار الثورة إلى أزمة سياسية أتت على حساب الثورة وأهدافها
” وواصل: كانت ثورة فبراير عظيمةً بأهدافها وآلياتها، وهي ثورة سلمية مدنية استطاعت أن تتجنب السلاح
كما دفعت بقطاعات واسعة من اليمنيين للانخراط فيها، وعاشت اليمن برمتها زخم هذه الثورة وأهدافها
”نبيل البكيري: كانت ثورة فبراير عظيمةً بأهدافها وآلياتها، وهي ثورة سلمية مدنية استطاعت أن تتجنب السلاح
كما دفعت بقطاعات واسعة من اليمنيين للانخراط فيها، وعاشت اليمن برمتها زخم هذه الثورة وأهدافها
”وزاد: للأسف هذه الأهداف والشعارات لم تجد نخبة سياسية قادرة على رعايتها وتحقيقها؛ مما أدى إلى الانتكاسة بسقوط النظام الجمهوري
وذلك نتيجة التحالفات التي تمت بين الرئيس علي عبدالله صالح وجماعة الحوثي؛ بهدف إسقاط الثورة والتخلص من الخصوم السياسيين، يقول البكيري
لافتًا إلى أن ثورة فبراير مازالت مستمرة، ولم تنتهِ بعد
معتبرًا ما نشهده اليوم من أحداث هو جزء من صراعات ما بعد الثورة، وما بعد الارتداد عن الثورة، بحسب وصفه
واختتم البكيري تصريحه لـ«المشاهد» بالدعوة إلى مراجعة دقيقة للثورة، وإعادة قراءة المشهد اليمني الراهن قراءةً سياسية واعية، تجنبًا للاصطدام بالواقع
كانت فبراير ثورةٌ سلمية خالصة، قامت في بلد مليء بالسلاح؛ لكنها -رغم ذلك- حافظت على سلميتها رغم تعرضها للقمع مرارًا وتكرارًا
ولعل أبرز حوادث القمع ما حصل في جمعة الكرامة داخل ساحة التغيير بصنعاء، وحرق ساحة الحرية في تعز
المحلل السياسي عبدالباري طاهر، يقول إن من أسباب قيام ثورة 11 فبراير فشل الثورات القومية وحركات التحرر الوطني
ويرى أن الفساد والاستبداد اللذَين سادا مسيرة الدولة، والعجز عن تحقيق الأهداف التي رفعتها الثورات السابقة، من أهم أسباب انتكاستها
وقال طاهر لـ«المشاهد»، إن ثورة 26 سبتمبر فشلت في تحقيق حياة معيشية لائقة، وإقامة اقتصاد وطني مزدهر ومستقل، وتنمية شاملة
بالإضافة إلى فشل التعليم الحديث، وتفشي الأوبئة، وغياب المواطنة المتساوية، والحرية، والديمقراطية، والعدل، والاحتكام إلى القوة في الشأن العام
مشيرًا إلى أن ذلك كان من بين المشاكل الأساسية والأسباب الرئيسية لقيام ثورة فبراير
وأوضح طاهر أن أهم إنجاز للثورة تمثل بانتصار إرادة الشعب واحتجاجاته السلمية، التي أطاحت بنظام استبدادي يمتلك كل وسائل قمعها
معتقدًا أن جذور الثورة المدنية السلمية لا تزال مرشحة للاشتعال في أي لحظة، “فلا شيء في التاريخ يموت”، يقول طاهر
ويواصل: “لا يضيع حق وراءه مطالب”، خاصةً مطالب الشعوب والأمم، فتحدي الإرادة السلمية للقوة أهم إنجاز، ومازال قابلًا للتجدد والانتصار
عبدالباري طاهر: جذور الثورة المدنية السلمية لا تزال مرشحة للاشتعال في أي لحظة، “فلا شيء في التاريخ يموت”ويتابع طاهر: كانت ثورة فبراير عفوية وتلقائية، قادها الشباب المستقل والجماهير الشعبية وشباب الأحزاب
مبديًا أسفه من “تحزيب الثورة” بعد التحاق قيادات الأحزاب بها وأدلجتها؛ ما شكل نقطة الضعف وبداية الثورة المضادة
ويرى أن هذا قاد الثورة إلى المواجهة المسلحة والعنف، وهو ما حصل في اليمن، سوريا، ليبيا، السودان، ونوعًا ما بمصر
وخَلُص طاهر إلى أن سيطرة قوى الثورة المضادة ونقص التجربة والخبرة، وغياب البرنامج السياسي والمطالب المحددة والقيادة الخبيرة والمدركة والمدربة
بالإضافة إلى الانسياق للعنف وأدلجة الانتفاضات وتحزيبها مثلت أسبابًا رئيسية في الإخفاق الثوري
وزاد: التأثير كان كبيرًا وعميقًا، والجماهير الشعبية أدركت أن التغيير الحقيقي لن يكون إلا عبر الكفاح السياسي والاحتجاج المدني
كما أدركت أن عهد الاحتكام إلى القوة أو الحكم بالغلبة مآله البوار
وختم طاهر حديثه: ثورة فبراير كانت بداية التحول الحقيقي لامتلاك الجماهير الشعبية إرادتها العامة بعيدًا عن العسكر والانقلابات العسكرية
وفي ذات الصدد، يقول الصحفي والسياسي وليد الجبزي: الثورة تعرضت للكثير من الإخفاقات
وأضاف لـ«المشاهد» أن أبرز تلك الإخفاقات عدم قدرة الثورة على تحقيق الاستقرار السياسي الذي كان يتطلع إليه الشعب اليمني
موضحًا: بعد الإطاحة بالنظام السابق، دخلت البلاد في استقرار سياسي وأمني نسبي
واستدرك: لكن سرعان ما تدهورت الأوضاع، خاصة بعد سيطرة جماعة الحوثي على السلطة أواخر العام 2014
كما ساهمت خلافات القوى السياسية المختلفة في تعميق الأزمة وخلق انقسام سياسي واجتماعي، وإدخال البلاد في حرب لم تنتهِ بعد
وأشار الجبزي إلى أن الثورة أثرت على الوضع السياسي والاجتماعي باليمن، وشهدت البلاد تحولات كبيرة في هيكل السلطة
ولكنها واجهت تحديات كبيرة في بناء الدولة الجديدة؛ نتيجة للتعددية السياسية والصراعات الداخلية
وعلى الصعيد الاجتماعي، يرى الصحفي الجبزي أن الثورة ساهمت في زيادة الوعي العام بالقضايا الوطنية
لكن في المقابل أدت إلى تفاقم الأزمات الإنسانية بسبب الحرب والصراعات التي نشأت بعدها
وأوضح أن ثورة فبراير كانت خطوة هامة نحو التغيير في اليمن، وأظهرت إرادة الشعب وسعيه نحو الحرية والكرامة
لافتًا إلى ضرورة الاعتراف بأن الثورة لم تحقق كل أهدافها؛ بسبب الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد بعد الإطاحة بالنظام السابق
ووجه الجبزي رسالة لكل اليمنيين، سواء كانوا في السلطة أو في صفوف الشعب، بالتمسك بروح الوحدة الوطنية والسلام
كما دعاهم لاستعادة الدولة وبناء يمن مستقر وعادل، بعيدًا عن الانقسامات والصراعات التي تدمر الوطن
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير