"جبايات وتضييق لإحلال آخرين تابعين لهم".. كيف يعمل الحوثيون على طرد التجار في صنعاء؟

منذ سنة

اضطر رشيد إلى بيع ما تبقى من أصوله الثابتة بمحل الملابس الخاص به في صنعاء، بعد عامين من فتح المحل للاستثمار وتأمين الغذاء لأفراد عائلته، بعد أشهر من الخسارة وعجزه عن الوفاء بالتزاماته المالية للتجار

 يقول رشيد محمود (45 عاماً) وهو أب لسبعة أطفال أنه في البداية فضل العودة للعمل في صنعاء، بعد غربة استمرت لسنوات في السعودية، لكن تدهور سوق العمل في مناطق سيطرة الحوثيين حال دون استمرار مشروعه لتبدأ معاناته على غرار المئات من التجار الذين تعرضوا للإفلاس في مناطق سيطرة الميليشيا

 خلال الأشهر القليلة الماضية تعرض تجار، وملاك محلات صغيرة ومتوسطة في صنعاء للإفلاس في ظاهرة تعكس حجم تدهور بيئة العمل التجاري، وتدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران

  بيئة غير صالحة للتجارة يقول محمود لـ يمن شباب نت، بعد عامين من فتح المحل وجدت نفسي عاجزا عن الوفاء بدفع الإيجار الشهري للمحل، ورأس المال ينخفض يوما بعد آخر، حاولت التقشف، وخففت من الإنفاق لكن بلا فائدة، كل العوامل لا تساعد على البقاء لم أكن أتوقع الوصول إلى هذه الحالة السيئة

بلغت تكاليف شراء وتجهيزات المحل الخاص بملابس الأطفال مطلع العام 2020 نحو 8 مليون ريال يمني، لكن سوء القدرة الشرائية للمواطنين، وتضيق الحوثيين أجبرت محمود على بيع المحل بنحو 3 مليون ويعود للعمل في باص نقل سبق أن اشتراها فترة غربته في السعودية

 وهيب فيصل (43 عاماً)، هو الآخر تعرض للخسارة المستمرة طوال فترة طويلة حتى اضطر إلى بيع (البقالة) التابعة له في منطقة دراس بشارع المطار في صنعاء والبحث عن مصدر دخل أخر بعيداً عن المشاريع الصغيرة

 يقول فيصل لـ يمن شباب نت: قدرة الناس على الشراء تراجعت بشكل كبير خصوصاً في الأشهر الماضية، وإجمالي المبيعات في اليوم لا تتجوز 30 ألف ريال يمني (الدولار 560) أي أن إجمالي الأرباح فيها لا تساوي خمسة ألف ريال يمني منها اجار محل، وكهرباء، ومصروفات شخصية ومصروفات للأسرة التجارة أصبحت غير مجدية

 وفي ظل إفلاس العديد من التجار والشركات مؤخراً في صنعاء من الصعب الحصول على إحصائية دقيقة، وقال الصحفي الاقتصادي وفيق صالح تعرض عدداً كبير من التجار وملاك المحلات التجارية والشركات للإفلاس في مناطق سيطرة الحوثيين خصوصاً خلال الفترة القليلة الماضية

 وأضاف في حديث لـيمن شباب نت، بأن الكساد الحاصل للقطاع التجاري، وتعرض العديد من التجار والشركات في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين للإفلاس، يعود إلى سلسة من الممارسات المفروضة على النشاط التجاري والقيود المفروضة على البيئة الاستثمارية التي مارستها مليشيا الحوثي منذ انقلابهم على الدولة قبل ثمان سنوات

  قيود حوثية خلال السنوات الماضية كرست ميليشيا الحوثي حالة الانقسام النقدي والمصرفي وازدواج القرارات المصرفية، واستحداث المنافذ الجمركية، ومضاعفة فرض الجمارك على السلع والبضائع، التي سبق وأن تم جمركتها أثناء دخولها المنافذ البحرية والبرية في حدود البلاد، وذلك انعكس سلباً على  النشاط التجاري وارتفاع تكلفة نقل السلع والبضائع، وتضخم أسعارها في السوق المحلية

 كما عملت ميليشيا الحوثي على إغلاق الطرق والمنافذ الرئيسية، وهو ما دفع الكثير من التجار نحو اللجوء إلى طرق بديلة شاقة ووعرة، تكلفهم الكثير من الوقت والجهد والمال، وذلك ينعكس على أسعار المواد إذ أن التجار يعوضون خسائرهم من رفع سعر السلع ونقلها على شكل مضاعفات وأعباء مالية على المواطن والمستهلك

 يشكو مهيوب (55 عاماً) اسم مستعار تاجر مواد غذائية (جملة) في صنعاء، من استمرار إغلاق الطرقات الرئيسية بين المحافظات، وصعوبة إيصال المواد الغذائية إلى صنعاء مشيراً إلى أن الطرق البديلة مكلفة وغير أمانة

 وقال مهيوب لـ يمن شباب نت: ميليشيا الحوثي تتعمد التضييق على التجار بشكل غير مسبوق، جمارك مضاعفة جبايات واتاوات مستمرة، ولا يمكننا الحصول على العملة الصعبة في صنعاء مطلقاً، وهناك سياسية حوثية ممنهجة لمحاربة من تبقى من التجار لإحلال بدلاً عنهم من الحوثيين

 ويرى الصحفي توفيق صالح: أن كل تلك الممارسات والإجراءات تساهم في تدهور بيئة الأعمال وتضيق الخناق على النشاط التجاري، وتدفع الكثير من المراكز التجارية إلى حافة الإفلاس، كما حصل خلال الفترة السابقة حيث وجدت العديد من الشركات المتوسطة والكبيرة أيضا نفسها عاجزة عن الاستمرار في العمل والإنتاج جراء ما تتعرض له من ابتزاز واعتداء منظم من قبل مليشيا الحوثي

  جبايات مستمرة وضاعفت ميليشيا الحوثي الإتاوات والجبايات على المنشآت الخاصة، وملاك المحلات التجارية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة والمواطنين في صنعاء ومناطق سيطرتها، وسنّت تشريعات غير دستورية رفعت بموجبها الرسوم الضريبية والجمركية و الزكوية وذلك انعكس سلباً على بيئة الأعمال التجارية وفاقم من معاناة المواطنين

 ويعاني التجار في صنعاء من استمرار تضييق ميليشيا الحوثي والتي بدورها انعكست سلباً على نشاطهم التجاري وعرضهم للإفلاس وأجبرت الكثير منهم على ترك العمل فيها والبحث عن مصادر أخرى

 بالنسبة لمحمود وفيصل فإن جبايات واتاوات الحوثيين من الأسباب الرئيسية وراء تعرضهم للخسارة، ومن ثم بيع محلاتهم قبل تعرضها للإفلاس بشكل كلي

 وقال محمود لـ يمن شباب نت: جبايات واتاوات الحوثيين لا تتوقف لا يكاد يمر شهر بدون جبايات لقد كانوا يأتون إلينا بشكل مستمر، ضرائب محلات، ضرائب على اللوحات، على العمال، زكاة ناهيك عن المناسبات المتواصلة

 ويرى اقتصاديون أن مضاعفة مليشيا الحوثي من أشكال الجباية والإتاوات المالية على التجار والمحلات التجارية، بصورة غير قانونية، انعكس سلباً على ممارسة النشاط التجاري، وقال الصحفي توفيق صالح أدى إلى تراجع الأعمال والإنتاج، ودفع بعض القطاعات الخاصة إلى تسريح مئات الآلاف من العاملين منذ بداية الحرب

 بناء اقتصاد حوثي وتستخدم ميليشيا الحوثي قوة السلاح والقضاء بهدف الاستحواذ والسيطرة على اصول كبرى الشركات والمنشآت العاملة في مناطق سيطرتها إذ كشف تقرير صادر عن منظمة سام مطلع العام الجاري على نهب الميليشيا لنحو أكثر من ملياري دولار من مختلف المنشآت الخاصة

 ووفقاً لتقرير منظمة سام فإن ميليشيا الحوثي استولت على أكثر من 38 منشأة من بينها مستشفى وجامعة العلوم الأهلية وشركة سبأ فون، ومستشفى ابن الهيثم الدولي وجمعية الإصلاح الخيرية

 وقال الصحفي الاقتصادي توفيق صالح: ميليشيا الحوثي عملت خلال السنوات الماضية على تضييق الخناق على القطاع الخاص، من خلال تدخلهم في حرية السوق وفي مهام وأعمال الشركات التجارية، وتقديم تراخيص إنشاء شركات جديدة للعناصر الموالية لها، مقابل تضييق الخناق والاعتداء على القطاع الخاص القديم والمنظم منذ عقود

 وأضاف في حديث لـيمن شباب نت، تلك الخطوات ضمن مساعي ميليشيا الحوثي في إنشاء اقتصاد طفيلي، ناتج من عملية غسيل الأموال وتجارة الحرب، والسيطرة على السوق، وإقصاء كافة التجار ورجال الأعمال الذين لا ينتمون للميلشيات الإرهابية

 ومؤخراً أنشأ الحوثيون العديد من الشركات في مجال الأدوية الطبية، وغيرها من القطاعات الحيوية في ظل سيطرة تامة على شركات استيراد المشتقات النفطية في حين يعيش المواطنين القابعين في مناطق سيطرة الميليشيا أوضاع قاسية وأزمات متتالية بمختلف مجالات حياتهم