“جوازات تعز” تعاود العمل واعتصامات الجرحى متواصلة

منذ 3 ساعات

تعز– عبد الملك الأغبرياستؤنف، صباح اليوم الأحد، العمل في فرع مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية بمحافظة تعز، بعد أكثر من أسبوعين من التوقف؛ إثر احتجاجاتٍ نفذها جرحى الجيش؛ للمطالبة بإعادة المخصصات المالية الشهرية، التي كانت مخصصة لعلاج زملائهم في الخارج

وجاء استئناف العمل عقب اتفاق بين الجرحى والسلطة المحلية، نصّ على التزام الأخيرة بإعادة صرف مبلغ 40 مليون ريال شهريًا لصالح اللجنة الطبية لعلاج الجرحى؛ وذلك عقب التراجع عن قرار تخفيض رسوم الجواز من 4500 ريال وإعادتها إلى 12 ألف ريال كما كانت سابقًا

وسام منصور، أحد جرحى الحرب في تعز، يروي لـ”المشاهد” قصته المؤلمة التي بدأت برصاصةٍ أفقدته البصر في إحدى جبهات القتال عام 2016

يقول: “فقدتُ عينيّ الاثنتين، ولم أفقد معهما النظر فقط، بل فقدت الحياة بمعناها الكامل

لم أعد قادرًا على الذهاب إلى دورة المياه أو حتى مدّ يدي إلى الطعام دون مساعدة”

أصبحتُ حبيس المنزل، عاجزًا عن إعالة أسرتي، أو حتى رؤية أطفالي

بل أصبحتُ عالة على نفسي وعلى من حولي”

ويتابع بأسى: “نعيش على وعودٍ تتكرر، ومرتب شهري لا يتجاوز 60 ألف ريال يمني (نحو 35 دولارًا)، يصل بعد خمسة أشهرٍ إن وصل، ولا يكفي حتى لشراء كيس طحين

أيُ عدالةٍ تلك التي تُجبر من ضحوا بأعينهم وأطرافهم على الوقوف للمطالبة برواتبهم؟”

ويضيف: “لم نعد نفكر اليوم في جروحنا أو إعاقتنا، فهذا قدرنا الذي قبلناه فداءً للوطن

لكن الألم الحقيقي أن نُبتلى بسلطةٍ لا تقدّر حجم التضحيات

وإلا ماذا يعني أن يخرج الجرحى للمطالبة بمستحقاتهم؟ هذه هي الإصابة والجرح الأعمق”

وسام منصور، أحد جرحى الحرب في تعز: لم نعد نفكر اليوم في جروحنا أو إعاقتنا، فهذا قدرنا الذي قبلناه فداءً للوطن

لكن الألم الحقيقي أن نُبتلى بسلطةٍ لا تقدّر حجم التضحيات

وإلا ماذا يعني أن يخرج الجرحى للمطالبة بمستحقاتهم؟ هذه هي الإصابة والجرح الأعمق”

ويشير وسام إلى وضعه المعيشي: “أسكن في منزلٍ بالإيجار ومهدد بالطرد في أي لحظةٍ، لديّ التزامات كأي أب، لكنني عاجز عن توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة”

واختتم بمرارة: “أنا أبٌ لأربعة أطفال، لا أعرف منهم سوى واحد فقط، كان رضيعًا حين فقدتُ بصري

وأطفالي الآخرين لا أعرفهم، وهو ما يزيد من وجعي ومعاناتي، وعندما يمرض أحدهم، أشعر بألمٍ مضاعف؛ مرةً لعجزه، ومرةً لعجزي أنا، كوني لا أستطيع إسعافه أو حتى النظر إليه”

رأفت العبيدي، أمين عام رابطة جرحى تعز وأحد جرحى الحرب، يقول في حديثه لـ”المشاهد”: “الجرحى مستمرون في اعتصامهم أمام مبنى السلطة المحلية”

مشيرًا إلى أن نصب “خيمة الجرحى” جاء كخطوةٍ تصعيديةٍ للمطالبة بصرف كافة الحقوق المشروعة والمتأخرة

موضحًا أنهم نفذوا في وقتٍ سابق وقفاتٍ احتجاجيةً أمام شعبة الرعاية، المعنية بمطالبهم في محور تعز العسكري، لكن دون تجاوب، فكان قرار إغلاق مبنى الجوازات من قبل الجرحى كخطوةٍ تصعيدية، ورغم أن ذلك لم يكن قرار الجرحى، لكن لم نجد أي خيارٍ لإيصال أصواتنا بعد أن بُترت أطرافنا وأصبح الكثير من هؤلاء معاقون كليًا

يضيف: صحيح أن إغلاق الجوازات لم يكن خيارًا مُخططًا، لكنه جاء كرد فعلٍ اضطراري، بعد قيام السلطة المحلية بإيقاف مبلغ الـ40 مليون ريال الذي كان يُخصص شهريًا من إيرادات الجوازات لصالح علاج الجرحى في الخارج (مصر، الهند، والأردن)

وأوضح العبيدي أن المبلغ تم إقراره رسميًا من قبل قيادة المحافظة ليكون بديلًا عن تقاعس الحكومة الشرعية ووزارة الدفاع في تغطية نفقات علاج الجرحى في الخارج، مشيرًا إلى أن الرابطة خاطبت السلطة المحلية رسميًا للمطالبة بتحمل التكاليف من موارد المحافظة، لكنها ردت بعدم توفر الإيرادات

وأضاف: “بعد لقاءاتٍ مع قيادة المحافظة وإدارة الجوازات، تم الاتفاق على إعادة اعتماد المبلغ شهريًا لصالح اللجنة الطبية، وفتح الجوازات من جديد”

وانسحبنا من أمام الجوازات منذُ الأربعاء الماضي، بعد أن تم التأكيد بإعادة اعتماد المبلغ المخصص للجرحى

”رأفت العبيدي، أمين عام رابطة جرحى تعز: بعد لقاءاتٍ مع قيادة المحافظة وإدارة الجوازات، تم الاتفاق على إعادة اعتماد المبلغ شهريًا لصالح اللجنة الطبية، وفتح الجوازات من جديد”

وانسحبنا من أمام الجوازات منذُ الأربعاء الماضي، بعد أن تم التأكيد بإعادة اعتماد المبلغ المخصص للجرحى

”ونوّه إلى أن الجرحى لا يسعون إلى تعطيل مؤسسات الدولة، لكن ما جرى كان خطوةً اضطراريةً في ظل غياب البدائل، مشددًا على حرصهم استمرار عمل المؤسسات الحكومية بتقديم الخدمات لكافة المواطنين

وأوضح العبيدي أن أبرز مطالب الجرحى المعتصمين أمام مبنى المحافظة تشمل: صرف الرواتب المتأخرة منذ خمسة أشهر، والإكراميات المتأخرة، وتسريع إجراءات إشهار الهيئة الوطنية لرعاية أسر الشهداء والجرحى

بالإضافة إلى تسفير الحالات الطارئة للعلاج في الخارج، واستكمال علاج المعاقين منهم، وتسوية رواتب جرحى الجيش الوطني مع بقية التشكيلات العسكرية، وصرف مبلغ الـ100 مليون ريال شهريًا الذي سبق أن وجّه به رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي

العبيدي أكد أن العدد الإجمالي لجرحى محافظة تعز يتجاوز 21 ألف جريح، منهم 4,500 جريح يعانون من إعاقاتٍ دائمة، تشمل حالات بتر وفقدان حواس وغير ذلك

وأشار إلى أن من بين هؤلاء الجرحى المعاقين، يوجد نحو 437 مدنيًا تعرضوا لإعاقات جسيمة نتيجة الحرب، مؤكدًا أن هذه الأرقام تعكس حجم المعاناة التي يعيشها الجرحى، والحاجة الملحة لتوفير الرعاية المستمرة والدعم الحكومي العادل

وأوضح العبيدي أن الجرحى الذين يتلقون العلاج في الخارج يعانون من إصاباتٍ خطيرة ومتنوعة، منها إصابات حرجة في المفاصل والفكين، مع عدم إمكانية علاجهم إذا تم إهمالهم

مُبيِّنًا أن الجرحى المعاقين كليًا (المشلولين، المكفوفين، ومبتوري الأطراف) يتقاضون مبلغ 60 ألف ريال يمني شهريًا كعلاوةٍ من السلطة المحلية، بينما يحصل من فقدَ طرفًا واحدًا أو عينًا واحدة على 30 ألف ريال من محور تعز العسكري، في حين لا يتلقى الجرحى المصابون بإعاقاتٍ جزئية أي علاوةٍ حتى الآن، رغم أوضاعهم الصحية والإنسانية الصعبة

وكان مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية قد أقروا في وقت سابق إجراء تخفيض الرسوم، وتوريد كافة الإيرادات المحلية في المحافظات إلى البنك المركزي، في سياق حزمة إصلاحاتٍ اقتصاديةً، ضمن خطةٍ تهدف إلى تصحيح مسار المالية العامة وتحسين كفاءة إدارة الموارد، واستعادة الثقة بالاقتصاد الوطني

وهو ما تم الالتزام به وتنفيذه من قبل قيادة السلطة المحلية بتعز، لكن الجرحى يرون أن ذلك تجاهل لظروفهم الخاصة، في ظل عدم وضع حلولٍ جذريةٍ لمعاناتهم

وفي تصريح خاص لـ”المشاهد”، أوضح المتحدث الرسمي باسم محور تعز العسكري، العقيد عبدالباسط البحر، أن الجرحى المحتجين لا يُمثلون القوة العسكرية النظامية الفاعلة، كونهم خارج الجاهزية العسكرية وفق المفهوم العسكري المتعارف عليه، بعدما أدّوَا دورهم القتالي وتعرضوا لإصاباتٍ أبعدتهم عن الميدان

وأكد البحر أن قيادة المحور تنظر بتقديرٍ عالٍ لتضحيات الجرحى ونضالاتهم، لكنها لا تستطيع أن تتحكم في ردود أفعالهم أو سلوكهم الاحتجاجي، والذي غالبًا ما يأتي في محاولة للفت الانتباه إلى معاناتهم واحتياجاتهم المشروعة

والأمر ذاته ينطبق على أسر الشهداء، الذين من الطبيعي أن يعبروا عن غضبهم ومطالبهم بطرقٍ قد لا تكون منضبطة أحيانًا، لكنه شدد في ذات الوقت على أن الجيش النظامي لا يشارك في مظاهرات أو يقطع الطرق، لأن ذلك –بحسب وصفه– يتنافى مع الانضباط العسكري ويُعد مظهرًا من مظاهر الفوضى

وأضاف البحر: “نحن لا نلوم الجرحى أو أسر الشهداء على تصرفاتهم، فالغضب والجوع والألم لا يُمكن السيطرة عليها، بل يجب التعامل مع هذه القضايا بحلولٍ جذرية وشاملة، وتوفير بدائل تضمن لهم حياةً كريمة، عرفانًا بما قدموه من تضحياتٍ جسيمةٍ في سبيل الوطن”

وأشار البحر إلى أن قيادة المحور لم تتوقف عن متابعة ملف الجرحى، بل رفعت مذكرات وتوصيات متعددة وعديدة، وجهتها عبر مندوبيها إلى مختلف الجهات الرسمية، من السلطة المحلية، ورئاسة هيئة الأركان العامة، ووزارة الدفاع، حتى مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مؤكدًا أن هذه القضية تم تناولها بمئات المذكرات والملفات التي باتت تمثل تراكُمًا ضخمًا من المراسلات والوثائق، رغم أنها –كما وصف– من الحقوق الروتينية والبديهية التي لا يفترض أن تكون محل نزاعٍ أو مطالبةٍ أصلًا

البحر قال: “المطالب التي يرفعها الجرحى وأسر الشهداء اليوم لا تتجاوز الحقوق الأساسية التي يُفترض أن تكون مكفولةً دون الحاجة لأي احتجاجٍ أو تصعيد”

المتحدث باسم محور تعز، العقيد عبدالباسط البحر: كل هذه الأمور التي نطالب بها هي في الأصل إجراءات روتينية لا تستدعي مظاهرات أو استنزافًا لروح الميدان

وليست مطالب فوق العادة، بل هي ثوابت عسكرية يجب أن تكون قائمةً حتى دون مطالبات”

وشدد على أن المرحلة تتطلب من الجميع أن يكونوا على مستوى التحديات الوطنية، وأن ما يحدث اليوم من تقصيرٍ وإهمال هو انكشاف للعدو، ومن العيب أن نطالب بأشياء كهذه

ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع

يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة

بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail

comاحصل على آخر أخبار المشاهد نت مباشرة إلى بريدك الإلكتروني

الإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن