الشراكة بين القطاعين العام والخاص في اليمن.. فرصة مهدرة

منذ 2 ساعات

تعز – عبد الله محرمفي ظل الانهيار الاقتصادي المتواصل في اليمن، تبرز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في اليمن كإحدى المسارات المتبقية لتحقيق استقرار اقتصادي جزئي، أو على الأقل الحد من تداعيات الأزمة المعيشية وتحسين الخدمات الأساسية

يقول الدكتور محمد الكسادي، رئيس قسم العلوم المالية والمصرفية، بكلية العلوم الإدارية، بجامعة حضرموت: “إن الشراكة أحد الخيارات المتاحة”، لكن ولكي يدخل القطاع الخاص في شراكةٍ فعلية مع الحكومة يتطلب الأمر نظامًا سياسيًا مستقرًا، وبيئةً استثمارية ملائمة، بالإضافة إلى التسهيلات والضمانات القانونية، مثل المحاكم التجارية الفعّالة لحل النزاعات التجارية وتسهيل حيازة الأراضي والعقارات”

ورغم التحديات في المرحلة الراهنة، ما يزال القطاع الخاص يحتفظ بدور محوري

فقد كان يسهم قبل بدء الصراع عام 2015 بنسبة 50 % من الناتج المحلي الإجمالي

لترتفع مساهمته عام 2020 إلى أكثر من 75 %، وفقًا لدراسةٍ عن مجموعة هائل سعيد أنعم التجارية نشرت في أغسطس 2023

رغم التحديات في المرحلة الراهنة، ما يزال القطاع الخاص في اليمن يحتفظ بدور محوري

فقد كان يسهم قبل بدء الصراع عام 2015 بنسبة 50 % من الناتج المحلي الإجمالي

لترتفع مساهمته عام 2020 إلى أكثر من 75 %، وفقًا لدراسةٍ عن مجموعة هائل سعيد أنعم التجارية نشرت في أغسطس 2023

ويقول رجل الأعمال وعضو نادي رجال الأعمال في عدن هشام باعوضه “إن القطاع الخاص في اليمن يواجه تحدياتٍ ميدانيةً جسيمة تعيق نموه وتحد من إسهامه الفاعل في تحسين الوضع الاقتصادي

هذه التحديات لا تقتصر على البنية التحتية المتهالكة ونقص الخدمات الأساسية، بل تتعداها إلى غياب الأمن والاستقرار، وتقلبات سعر الصرف، وصعوبة الحصول على التمويل، وتعقيد الإجراءات البيروقراطية

كل هذه العوامل تخلق بيئة أعمالٍ محفوفةً بالمخاطر؛ مما يدفع القطاع الخاص إلى الإحجام عن الاستثمار والتوسع”

ويشير الدكتور الكسادي إلى أن الابتزازات والجبايات العشوائية التي يواجهها القطاع الخاص سواءً في مناطق سيطرة الحكومة أو في مناطق جماعة الحوثي، تُعد من أبرز معوقات الاستثمار في البلد، بالإضافة إلى هشاشة مؤسسات الدولة وتقادم قوانيين الاستثمار

ودفعت البيئة الاستثمارية غير المستقرة رؤوس الأموال اليمنيين للهروب إلى الخارج، وبلغت استثماراتهم الخارجية 33 مليار دولار وأبرزها في الأردن، مصر، سلطنة عمان، وتركيا

ومع صعوبة تلك الأوضاع، يبقى السؤال هل ما يزال القطاع الخاص قادرًا على الاستمرار والاسهام في التنمية؟يشير  تقرير صادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي نشر العام الماضي، إلى أن القطاع الخاص ساهم بشكل كبير في استيعاب العمالة خلال سنوات الحرب، حيث بلغت نسبة التوظيف فيه 92 % من إجمالي القوى العاملة في المتوسط خلال الفترة 2019-2013 مقارنةً بنحو 8 % فقط للقطاع العام

وهذا ما يجعل القطاع الخاص عاملًا رئيسيًا في تقليل الفقر وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، ويمكن البناء على ذلك في إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في المرحلة الراهنة أو في فترة ما بعد الحرب

يقول الخبير الاقتصادي ورئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في اليمن مصطفى نصر: “أثبت القطاع الخاص اليمني قدرةً كبيرةً على الصمود والمرونة في تلقي الأزمات، ورغم أهمية ذلك إلا أنه بحاجةٍ إلى مواصلة ذلك وفتح آفاقٍ أوسع للشراكة مع الحكومة لمساعدته على الاستمرار من ناحية، ومن ناحية أخرى الاستفادة من إمكانياته وقدراته”

تُعدّ الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) خيارًا إستراتيجيًا لدول تعاني من شحّ الموارد وتراجع الدعم الدولي، كاليمن

إذ تسمح هذه الصيغة بتقاسم المخاطر بين الطرفين، وتقديم خدمات عامة بكفاءة أعلى، وتوفير التمويل لمشاريع البنية التحتية

في اليمن، تُعد الحاجة إلى مشاريع مستدامة في مجالات مثل الطاقة والطرقات والمياه والتعليم أولوية، خصوصًا مع تقليص التمويل الإنساني وازدياد الاعتماد على المعونات الخارجية

ويؤكد نصر أن الشراكة مع القطاع الخاص تمثل فرصةً جيدة للحكومة، لا سيما في ظل الأوضاع الحالية التي تعاني منها، سواء فيما يتعلق بشحة الإيرادات لديها وعدم قدرتها على تقديم الخدمات ومشاريع البنية التحتية؛ وبالتالي تمثل الشراكة بنظام PPP المتبع في كثير من دول العالم أحد الحلول العملية لتجاوز مشكلة عدم قدرة الحكومة على تمويل مشاريع تنموية، مثل مشاريع البنية التحتية والقطاعات المتعددة

الخبير في القطاع الخاص هشام باعوضه يشير إلى أنه في ظل الوضع الراهن، يُعد عزوف القطاع الخاص عن الدخول في شراكات مع الحكومة أمرًا مفهومًا

فالبيئة غير المستقرة، وغياب الأطر القانونية الواضحة والشفافة التي تحمي الاستثمارات، بالإضافة إلى التجارب السابقة غير المشجعة، حيث واجهت العديد من المشاريع الخاصة؛ عقبات وصعوبات بيروقراطية ومالية، كلها عوامل تزيد من تردد القطاع الخاص

 يضاف إلى ذلك، عدم القدرة على التنبؤ بالمستقبل الاقتصادي والسياسي؛ مما يجعل أي استثمارٍ طويل الأجل محفوفًا بمخاطر عالية جدًا

لذا يؤكد نصر على أهمية وجود تشريعات قانونية تعمل على مأسسة هذه الشراكة ووضعها في إطارها الصحيح، إذ لا بد من وجود قانون للشراكة ومسودة القانون كانت شبه جاهزة في عام 2014 ويفترض أن يتم إقراراه حاليًا، سواء عبر اجتماع مجلس النواب أو بقرار رسمي من مجلس القيادة الرئاسي، وتوضع لائحة تنفيذية لهذا القانون وآلية تمويل وتنفيذ المشاريع بين القطاعين وآليات التعاقد

وبالاطلاع على بعض التجارب الدولية كان للقطاع الخاص، سواء في السلم أو الحرب، أدوار مهمة في الإسهام بتطوير المشروعات

 ففي دولة تشيلي قام القطاع الخاص عبر آلية الشراكة مع القطاع العام بالاستثمار في 181 مشروعًا في الطرق والطاقة والموانئ، بإجمالي استثمارات بلغت 42

4 مليار دولار للفترة 1993-2023، بحسب دراسة بحثية نشرت في يوليو 2023

في دولة تشيلي قام القطاع الخاص عبر آلية الشراكة مع القطاع العام بالاستثمار في 181 مشروعًا في الطرق والطاقة والموانئ، بإجمالي استثمارات بلغت 42

4 مليار دولار للفترة 1993-2023، بحسب دراسة بحثية نشرت في يوليو 2023

 ويضيف هشام باعوضه: أنه ومن أجل تشجيع القطاع الخاص على الانخراط في مشاريع البنية التحتية والخدمات، يجب توفير ضمانات أساسية من شأنها بناء الثقة وتقليل المخاطر

وأبرز هذه الضمانات تتمثل في: بيئةٍ قانونية وتشريعية مستقرة وشفافة تتضمن قوانين واضحة تحمي الاستثمارات وتضمن حقوق المستثمرين، وتوفر آليات فعالة لحل النزاعات

وضمانات أمنية واستقرار بحيث تضمن سلامة الأفراد والممتلكات وتوفر بيئة عملٍ آمنة ومستقرة

 بالإضافة إلى استقرارٍ اقتصادي يشمل استقرار سعر الصرف، وتوافر السيولة، وسياسات مالية، ونقدية، واضحة، ومستقرة

وإيجاد إطار تعاقدي مرن وعادل يضمن توزيع المخاطر والفوائد بشكل منصف بين القطاعين العام والخاص، مع تحديدٍ واضح للمسؤوليات والالتزامات

نشرت هذه المادة بالتعاون مع مركز الدراسات والاعلام الاقتصاديليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير