“الوزف” غذاء تحت التهديد
منذ 3 أشهر
تعز – نجوى حسن“الوزف”، صغار سمك السردين، وجبة الفقراء، بمحافظة تعز، جنوب غرب اليمن، باتت مهددة من الصيد الجائر والتغيرات المُناخية
حيث أن هذه التهديدات قد تعصف بـ”الوزف” كوجبةٍ شعبية ذات تكلفة اقتصادية منخفضة، مقارنةً باللحوم والأسماك الأخرى
يهدد الصيد الجائر لهذا النوع من الأسماك التوازن البيئي ويجعل بقية الأحياء البحرية في خطر
ويتميز “الوزف” بصغر حجمه، ويتم اصطياده بطرقٍ تقليدية موسميًا
هناك ثلاثة مواسم لصيد الوزف خلال العام، في سواحل البحر الأحمر
يبدأ الموسم الأول في فبراير، والثاني في يوليو والثالث في نهاية سبتمبر
بعد اصطياده وتجفيفه بطرق تقليدية يباع في محلات البهارات في مختلف مناطق اليمن
وعند طهيه يتمتع بمذاق فريد وقيمة غذائية
لكن هذا النوع من الأسماك يتعرض لتأثيراتٍ ناتجة عن التغيرات المُناخية التي تواجهها اليمن عمومًا ومحافظة تعز على وجه الخصوص
يواجه صيادو “الوزف” في سواحل البحر الأحمر، تحديات مُناخية تتمثل في انخفاض الكميات التي يصطادونها
وهذا يؤثر على دخل الصيادين فضلا عن توفر الوزف في السوق
تصل تداعيات هذا التراجع إلى حد غياب “الوزف” من مائدة الأسر وحرمانها من مصدر غذائي غني بالبروتين
وفقا لدراسة نشرتها جامعة صنعاء فإن نسبة البروتين في الوزف المجفف تتراوح ما بين 32-55%
حسب الصياد خالد الصغير، من محافظة تعز، فإن صيد “الوزف” يتم باستخدام شباك مخصصة تعرف بـ”عدة الوزف”
ويقول الصغير لـ«المشاهد»، إن هذه الشباك مصنوعة من “سواتر جانبية” يتوسطها “كيس” كبير يسمى “الزقام”
ويواصل: عند اقتراب “الوزف” من الشاطئ على شكل بقعة سوداء كبيرة، يبدأ الصيادون بنشر الشباك حوله باستخدام قارب
ويتابع: ثم تتم محاصرة “الوزف” وسحب الشباك تدريجيًا حتى يصل الكيس الممتلئ إلى الساحل
ويشير الصغير إلى أن هذه المرحلة يعقبها تفريغ “الوزف” في “زنابيل” مصنوعة من العزف (النخيل)
ويضيف: ثم يفرش “الوزف” على أرض صلبة تعرف بـ”الصوة” ليجفف تحت أشعة الشمس
موضحًا أن هذه الطريقة التقليدية تتطلب مهارةً وتنسيقًا عاليَين بين فرق الصيد في البر والبحر
يقول الصياد خالد الصغير أن هناك تفاوتًا في التأثيرات المُناخية على اصطياد “الوزف”
ويقول: التغيرات المُناخية لم تعرقل عمليات صيد الوزف، كون عملية الاصطياد تتم بالقرب من الساحل وليس في أعماق البحر
واستدرك: لكن التغيرات في درجات حرارة البحر تؤثر بشكل كبير على كميات الوزف المتوفرة والتي يتم اصطيادها
مشيرًا إلى أن المياه الباردة نتيجة التيارات البحرية وحركة المد والجزر، تصنع موسمًا وفيرًا من “الوزف”
أما في حال غياب البرودة المناسبة لمياه البحر، فإن كمية “الوزف” تقل بشكل ملحوظ، حسب الصغير
من جانبه، يقول الصياد هشام المهدي، لـ«المشاهد»، إن الرياح الجنوبية القوية تؤدي لاضطراب الأمواج؛ والتأثير في حركة “الوزف” على الساحل
لافتًا إلى أن الاصطياد العشوائي ساهم في انخفاض كميات “الوزف” من عام لآخر
وخَلُص: التغيرات المُناخية، مثل مواسم الرياح وحركة المد والجزر، تلعب دورًا أساسيًا في وفرة الوزف الذي يتم اصطياده
الصياد هشام المهدي: إن الرياح الجنوبية القوية تؤدي لاضطراب الأمواج؛ والتأثير في حركة “الوزف” على الساحل
والاصطياد العشوائي ساهم في انخفاض كميات “الوزف” من عام لآخر
”يحذر أستاذ تقييم الأثر البيئي بكلية علوم البحار والبيئة، جامعة الحديدة، عبد القادر الخراز، من المخاطر المحدقة بـ”الوزف”
وقال لـ«المشاهد» إن ثمة مخاطر كبيرة يتسبب بها الصيد الجائر لصغار أسماك السردين المعروفة محليًا بـ”الوزف”
وأضاف الخراز أن هذه الممارسات تؤدي إلى تهديد مباشر لاستدامة البيئة البحرية والتنوع البيولوجي الطبيعي
كما تؤثر أيضًا على الاستدامة الاقتصادية المعتمدة على الموارد البحرية
ويقول إن صغار أسماك السردين تلعب دورًا أساسيًا في السلسلة الغذائية البحرية كغذاءٍ رئيسي للكائنات البحرية الأخرى
معتبرًا أن صيدها الجائر -خلال فترة تكاثرها- يؤدي إلى نقص الكميات المتاحة للتكاثر بالمواسم اللاحقة؛ مما يسبب اضطرابًا للتوازن البيئي
مضيفا أن استهداف السردين خلال فترة تكاثره يشكل تهديدًا للاستدامة البيئية والأنواع البحرية الأخرى
ويقول الخراز أن استمرار هذا الصيد العشوائي قد يؤدي إلى تقليص الثروة السمكية على المدى البعيد
حيث ينعكس سلبًا على البيئة البحرية والاقتصاد البحري الذي يعتمد على هذه الموارد
ودعا الخراز إلى ضرورة تطبيق القوانين وفرض قيود صارمة على فترات الصيد وعملياته، لا سيما تلك المتعلقة بصغار السردين “الوزف”
كما دعا إلى تعزيز حملات التوعية الموجهة للصيادين، بما يحقق التوازن بين احتياجات الصيادين الاقتصادية والحفاظ على البيئة البحرية
مختتمًا: هذا التوازن يعتمد على الالتزام بالقوانين البيئية، وتعزيز وعي المجتمعات البحرية؛ ما يسهم بحماية البيئة البحرية وضمان استدامتها
بدوره يقول ضاح المذحجي، مدير هيئة المصائد السمكية بمحافظة تعز، أن الصيد الجائر لأي نوع من الكائنات البحرية يشكل استنزافًا خطيرًا للمخزون السمكي
موضحا أن هذا السلوك لا يقتصر تأثيره على النوع المستهدف فقط، بل يمتد ليشمل الأحياء التي تعتمد عليه غذائيًا
وهذا يؤدي إلى خلل في التوازن البيئي يطال بقية الأنواع البحرية
وضاح المذحجي، مدير هيئة المصائد السمكية في تعز: الصيد الجائر لأي نوع من الكائنات البحرية يشكل استنزافًا خطيرًا للمخزون السمكي
هذا السلوك لا يقتصر تأثيره على النوع المستهدف فقط، بل يمتد ليشمل الأحياء التي تعتمد عليه غذائيًا
وهذا يؤدي إلى خلل في التوازن البيئي يطال بقية الأنواع البحرية
”وأشار المذحجي في حديث للمشاهد “إلى أن السردين، المعروف محليًا باسم “العيدة”، يعتبر أكبر حجمًا من صغار الأسماك المعروفة بالـ”وزف”
ويقول “إن الاستغلال المفرط لهذا النوع من الأسماك يؤثر سلبًا على السلسلة الغذائية البحرية
” منوها أن هذا قد يتفاقم في ظل غياب الضوابط الرادعة والإجراءات الكفيلة بحماية البيئة البحرية
وشدد المذحجي على ضرورة تعزيز الوعي بخطورة الصيد الجائر
ودعا إلى جانب تفعيل القوانين التي تحمي الثروة السمكية لضمان استدامتها للأجيال القادمة
يقول الصيادون أن هناك عدة أنواع من “الوزف”، أبرزها “الحمري”، بحجم متوسط ولحم مليء، وهو الأفضل من بينها
بالإضافة إلى “العيدا” الذي يتميز بحجم كبير مقارنةً بأنواع أخرى
وهناك نوع “المجحف”، ويطلق على “الوزف” عندما يكون أخضرًا وطازجًا بعد الاصطياد، لكنه يتحول إلى “وزف” عند تجفيفه
يكشف بائع “الوزف” بالسوق الكبير بمدينة تعز، ضياء بن طاهر، أن تجارة “الوزف” شهدت تغييرات كبيرة مؤخرًا؛ بسبب ارتفاع الأسعار
ويقول لـ«المشاهد» إن سعر “النفر” الواحد من “الوزف” قبل عام كان 7000 ريال يمني
ويضيف: ارتفع حاليًا إلى 15,000 ريال؛ ما أدى إلى تراجع الإقبال على شراء “الوزف”، رغم كونه وجبةً شعبية أساسية
ويشير بن طاهر إلى أن “الوزف” يأتي أيضًا من عدة مناطق مثل المخا، الخوخة، شقرة، وسقطرى
ويواصل: رغم كل ذلك يظل الطلب على “الوزف” في تعز مستمرًا رغم ارتفاع سعره؛ بسبب قيمته الغذائية وسعره المناسب مقارنة باللحوم
وفق استطلاع أجراه «المشاهد» مع عدد من ربات المنازل، فإن “الوزف” يستخدم في تحضير العديد من الأطباق
وتعتمد هذه الأطباق على تحميص “الوزف” جيدًا وإضافة مكونات وبهارات مثل الكمون، الثوم، والفلفل الأخضر
تقول ربة البيت، آزال العسالي: نحمص “الوزف”، ثم نطحنه ليصبح مسحوقًا ناعمًا، يقدم على الفطور أو العشاء كوجبة اقتصادية ولذيذة
وتشير لـ«المشاهد» إلى أن “الوزف” يستخدم كبديل للأسماك البحرية الأخرى واللحوم التي أصبحت أسعارها مرتفعة بشكل كبير
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير