“بدائل قاتلة” للغاز المنزلي بتعز

منذ 22 أيام

تعز – فهمي الصبري يلجأ إليها أهالي منطقة الشقب، بمديرية صبر الموادم، محافظة تعز إلى استخدام بدائل قاتلة” للغاز المنزلي

تدني المستوى الاقتصادي لا يمكن الأسر من تحمل نفقات عبوة أسطوانة الغاز التي يصل سعرها إلى 12 ألف ريال يمني من العملة الجديدة، حوالي 6 دولار أمريكي

المبلغ يبدو بسيطا، ولكن هو لأغلب الأسر فوق طاقة الدخل الشهري في منطقة الشقب التي يعيش فيها نحو 11 ألف شخص

أغلب مساحتها تحت سيطرة الحكومة الشرعية وجزء منها تحت سيطرة جماعة الحوثي (أنصار الله)

ولكونها منطقة تماس بين الطرفين فقد دفع السكان تكلفة اقتصادية وبشرية هائلة، حسب  تقرير للمشاهد نشر في ديسمبر الماضي

يشاع بين السكان هناك أن الكثير من الأمراض التي تظهر في المنطقة ناتجة عن التعرض لسموم النفايات والمخلفات الحيوانية التي تستخدم وقودا للطبخ المنزلي

تروي المواطنة “أميرة الشقبي” تجربتها مع هذه البدائل القاتلة

تستخدم أميرة حطب شجرة ظهرت مؤخرا في المنطقة هي التبغ الأزرق

تنمو وتنتشر التبغ الأزرق سريعًا بالمنطقة

وهي التي لجأ إليها المواطنون لاستخدامها كـ”حَطب” للطهي، مع انعدام مادة الغاز المنزلي وارتفاع أسعاره، وكذلك فعلت أميرة

موطن التبغ الأزرق هو أمريكا الجنوبية ولكنه الآن منتشر على نطاق واسع في القارات الأخرى

  وهو عبارة عن شجرة صغيرة أو شجيرة لها العديد من الفروع التي تنمو عادة إلى أكثر من 2 متر، ويمكن أن يصل ارتفاعها إلى 7 أمتار

يحتوي التبغ الأزرق على أناباسين (anabasine ) قلويد سام للأنسان وللحيوان ويمكن أن يكون تناول الأوراق قاتلاً

تقول أميرة لـ«المشاهد»: أثناء حرق حطب شجرة التبغ الأزرق كنتُ أشعر بضيق تنفس حد الإغماء، الذي تكرر معي أكثر من مرة

وهو ما جعلني أقتنع أنها ليست شجرة كبقية الأشجار، ثم توقفتُ عن استخدامها لهذه الأسباب

”أميرة الشقبي: أثناء حرق حطب شجرة التبغ الأزرق كنتُ أشعر بضيق تنفس حد الإغماء، الذي تكرر معي أكثر من مرة

وهو ما جعلني أقتنع أنها ليست شجرة كبقية الأشجار، ثم توقفتُ عن استخدامها لهذه الأسباب

”ليست شجرة التبغ الأزرق الوحيدة من البدائل الضارة المنتشرة كوقود للطهي

أميرة تستخدم أيضا المواد البلاستيكية وروث البقر المجفف كوقود للطهي

تقول ً: شعرتُ بأزمة تنفس وصداع تكرر كثيرًا معي خلال استخدامي أيضًا لروث البقر المجفف

ظروف مأساوية تعيشها منطقة الشقب؛ بسبب الحرب المستمرة بالبلاد منذ عام 2015

والتي حالت بين السكان ومزارعهم التي يعتمدون عليها في دخلهم ورفدهم بالأحطاب والأخشاب

وحرمت أهالي المنطقة من أبسط الخدمات الأساسية، التي بات الحصول عليها صعب المنال، وفي مقدمتها مادة “الغاز المنزلي”

وضع كهذا؛ دفع كثير من مواطني الشقب إلى البحث عن بدائل للغاز المنزلي المنعدم تقريبًا في المنطقة

ومن تلك البدائل استخدام مواد اشتعالية سامّة، في عملية طهي الطعام، كالبلاستيك، روث البقر المجفف، وشجرة التبغ الأزرق

وبحسب مسح قام به معد التقرير في نهاية ديسمبر الماضي، فإن أعداد المرضى تتزايد عاما بعد آخر في منطقة الشقب

هناك من يفسر زيادة المرضى في المنطقة باستخدام بدائل غير صحية للغاز المنزلي

وقد زاد عدد حالات المرضى في المنطقة من 195 حالة في 2022 إلى 246 حالة في 2024، حسب مسح أعده معد التقرير

وقد أحصى معد التقرير 21 حالة وفاة، تم تسجيلها في 2024، بينهم 18 حالة توفيت بسبب أمراض القلب، السرطان، والربو

حالات عدد المرضى في المنطقة الذين وثقهم معد التقرير يعانون أمراضًا مزمنة دون السكري، وأمراض الجهاز التنفسي والحالات النفسية

وصل عدد الحالات في 2024، إلى 246 مريض

منهم 178 مريضًا مصابين بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، بينما 68 مريضًا مصابون بالصرع

ورصد معد التقرير 18 طفلًا ولدوا بثقوبٍ في القلب خلال الخمس سنوات الماضية

المخاطر الصحية التي يكابدها أهالي الشقب، ترجع إلى استخدامهم بدائل سامة للغاز المنزلي، حسب أستاذ الأحياء بجامعة تعز، الدكتور توحيد الحاج، الذي يحمل هذه البدائل مسؤولية ما يحدث من أمراض

وقال الحاج لـ«المشاهد» إن استخدام روث البقر المجفف كوقود اشتعالي يشكل خطرًا صحيًا “كبيرًا” على الإنسان والبيئة

إذ يؤدي احتراقه إلى انبعاث مواد سامة مثل أول “أكسيد الكربون” و”أكاسيد النيتروجين” والجسيمات الدقيقة

وأضاف: هذه المواد تتسبب بأمراض تنفسية مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية المزمن، كما تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين

وذلك نتيجة تعرض الجسم لمستويات عالية من أكسيد الكربون الذي يعيق نقل الأكسجين في الدم

علاوةً على ذلك، يشير الدكتور الحاج إلى احتواء الروث على بكتيريا خطيرة، كـ”السالمونيلا” و”الإيشيريشيا كولاي”، وطفيليات تسبب أمراضًا معوية حادة

ومن تلك الأمراض “كالجيارديا” و’الأميبا”، التي تؤدي إلى تسمم غذائي خطير

يوضح الحاج أن حرق أوراق شجرة التبغ الأزرق، ينتج عنه دخان كثيف يحتوي على مركبات سامة مثل “القلويدات” و”النيكوتين” الطبيعي

كما يؤدي التعرض لهذه المواد إلى أمراض رئوية مزمنة، مثل الانسداد الرئوي، سرطان الرئة، تفاقم السعال، وضيق التنفس

الدكتور توحيد الحاج: أن حرق أوراق شجرة التبغ الأزرق، ينتج عنه دخان كثيف يحتوي على مركبات سامة مثل “القلويدات” و”النيكوتين” الطبيعي

كما يؤدي التعرض لهذه المواد إلى أمراض رئوية مزمنة، مثل الانسداد الرئوي، سرطان الرئة، تفاقم السعال، وضيق التنفس

“وتؤثر مركبات كـ”الأناباسين” على الجهاز العصبي، مسببة “تسممًا عصبيًا” يظهر على شكل ارتعاشات، وضعف التركيز، واضطرابات حركية، حسب الحاج

 مضيفا أن التعرض المستمر لدخان التبغ الأزرق يسبب تسارعًا بضربات القلب، ارتفاع ضغط الدم، وزيادة خطر الإصابة بالسكتات القلبية

ويواصل: حرق المواد البلاستيكية كوقود اشتعالي من أخطر الممارسات، حيث تطلق غازات شديدة السمية مثل “الديوكسينات” و”الهيدروكربونات” العطرية متعددة الحلقات

”منوها أن ذلك يسبب أمراض سرطانية في الكبد والرئة، والتهابات مزمنة في الجهاز التنفسي، والتأثير على أنسجة الرئة

بالإضافة إلى اضطرابات الغدد الصماء، ومشاكل إنجابية، وضعف الخصوبة واضطرابات الدورة الشهرية، واضطراب نبضات القلب؛ الناتجة عن ارتفاع ضغط الدم”

واختتم الحاج حديثه بالدعوة إلى التحذير من مخاطر هذه المواد، وزيادة الوعي بما تسببه من مشكلات صحية

واعتماد بدائل آمنة للطهي مثل الغاز الطبيعي أو الوقود الحيوي، والحد من استخدام هذه المصادر الضارة لحماية الصحة العامة

يبرر الناشط المجتمعي، عبد الله الشقب، من أبناء الشقب، لجوء أهالي المنطقة إلى استخدام هذه البدائل القاتلة

ويقول إن معاناة السكان متعددة في شتى الجوانب؛ نتيجة الحصار المفروض عليها من جماعة الحوثي

حيث تسيطر الجماعة على بعض المناطق الزراعية والسكنية في أطراف منطقة الشقب، مما يحرم السكان من استخدام مزارعهم

ويضيف الشقب لـ«المشاهد»: هذا الوضع ضاعف معاناة الأسر التي نزحت إلى الأجزاء الآمنة بالمنطقة؛ ما تسبب بازدحام سكاني غير مسبوق

كما أن 90 % من سكان منطقة الشقب معدومي الدخل وكان كل اعتمادهم على الأودية الزراعية التي يسيطر عليها الحوثيون

وهي مناطق كان يقتات عليها المواطنون، ويستخدمون أشجارها حطبا لطهي الطعام

ويرى عبد الله الشقب أن ظروف الحرب والحصار ومعاناة الناس المعيشية اضطرتهم إلى استخدام مخلفات الأبقار والنفايات البلاستيكية كبديل للغاز

 وتضاعف عورة الطريق البديلة التي يتم عبرها نقل حاجيات الناس قيمة الغاز المنزلي والسلع الأساسية الأخرى

يستخدم السكان طريقا بديلة وعرة إلى مدينة تعز يصل طولها إلى حوالي 40 كلم ومن هناك ينقلون السلع الأساسية

بينما الطريق الرسمية  الأقرب من الشقب إلى سوق دمنة خدير لا تتجاوز 15 كلم لكنها مغلقة وملوثة بالألغام

وختاما يناشد الشقب المنظمات المحلية والدولية لتدارك معاناة سكان المنطقة وتبني مشاريع تلبي احتياجاتهم

كما دعا الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا إلى الشعور بالمسؤولية تجاه ما يعيشه أبناء الشقب من تداعيات الحصار والحرب على المواطنين

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير