تعز.. سوق الكدحة يتعافى بعد سنوات من الركود
منذ سنة
تعز- أسامة الفقيه :كان سوق الكدحة إحدى أشهر الأسواق الشعبية في تعز قبل اندلاع الحرب عام 2015
المواطنون من مديريات جبل حبشي والوازعية والمعافر وغيرها من المناطق كانوا يتوافدون إليه ويبيعون ويبتاعون الماشية والفخار والخزف والجبن المحلي
بعد أن نشبت الحرب، توقفت الحركة في ذلك السوق، وأصبح السفر إليه غير ممكن في ظل انقسام المحافظة إلى قسمين، قسم تحت سيطرة الحكومة الشرعية والقسم الآخر تحت سيطرة جماعة الحوثي
يتذكر محمد محسن، 45 عاما، أحد سكان منطقة الكدحة، حالة السوق قديما، ويقول لـ “المشاهد”: “كانت الكدحة قديما محطة استراحة القوافل
ثم جاءت فترة وتحولت إلى سوق شعبي كل يوم ثلاثاء أسبوعيا، ويعتبر من أقدم الأسواق في مدينة تعز، حيث لا يقل عمر السوق عن 400 عام”
اشتهر سوق الكدحة بعرض جميع الأشغال اليدوية القديمة كالمنتوجات المصنوعة من الخزف بأنواعها، وكان هناك عادة خاصة تميز هذه المنطقة، وهي سباق الجمال
لكن جاءت الحرب، ومحت كل شيء كان يميز هذا السوق، وتحولت منطقة الكدحة وسوقها التاريخي إلى منطقة حرب بين أطراف الصراع
يقول محسن: “كنت أبيع كل ما بحوزتي من جبن لأحصل على مردود جيد، ثم أقتني من السوق كل احتياجاتنا، وأدخر ما تبقى من مال
لكن بعد أن توقف السوق، اضطررت وعائلتي للنزوح، بعد أن بعنا المواشي التي كانت مصدر دخلنا الوحيد ونصبح في مخيمات النزوح”
الحاج سعيد قاسم، 60 عاما، كان أيضأ على صناعة الجبن المحلي، وبيعها في سوق الكدحة في يوم الثلاثاء من كل أسبوع
يقول لـ “المشاهد”: “كنت أبذل جهدي طيلة الأسبوع في صناعة الأجبان والاهتمام بالمواشي التي كانت هي مصدر رزقنا الوحيد”
في كل ثلاثاء من كل أسبوع، كان الحاج قاسم وزوجته يقومون بجمع الأجبان التي قاموا بصناعتها بأشكالها المتنوعة، حيث كانوا يضعونها في أوان بلاستيكية، ثم يحملونها على الحمار إلى سوق الكدحة، وبيعها للمتسوقين
تداعيات الحربيتحدث الأستاذ معين فائق ، أحد وجاهات منطقة الكدحة في تعز، لـ “المشاهد”، ويقول: “لم تكن الكدحة منطقة صراع قبل عام 2015م، لكنها كانت شبه معزولة، لا يوجد فيها خط رئيسي، ولم يكن فيها سوى سوق شعبي يقام كل ثلاثاء”
بعد نشوب الحرب بين أطراف الصراع، أغلقت الطرق، واشتد الحصار على المدينة، وكان طريق الكدحة هي البديل لعبور البضائع من الحديدة إلى تعز، وتنقل الناس من المدينة إلى صنعاء وعدن ومناطق الشمال
يقول فائق: “بعد دخول جماعة الحوثي إلى المنطقة، نزح جميع الأهالي وتحولت المنطقة إلى ساحة صراع، وأصبحت الأراضي الزراعية مهجورة، وتراجعت الثروة الحيوانية في قرى منطقة الكدحة، حيث لم يبق إلا قرابة 20 ٪ تقريبا من الثروة الحيوانية، وتوقفت الأسواق الشعبية”
النهوض الاقتصادي مجددًايعتبر خط الكدحة- المخاء شريان مهم لمدينة تعز، وسيصبح من أهم الخطوط في وسط اليمن كونه يؤدي إلى البحر والخط الساحلي الممتد عبر عدن إلى المهرة
عبدالسلام القيسي، كاتب وصحفي، يقول ل ”المشاهد“ خط الكدحة شريان ثاني بعد طريق هيجة العبد، ويمتاز خط الكدحة بأشياء كثيرة عن خط هيجة العبد، كون خط الكدحة الآن المنفذ الوحيد لمدينة تعز، في ظل استمرار الحصار الذي تفرضه جماعة الحوثي على تعز
يضيف: “الأسواق تنتعش عندما تصبح مرورا لحركة إقتصادية كبيرة
وببدء العمل في المطار والميناء بمدينة المخاء، ستتوفر كل عوامل النهوض الإقتصادي بمدينة المخاء الساحلية، وقد حدث التغيير منذ الآن على إمتداد الخط وتحديدا بسوق الكدحة”
قاسم فرحان، 50 عاما، أحد مالكي المحال التجارية في الكدحة، يشير إلى أن هناك تحسنا في حالة السوق وتزايد إقبال التجار على استحداث محال جديدة
يقول لـ “المشاهد”: “هناك تزايد لافت وكبير في عدد المحالّ التجارية في المنطقة نتيجة للشريان الحيوي الرابط بين مدينة تعز والساحل، وحلقة الوصل بين تعز وبقية المحافظات الجنوبية، ما أنعكس إيجابا على حالة السوق وأزاح عنها غبار الحرب”
عمل خط مدينة تعز- المخا على زيادة نسبة المقبلين على سوق الكدحة، ما أدى الى ارتفاع حركة التجارة في السوق، والنهوض ببنيتها التحتية، ويتوقع فرحان في الأيام القادمة أن يعود للسوق بريقها التجاري الممزوج بالتفاصيل القديمة والمشغولات اليدوية التي ينتجها أبناء الكدحة بكل حب وتفان، وسيرتفع مستوى دخلهم الإقتصادي بعد سنوات من الركود
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير