«شارع هائل».. قطعة من تعز في صنعاء
منذ 6 أشهر
صنعاء – يحيى العكوري تتعالى أصوات عمال المطاعم، بلهجتهم التعزية، كلما اقتربت من أي مطعم أو كافتيريا بشارع هائل في مدينة صنعاء، وسط تصاعد أدخنة وروائح “الخبز الطاوة” التعزي الشهي
رائحة الخبز ليست وحدها من تتناثر في شارع هائل بصنعاء، بل إن روائح مدينة تعز هي الأخرى تنتشر في الأنحاء، حيث يتواجد أبناء الحالمة بكثرة
بات شارع هائل بصنعاء نموذجًا مصغرًا لمدينة تعز؛ نظرًا لكثرة تواجد التعزيين وتمركزهم فيه؛ مساهمين في إضفاء هوية تعزية على المكان
مأكولات تعزية “أمشي من القاع إلى شارع هائل كل يوم بعد العصر، من أجل تناول خبز طاوة هنا في شارع هائل، رغم وجود مخابز مماثلة بالقاع إلا أن خبز هائل مختلف”
يقول محمد القدسي
يحكي القدسي لـ«المشاهد» عشقه لشارع هائل الذي يضم أكبر تجمع سكني لأبناء تعز في صنعاء، حيث اعتاد الكثير من أبناء تعز القاطنين بالأحياء الأخرى، زيارة الشارع
يضيف القدسي: “ما إن تطئ قدمك الشارع، حتى تشعر وكأنك في إحدى شوارع مدينة تعز”
إلى جانب خبز الطاوة التعزي، تتوفر في شارع هائل الوجبات التعزية الأخرى، وكثير من المنتجات التي تتميز بها تعز ويحرص الباعة على توفيرها، بحسب القدسي
من تلك المنتجات: الجبن البلدي، الحلوى، الطرمبى، الوزف، الحلقى، الحلص، الحُمر الأخضر، وبعض المأكولات الشعبية
قطعة من تعزمزيج كبير من التعزيين في هذا الشارع، يسكنون شققًا سكنية عائلية، وأخرى للعازبين، و”دكاكين” يسكن بها العمال وبعض الطلاب الكادحين
كما يشتغل أبناء تعز في مهنٍ متعددة، أبرزها في المقاهي الشعبية وبيع الملابس، والإكسسوارات، والمطاعم الصغيرة، وخياطة البدلات، والمعامل
“يُفضل التعزيون شارع هائل، كونه بيئة للالتقاء مع أبناء محافظتهم بثقافات تعز المتعددة ولهجاتها وعاداتها الثرية”، بحسب بلال فائد، طالب جامعي
ويضيف قائد لـ«المشاهد»: هذه المميزات لا تجدها في شارع آخر بصنعاء، حيث تغلب عليهم اللهجة الصنعانية بخليط من سكان المحافظات الأخرى، وغالبيتهم يتكلمون لهجة صنعاء
ويضم الشارع مقاهي عتيقة يصل عمر بعضها لأكثر من خمسين عامًا، ويتجمع فيه أطباء ومحامون ومثقفون لارتشاف القهوة وتبادل أطراف الحديث، يقول قائد
ويواصل: نظرًا لموقع الشارع الاستراتيجي الذي يتوسط شوارع وأماكن كثيرة مهمة، انتعشت فيه الحركة وبات متنفسًا رئيسيًا لأبناء تعز يمارسون فيه طقوسهم
قصص كفاحيحوي شارع هائل بصنعاء على قصص كفاح، أبطالها شباب تعزيون سخّروا حياتهم لإعالة أسرهم من خلال بسطات الملابس العشوائية على الرصيف عصرًا
أما في الصباح فيواصل أبناء تعز تعليمهم في الجامعات، كما هو حال نائف موسى من أبناء مدينة التربة
يقول نائف لـ«المشاهد»: “هذه البسطة جهزها لي خالي، أعمل بها طوال السنة أنا وأخي الصغير، وأصرف على عائلتي منها شهريًا”
ويتابع: إضافةً إلى أن البسطة تُعينني على مصاريف الجامعة واعتمد عليها في توفير إحتياجاتنا
وكما هو الحال عند الكثير من طلاب الجامعات الذين يكافحون لمواصلة التعليم، بالاعتماد على أنفسهم، من خلال انخراطهم في الأعمال المسائية، تبدو هذه التجربة أكثر توسعًا عند التعزيين الذين وجدوا من هذا الشارع مكانًا ملائمًا للربط بين العمل والتعليم
سبب التسميةترجع تسمية شارع هائل بهذا الإسم، نسبةً لرجل الأعمال المرحوم هائل سعيد أنعم، الذي أسس في القرن الماضي عديد المنازل بداية الشارع؛ لتكون سكنًا لموظفيه حينها، بحسب الباحث أحمد النويهي
ويضيف النويهي لـ«المشاهد»: نهاية التسعينيات أطلقت تسميات جديدة لشوارع صنعاء بأسماء عواصم الدول العربية، وسميّ شارع هائل بشارع الرياض، إلا أن التسمية القديمة “هائل”، ظلت لصيقة به حتى وقتنا الحاضر
ويمتد شارع هائل لحوالي ثلاثة كيلومترات، ابتداءً من شارع الزبيري وحتى أطراف الجامعة الجديدة شرقًا، ومن خط الستين شمالًا حتى منتصف الخط الدائري
وشهدت محافظة تعز بعد ثورة 26 سبتمبر 1962، هجرة الكثير من السكان إلى صنعاء للعمل، حيث شهدت صنعاء بعد الثورة إنتعاشًا كبيرًا في الحركة التجارية، حسب المؤرخ نبيل سلام
ويشير النويهي إلى أن القضاء على الإمامة، وإقامة النظام الجمهوري، جعل صنعاء بيئةً خصبة للعمل والعلم، خاصة أنها كانت المدينة الوحيدة التي تتواجد فيها جامعات آنذاك؛ ما أدى إلى هجرة الكثير من التعزيين إلى صنعاء
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير