“محرومون” من فتح طريق الحوبان
منذ 10 أشهر
مثَّل إعادة فتح الطريق الرابط بين مدينة تعز والحوبان في 13 يونيو/ حزيران الجاري، حدثًا بارزًا خلال العام الحالي وفرحة انتظرها السكان لنحو تسعة أعوام
إلا أنّ هذه الفرحة لم تكتمل لدى فئات من الناس ترى بأنها “محرومة” من حق التنقل والسفر بحرية عبر هذا المنفذ خوفًا لتعرضها للاعتقال أو الاحتجاز التعسفي”
عيد أضحى سادس يقضيه الصحفي ضيف الله الصوفي بعيدًا عن عائلته نظرًا لعدم قدرته على التنقل بين مركز المدينة الخاضع لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا ومديريات ريف شرق المحافظة التي تسيطر عليها جماعة أنصارالله (الحوثيين)
ما حدث لزملائه – الصحافيين – خلال السنوات الماضية من “اختطاف وتعذيب نفسي وجسدي، والتغييب لسنوات” جعله يتراجع عن المجازفة في الخروج لزيارة أسرته “فالحوثي قد يرميك في سجونه السرية دون تهمة، والشواهد على ذلك كثيرة”، كما يقول للمشاهد
ويرى أنَّ فتح الطريق مؤخرًا تم “دون ضمانات لاستمرار بقائها مفتوحًا”
حاليًا؛ لا يزال الانتقال بين الجانبين محصورًا على عبور المسافرين ومركبات النقل الخفيفة فقط، فيما شاحنات البضائع لا تزال تمر عبر طريق الأقروض الوعر (جنوبً شرق تعز)، وهو أحد الطرق البديلة التي اتخذها سكان تعز للتنقل منذ اندلاع الحرب في البلاد عام 2015
أصبحت الآن مدة السفر من الحوبان التي يسيطر عليها الحوثيين إلى مدينة تعز، تستغرق ما بين 15- 30 دقيقة بعد أن كانت تصل إلى خمس ساعات عبر طرق بديلة وعرة
وعلى طول الطرق التي تربط مناطق طرفي الصراع تنتشر نقاط وحواجز أمنية باتت تشكل مصدر قلق لمن يعتزمون التنقل عبرها
ويبرر الصوفي مخاوفه من السفر عبر “النقاط التابعة للحوثيين لأنها عادة تصبح ساحة مفتوحة للاعتقالات والمضايقات”
هناك فئات كالصحفيين والناشطين والقُضاة والمحامين والجنود وغيرهم من الأشخاص الذين لديهم مواقف وآراء علنية مناهضة لجماعة الحوثي لا يستطيعون السفر إلى منطقة الحوبان
ويتقاسم الطرفان السيطرة على محافظة تعز، حيث تخضع 60 في المئة من مساحتها الإجمالية- المقدرة ب 12 ألف كم²- لسيطرة الحكومة، بما في ذلك مركز المحافظة، فيما تسيطر جماعة الحوثي على 40 في المئة من بقية المساحة، بما فيها المنافذ الشرقية والشمالية للمدينة بما في ذلك المنافذ الرئيسية التي تربطها ببقية محافظات البلاد
وتقع المدينة الجنوبية الغربية على مفترق طريقين رئيسيين: طريق شرق-غرب يربطها بمدينة المخا الساحلية الواقعة على البحر الأحمر، وآخر من الشمال إلى الجنوب يربطها بالعاصمة بعدن وصنعاء عبر محافظتي ذمار وإب
الصحفي مكين العوجري هو الآخر “محروم من اللقاء بعائلته منذ بداية الحصار وحتى الآن”، فهو لا يستطيع التنقل إلى “أي منطقة يتواجد فيها الحوثيين”
يقول إنَّ “الطريق لا تفيدنا كصحفيين في شيء فقط هي خففت من معاناة المواطنين في التنقل”
مُشيرًا إلى أن “هناك مخاطر كثيرة تترصد الصحفيين بشكل خاص في حال فكروا الانتقال الى مناطق الحوثيين”
منذ بدء الحرب تعرض ما يزيد عن 480 صحافيًا للاعتقال من قبل أطراف الصراع، الأغلبية منهم اعتقلتهم جماعة الحوثي، بحسب تقرير سابق لمرصد الحريات الإعلامية الذي يشير إلى وجود ثلاثة صحفيين يقبعون في سجون الجماعة
يضيف العوجري للمشاهد: “بصفتك صحفي فأنت عدوًا لجماعة الحوثي، هم ينظرون إلينا أننا مصدر قلق عليهم وأننا سوف نسبب لهم مشاكل من خلال لفت نظر الناس وقضاياهم ومشاكلهم، دون شك سيكون مصيرنا الاعتقال والتعذيب في حال ذهب أحدنا إلى الحوبان”
وعن انعكاسات تلك القيود، يشير إلى أنه كغيره من الصحفيين خسروا الكثير من العوامل الاجتماعية، حيث “لا نستطيع مشاركة الناس الأفراح والأحزان في أي مناسبة اجتماعية أو دينية، أصبحنا معزولين عن مجتمعنا هنا (وسط المدينة) تمامًا”، كما يقول
لا تقتصر مخاوف التنقل عبر المنفذ الذي أُعيد فتحه مؤخرًا، على الصحفيين فحسب، فهناك مواطنون يعملون في مهن يدوية وحرفية لديهم ذات المخاوف؛ كما هو الحال مع يزن الشرعبي الذي يبرر قلقه لما سمّاها “الإجراءات القمعية التي تمارسها جماعة الحوثي ضد من يعارضها”
سبق أن تعرض الشرعبي وهو عامل بناء، للاحتجاز لمدة نصف شهر لدى الحوثيين بذريعة “تشابه في الاسم واللقب” وهو مبرر “غير منطقي”، حد تعبيره
حاول معد التقرير التواصل مع ناشطين يقيمون في مناطق سيطرة الحوثيين، شرق تعز لمعرفة آرائهم حول ما إذا كان لديهم مخاوف من الدخول إلى مركز المدينة، إلا أنهم لم يردوا
تفسر عدد المركبات التي قصدت مناطق الطرفين طبيعة القلق والمخاوف لدى بعض الناس
خلال يومين فقط من فتح الطريق بلغ عدد السيارات التي غادرت مدينة تعز إلى الحوبان أقل من 500 مركبة، مقابل 1600 سيارة قدِمت من الحوبان إلى المدينة، وفق مصدر حكومي في حديث للمشاهد
يُرجع مدير مكتب شؤون الحصار، ماهر العبسي، سبب تلك المخاوف إلى “العمل القمعي التي تمارسه جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها ما جعل كثير من السكان يتخوفون من الخروج إلى تلك المناطق خوفا من الاعتقال”
يقول للمشاهد، إنَّ “هؤلاء الأشخاص ليس لهم علاقة بالنزاع و تخوفهم هو بسبب أنهم يقيمون في مناطق سيطرة الشرعية أو عبّروا عن آرائهم بكل حرية على وسائل التواصل الاجتماعي
وبحسب اتفاقية جنيف والقانون الدولي الإنساني فإنه يحق لهم التنقل دون أن يتعرضوا لأي اعتقال لأنهم ليسوا مشاركين في الحرب بشكل مباشر”
ويضيف أنَّ “90 بالمئة ممن اعتُقلوا في مناطق سيطرة الجماعة هم أشخاص مدنيين لا علاقة لهم بالنزاع، تم اعتقالهم من أجل مقايضتهم بمقاتلين حوثيين”
تشير إحصاءات سابقة لرابطة أمهات المختطفين (منظمة حقوقية غير حكومية) إلى رصد 401 واقعة اختطاف تعرض لها مدنيون في نقاط التفتيش التابعة لجماعة الحوثي بمحافظة تعز
بالنسبة للعبسي، فإن تلك الإحصائية “تكاد تكون فقط للأشخاص الذين قاموا بالإبلاغ عن ذويهم المعتقلين، لكن العدد يفوق ذلك بكثير كون هناك كثير من الأسر لا تقوم بالإبلاغ أو لا تعرف آلية الإبلاغ والوصول إلى الجهات المختصة بالمعتقلين”
أُعيد فتح طريق تعز الحوبان من قبل الحوثيين ضمن خطوة أعلنتها الجماعة لفتح طرق أخرى كانت مغلقة منذ سنوات، مثل طريقي البيضاء – مأرب وأبين – البيضاء تنفيذًا لما أسموها “توجيهات” زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي
منذ الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في أبريل/نيسان 2022، لم يتم تنفيذ البند المتعلق بفتح الطرق
ولا تزال هناك طرق لتعز مغلقة
فطريق عصيفرة – الستين (شمال مدينة تعز) وطريق المطار – مصنع السمن والصابون (غربًا) مغلقان من قبل جماعة الحوثي بالرغم من إعلان الحكومة فتح الطريقين من جانبها
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير