“مخاوف حوثية” وراء حكم إعدام “أحمد علي”
منذ 2 ساعات
عدن – بديع سلطانمثّل التحالف بين جماعة الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي العام بصنعاء، إحدى التكتلات السياسية خلال السنوات الأولى من الحرب في اليمن
كان التحالف بمثابة قطبٍ رئيسي مضادًا لـ”الشرعية” التي تمثلها الحكومة المعترف بها دوليًا، تحالفٌ حال دون إحلال السلام وإنهاء الحرب
غير أن هذا التحالف انهار عقب أحداث ديسمبر 2017، ومقتل رئيس المؤتمر الشعبي العام، الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح
وباتت شراكة حزب المؤتمر مع الحوثيين منذ ذاك الحين “هامشية” وصورية، بعد استئثار الجماعة بكل شيء وفرض سيطرتها الكاملة
وحرصت جماعة الحوثي على إبقاء شراكتها مع حزب المؤتمر حتى ولو شكليًا؛ لإضفاء صفة الشرعية السياسية على سيطرتها
ويبدو أن ثمة تطورات وتحولات كبيرة، وربما حتى مخاوف؛ دفعت الجماعة إلى اتخاذ خطواتٍ أكثر حدة؛ لإنهاء هذه الشراكة
أبرز تلك الخطوات كان إصدار محكمةٍ حوثية بصنعاء، مؤخرًا، حكمًا بإعدام أحمد علي عبدالله صالح، أهم رموز حزب المؤتمر
بالإضافة إلى مصادرة ممتلكاته بتهمة “الخيانة والتخابر مع دول أجنبية”
خطواتٌ تواصلت باقتحام جماعة الحوثي اجتماعًا لقيادة حزب المؤتمر بصنعاء برئاسة رئيس الحزب صادق أمين أبو راس
وأنهت الاجتماع وأجبرت الحاضرين على مغادرته؛ ما اعتبره محللون وسياسيون بأنها تطورات تحمل دلالات خطيرة
سياسيون اعتبروا أن ما يقوم به الحوثيون ضد قيادات حزب المؤتمر ورموزه يأتي نتيجة مخاوف الجماعة من التطورات السياسية المقبلة على الساحة اليمنية
وقال نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام بمحافظة مأرب، سعود اليوسفي، إن لدى الحوثيين مخاوف من تغيّر الموقف الدولي تجاه اليمن
وأوضح في تصريحٍ خاص لـ”المشاهد” أن ما عاشه الوطن العربي من تحولات سياسية، في سوريا، ولبنان، ليس ببعيدٍ عن اليمن
لافتًا إلى أن القاسم المشترك في كل تلك التحولات هو إنهاء النفوذ الإيراني في تلك البلدان، واليمن ليست بمنأى عنها
سعود اليوسفي: حكم الإعدام بحق أحمد علي عبدالله صالح يكشف مخاوف الحوثيين من المتغيرات الدولية وتغير موقف المجتمع الدولي تجاه اليمن، كما حدث مع سوريا ولبنان والبلدان التي تم فيها إنهاء المشروع الإيرانيواعتبر اليوسفي أن الحكم بإعدام أحمد علي عبدالله صالح، واقتحام اجتماعات حزب المؤتمر، يأتيان في إطار هذه المخاوف
واصفًا ما يصدره الحوثيون في العاصمة المحتلة صنعاء من أحكام بأنها “غير قانونية”، ولا يمكن اعتبارها “قضائية”
وأوضح أن الأيام والأحداث أثبتت عداوة الحوثيين لكل اليمنيين، دون تمييز وبعيدًا عن الانتماءات، مؤتمريين وإصلاحيين وإشتراكيين وناصريين، وكل التيارات السياسية
كما أن الحوثيين كيان ضد كل الرموز الوطنية، وضد الإنسانية”
اليوسفي عاد ليذكر بمخاوف الحوثيين من التحولات القادمة في المشهد اليمني، وهو ما يفسر تصرفاتها تجاه حزب المؤتمر وقياداته
مشيرًا إلى أن التحولات الإقليمية والدولية طالت كل من له صلة بالمشروع الإيراني في المنطقة
ويخشى الحوثيون أن تكون قيادة المؤتمر هي البديل الذي يهيئه المجتمع الدولي بديلًا عنهم، وسط توجهاتٍ لإنهاء مشروع إيران باليمن
داعيًا السفير أحمد علي بالانفتاح على جميع اليمنيين والقيادات الوطنية
وتكثيف التواصل معهم والتوجه للقيادة في الرئاسي والتحالف العربي لتغيير المشهد اليمني
متمنيًا في ختام تصريحه أن يكون للسفير أحمد صالح تأثير واضح في التحولات القادمة
فيما، يرى وكيل محافظة الجوف، رئيس الهيئة التنفيذية للمؤتمر الشعبي العام، ناجي مسيح، أن أحمد صالح يمثل تهديدًا للحوثيين
يأتي ذلك عطفًا على كونه قائد سابق للحرس الجمهوري، ورمز قبلي، ونائب رئيس المؤتمر، والمنافس السياسي المتبقي للجماعة
ناجي مسيح: الحوثيون يعتبرون أحمد علي تهديدًا حقيقيًا لسلطتهم السياسية المتلبسة بالدين وإدعاء الولاية، وتزايدت هذه التهديدات بعد رفع العقوبات عن أحمد علي وتقاربه مع القوى السياسية اليمنية، كما أن الجماعة لا تريد إشراك حزب المؤتمر في فريق صنعاء التفاوضي في حالة تجدد مفاوضات التسوية السياسيةوأكمل: “الحوثيون يعتبرون أحمد علي تهديدًا حقيقيًا لسلطتهم السياسية المتلبسة بالدين وإدعاء الولاية
وتزايدت هذه التهديدات بعد رفع العقوبات عن أحمد علي، وتقاربه مع القوى السياسية في الشرعية والتحالف العربي”
وقال مسيح في تصريحٍ خاص لـ”المشاهد”: “إن الجماعة تستخدم القضاء لتصفية خلافاتها مع خصومها
وتدرك أن حكمها بإعدام أحمد علي مجرد “حبر على ورق” وفاقد لقيمته
لكنها تسعى لبعث رسائل تهديد لقيادات المؤتمر بالداخل، بأن أي تعاونٍ أو تنسيق مع السفير أحمد علي قد يواجَه بالعنف
وتابع مسيح: “الحكم يأتي مع زيادة الضغط الدولي على الحوثيين، ومحاولات العودة للمفاوضات
حيث لا تريد الجماعة أن يشاركها حزب المؤتمر أو أيٍ من القوى السياسية ضمن فريق صنعاء في أي مفاوضات محتملة”
واختتم: “تعمل الجماعة على خلق أحداثٍ هامشية لشغل الشارع اليمني وأتباعها، وإظهار قدرتها على الفعل بعد دخولها قائمة الإرهاب
ونقل البنوك إلى عدن، وإغلاق مطار صنعاء، وبدء القفز من سفينتها، كما حدث مع هشام شرف بعدن، ومحمد الزايدي بالمهرة”
كل ما سبق، عاضده واتفق معه الكاتب والصحفي اليمني، سام الغباري، الذي قدم تفسيرًا لحكم الإعدام الصادر بحق أحمد علي
وقال الغباري: “إن قرار الحوثيين بإعدام السفير أحمد علي، يمثل مؤشرًا على تحولات وشيكة في المشهد اليمني
ويعكس خشية الجماعة من بروز دور سياسي قادم لنجل الرئيس اليمني الراحل، سواء في الداخل أو على مستوى التوازنات الإقليمية”
سام الغباري: حكم إعدام أحمد علي خطوة تصعيدية لا تستهدف شخص، بقدر ما تكشف عن تحولات بنيوية وشيكة في المشهد اليمني، تستهدف تفكيك وتصفية ما تبقى من مؤسسات جمهورية، واستبدالها بكيانات حوثية تدار بقيادات حوثية وأضاف: “أن أحمد علي، بصفته نائب رئيس حزب المؤتمر، جناح صنعاء، يمثل رمزًا سياسيًا لا يزال يتمتع بحضورٍ داخل الحزب
ويشكل قرار إعدامه خطوةً تصعيدية لا تستهدفه كشخص، بقدر ما تستهدف تفكيك ما تبقّى من توازنات الجمهورية”
الغباري أوضح أن قرار الإعدام قد يمهّد لإعادة تشكيل المشهد السياسي، وربما يصل إلى حلّ المجلس السياسي الأعلى نفسه
وتوقع “إلغاء مجلس النواب”، واستبداله بمجلس حوثي داخلي موحّد، يدمج بين النواب والشورى
يدار بالكامل من قيادات الجماعة؛ ما يمثل تصفيةً نهائيةً لما تبقى من مؤسسات الجمهورية
ولفت الغباري إلى أن قرار إعدام السفير أحمد علي ليس إلا رأس جبل الجليد، يخفي تحته تحولات بنيوية
تسعى جماعة الحوثيين من خلالها إلى تفكيك مراكز القوى الجمهورية، وإعادة إنتاج السلطة في مناطق سيطرتها وفق تصورٍ ديني وعسكري
يمنحها السيطرة المطلقة، دون شراكة أو توازن مع أحد
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير