“مدينة المساجد” تتزين لرمضان

منذ 3 أشهر

تريم – أشرف الصوفيمنذ أن كان صغيرًا، يشارك الحاج المسن عبد الله باوزير، في حملة طلاء وتزيين مساجد مدينة تريم، بوادي حضرموت، شرق اليمن

فقبيل شهر رمضان يتجدد بالمدينة هذا التقليد السنوي، المتمثل بطلاء المساجد بـ “النورة البيضاء” الذي يعكس روحانية المدينة واهتمام أهلها بالمساجد

ويقول الحاج باوزير لـ«المشاهد»: يشهد الأسبوع الأخير من شهر شعبان حملةً جماعيةً واسعة لتنظيف المساجد وتزيينها وإعادة طلائها بالنورة البيضاء

مشيرًا إلى أنه تقليد متوارث بمدينة تريم؛ يعكس قدسية المكان (المسجد)، ويترجم مدى استعداد الأهالي لاستقبال رمضان بروح إيمانية متجددة

وأضاف باوزير: يتطوع كبار السن والشباب، وحتى الأطفال؛ للمشاركة في حملة تزيين المساجد وتنظيفها

ويحرص الجميع على تنظيف المساجد من الداخل والخارج، وإعادة طلاء جدرانها بـ(النورة البيضاء) التي تمنحها مظهرًا ناصعًا يعكس نقاء القلوب

وبحسب الحاج باوزير فإن طلاء المساجد لا يقتصر على المصلى الداخلي للمسجد، بل تمتد هذه العادة إلى الساحات ومآذن الجوامع

حيث تتزين جميعها باللون الأبيض الناصع في مشهد مهيب يبعث الطمأنينة في النفوس

ويختم الحاج عبد الله باوزير حديثه بالإشارة إلى أن المساجد بيوتنا الثانية، والاهتمام بها جزء من هويتنا

فكلما أقبل رمضان، تجد الجميع يشارك في تجميل المساجد، وهذا يعكس مدى حبنا لمدينتنا وحرصنا على إحياء تراثها الجميل

”حسين بن سميط، أحد القائمين على مساجد تريم، لا ينظر لهذا العمل كمجرد تقليد، بل عبادة وتقرب إلى الله

وقال لـ«المشاهد»: نؤمن أن العناية بالمساجد وتجهيزها يعكس مدى ارتباط المجتمع بالدين

كما أن تزيينها قبل رمضان يمنحها هيبةً خاصة ويجعلها مهيأةً لاستقبال المصلين بروح جديدة

”حسين بن سميط، قيم مسجد بتريم: نؤمن أن العناية بالمساجد وتجهيزها يعكس مدى ارتباط المجتمع بالدين

كما أن تزيينها قبل رمضان يمنحها هيبةً خاصة ويجعلها مهيأةً لاستقبال المصلين بروح جديدة

”وتشتهر تريم، المُلقبة بـ “مدينة المساجد” بكثرة مساجدها التي تتجاوز 360 مسجدًا

ولعل ذلك أحد الأسباب في اختيارها عاصمةً للثقافة الإسلامية عام 2010 من قبل منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)

وتشتهر تريم بأطول منارة طينية يبلغ ارتفاعها 150 مترا

تتخذ حملة طلاء وتزيين مساجد تريم طابعًا احتفاليًا يشارك فيها الجميع

وتأتي هذه الاستعدادات في إطار التحضير لمجالس “الختايم”، وهي تقليد آخر يتمثل في ختم القرآن الكريم داخل المساجد

حيث تجتمع العائلات لتلاوة القرآن وترديد الأدعية في أجواء إيمانية مفعمة بالخشوع

تستخدم النورة البيضاء كمادة تقليدية منذ القدم في طلاء الجدران، وتعطي المساجد طابعًا مميزًا يتناسب مع قدسية شهر رمضان

إضافةً إلى ما تمنحه من رونق في الجانب الجمالي

وتلعب النورة دورًا في حماية المباني من الرطوبة، ما يجعلها خيارًا عمليًا إلى جانب رمزيتها الروحانية العميقة

ويوضح المختص في ترميم المباني التراثية، المهندس صالح بامخرمة، أهمية استخدام النورة

مشيرًا لـ«المشاهد» إلى أنها “مادة تقليدية تمتاز بخواص طبيعية تحمي الجدران من التشققات والرطوبة”

وتستخدم في طلاء المساجد؛ بهدف الحفاظ على الطابع التراثي للمدينة، فضلًا عن أنها تضفي لمسة جمالية تعزز من روحانية المكان

”تتميز حملة تزيين المساجد بروح التكاتف الاجتماعي، من خلال مشاركة الأهالي بمختلف أعمارهم في تنظيف المساجد وتجهيزها

وتجد الأطفال يحملون فرش الطلاء، والشباب يساعدون بنقل مواد الطلاء، والكبار يشرفون على العمل، في صورة تعكس التعاون والانسجام بين الجميع

الشيخ محمد الكثيري، أحد أئمة مساجد تريم يقول إن هذا التقليد له أبعاد دينية واجتماعية عميقة

قائلًا لـ«المشاهد»: “إن تنظيف المساجد وتزيينها بالنورة قبل رمضان يعكس مدى قدسية هذا الشهر في قلوب الناس

ويواصل: المساجد هنا ليست مجرد أماكن للصلاة، بل تجمعات روحية وثقافية، ونحرص على أن تكون بأبهى حلة لاستقبال الصائمين والمصلين

”يقول الشاب أحمد باحريش، أحد المتطوعين في الحملة: إن المشاركة في تنظيف المساجد تمنحني شعورًا بالسعادة والرضا

” ويبين في حديثه لـ«المشاهد» أن الحملة ليست مجرد عمل تطوعي، بل هي عبادة وتقرب إلى الله

” وزاد: عندما أرى المساجد وقد ازدانت بالنورة البيضاء، أشعر بالفخر لأنني كنت جزءًا من هذا الجهد الجماعي

”أحمد باحريش، متطوع في حملة طلاء المساجد بالنورة البيضاء: إن المشاركة في تنظيف المساجد تمنحني شعورًا بالسعادة والرضا

الحملة ليست مجرد عمل تطوعي، بل هي عبادة وتقرب إلى الله

عندما أرى المساجد وقد ازدانت بالنورة البيضاء، أشعر بالفخر لأنني كنت جزءًا من هذا الجهد الجماعي

”أما السيدة فاطمة باعبيد، فتكشف أن النساء لهنّ دور كبير في تجهيز المساجد لاستقبال رمضان

قائلةً لـ«المشاهد»: لا نشارك في طلاء الجدران، لكننا ننظف المصليات النسائية، ونرتب المصاحف، كواجب علينا باعتبارنا جزء من المجتمع

”وعلى الرغم من التطورات العمرانية الحديثة، إلا أن أهالي تريم ما يزالون متمسكون بهذه العادات

ويرون فيها انعكاسًا لقيم التعاون والتكافل الاجتماعي، وتجسيدًا لاحترام المساجد وتعظيمها

فكل عام، تتجدد هذه العادة، ويتجدد معها التلاحم المجتمعي، في صورة من صور العناية ببيوت الله والاحتفاء بالشهر الفضيل

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير