أسر المخفيين قسرًا… حياة بدون معيل
منذ سنة
مأرب – إدريس قاسم :“نحن أسرة نموت ألف موتة كل يوم بعد اختفاء أخي المعيل لنا”
بهذه العبارة التي تختزل مرارة معاناة اختفاء شقيقها، لخصت فاطمة العولقي، التي تبلغ من العمر 29 عامًا، من أبناء محافظة شبوة مديرية الصعيد، وتسكن مع أسرتها في عدن، أخت المخفي قسرًا حاتم علي جعيم العولقي، في حديثها لـ”المشاهد”، قصة اسرتها التي تتكون من أب وأم وزوجة والأخت الأرملة فاطمة وطفلين لها، والتي تعاني نفسيًا ومعيشيًا منذ اختفاء شقيقها في 1/7/2016، والذي يعتبر -كما تقول فاطمة- هو المعيل الوحيد لهم
بدون معيل تعيش فاطمة وأسرتها في العاصمة المؤقتة عدن، وتتكون من الأم التي تعاني من صعوبات صحية في الدماغ، والأب الذي يعاني من أمراض ضغط الدم والسكر وفقدان إحدى عينيه، بالإضافة إلى فاطمة، وهي أرملة ولديها طفلان
وتضيف فاطمة أن شقيقها تزوج قبل اختفائه بشهرين، وزوجته تعيش معهم في المنزل، وهي الأخرى مثل اختفاء زوجها صدمة لها، وتعيش على قيد الانتظار
وتتابع فاطمة في سرد قصة اختفاء شقيقها، حيث تقول إنه كان يعمل سائق باص نقل قبل اختفائه
مر ما يقرب من ثماني سنوات على اختفاء حاتم، حيث تؤكد فاطمة أن اختفاء شقيقها كان بعد السيطرة على مدينة عدن من قبل المقاومة حينها، بعد مواجهات مع جماعة الحوثي، في يوليو 2016
كان حاتم، وفي أحد أيام شهر رمضان، يتناول وجبة العشاء في منزل أحد أقاربه في شارع العيادة بمديرية المنصورة، بعد أن انتهى من صلاة التراويح في مسجد الرحمن، تمت مداهمة المنزل من قبل مسلحين بزي عسكري، حسبما أكد لها الأشخاص الذين كانوا متواجدين أثناء اختطاف شقيقها، وحتى اليوم لا يعرفون عن مصيره أي شيء
لم تتوقف أسرة المخفي حاتم يومًا عن البحث عنه، ومتابعة ذلك من خلال مختلف الجهات المختصة، كما تقول فاطمة، لكن دون جدوى، وليس هناك أية معلومات تدل على مكان وجوده أو مصيرهتعيش أسرة حاتم في ظروف صعبة، حيث تعاني من الأمراض وصعوبات المعيشة، وتعتمد على مساعدة أهل الخير ورابطة أمهات المختطفين، التي تقدم لهم المساعدات الغذائية بين الوقت والآخر
بهيج عبيد زيد هو الآخر من المخفيين قسرًا، اختطف في 25/6/2018، تقول زوجته أشجان محمد أحمد حسين، في حديثها عن قصة اختفاء زوجها، إنه تم اختطافه منذ ست سنوات، دون أن تجد أي أثر أو معلومات عن مكانه
وتضيف: “تم اختطاف زوجي في مديرية دار سعد، الساعة السادسة وقت صلاة المغرب، عندما كان يقود سيارة نوع إيكو، وكان خلفه باص نوع نوها، فيه أربعة مسلحين ملثمين لم يتم التعرف عليهم، قاموا بإطلاق النار عليه من الخلف حتى توقف من كثافة الرصاص، وقاموا باختطافه، ولم يتم التعرف على الأشخاص المسؤولين عن هذا الاختطاف حتى الآن
ولم يتم معرفة أين هو زوجي إلى اليوم”
وتتابع أشجان: “في نفس العام الذي اختطف فيه زوجي، هناك سجين سابق خرج من سجن التحالف، وأفاد بأنه موجود في سجن التحالف، لكن لا توجد أية معلومات إضافية عنه، سواء كان يتعرض للتعذيب أم لا، وما إذا كان حيًا أم ميتًا، أو لايزال موجودًا هناك، لا نعلم عنه شيئًا، ونحن نعيش فقط على أمل أن نجد أخباره أو اتصالًا منه أو نراه من مكان بعيد”
وبمرارة وحزن لا ينتهي تشرح أشجان كيف تحولت حياتهم بعد اختفاء زوجها، فهي تعيش مع بناتها الثلاث ووالد زوجها المريض في ظروف صعبة جدًا كما تصف، “ولا يوجد أحد يصرف علينا سوى أهل الخير”
قضية صعبة قصة اختفاء حاتم وبهيج هي من بين عشرات من قصص الاختفاء لأشخاص في مختلف المناطق التي يسيطر عليها أطراف الصراع في اليمن، حيث كشفت أمة السلام الحاج، وهي رئيسة رابطة أمهات المختطفين في اليمن، عن توثيق الرابطة لـ58 حالة إخفاء قسري قام بها الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي في عدن، و55 حالة إخفاء قسري قامت بها جماعة الحوثي في المناطق التي تخضع لسيطرتها، وحالتين في الساحل الغربي الواقع تحت سيطرة القوات المشتركة بقيادة طارق صالح، وحالة واحدة مختفية قسرًا لدى الحكومة الشرعية
وأضافت الحاج، في حديثها لـ”المشاهد”، أن عدد المخفيين قسرًا أكبر مما تم توثيقه، حيث إن هناك الكثير من الحالات لم يتم استكمال توثيقها بشكل كامل، بسبب عدم توافر معلومات عنهم
يعتبر العثور على معلومات عن المخفيين قسرًا أمرًا صعبًا، إذ إن الحصول على معلومات عن المخفيين وتوثيق قضيتهم يحتاج إلى جهود كبيرة تتعلق بالأوضاع غير المستقرة التي أفرزتها الحرب
وعدم تمكن الرابطة من الكشف عن أماكن إخفائهم، قالت: “لاحظنا وجود عدد كبير جدًا من هذه الحالات من خلال المراقبة الشاملة لدينا ومنظمات أخرى”
وتابعت عن قضية المخفيين قسرًا في اليمن، أن هذه القضية صعبة، حسب وصفها، ويعتبر العثور على معلومات عن المخفيين قسرًا أمرًا صعبًا، إذ إن الحصول على معلومات عن المخفيين وتوثيق قضيتهم يحتاج إلى جهود كبيرة تتعلق بالأوضاع غير المستقرة التي أفرزتها الحرب
ومن أصعب التحديات التي تواجهها الرابطة، هو الاستفسار عن أماكن تواجد المختطفين والمخفيين قسرًا
وفي الوقت الذي يتم الإفراج عن بعض المختطفين، تقوم الرابطة بعمل استمارات للمفرج عنهم، وتذكر لهم بعض أسماء المخفيين إذا تمت مشاهدتهم أو التعرف عليهم من خلال تواجدهم في السجن، وذلك من أجل العثور على المزيد من المختطفين
وتواجه الرابطة صعوبة في الحصول على معلومات عن المختطفين الذين يتم احتجازهم في عدن”
وفي السياق ذاته، كشفت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، في تقرير حقوقي، تزامنًا مع اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا الإخفاء القسري، أن جماعة الحوثي أخفت قسرًا 2406 مواطنين، بينهم 133 امرأة و117 طفلًا، في 17 محافظة، منذ 1 يناير 2017م وحتى منتصف العام الجاري 2023م
وأشارت الشبكة في تقريرها الذي نشرته أمس بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، الذي يصادف الـ30 من أغسطس من كل عام، إلى أن الفريق الميداني التابع للشبكة سجل ما يقارب 79 حالة وفاة لمختطفين في سجون جماعة الحوثي، و31 حالة وفاة لمختطفين بنوبات قلبية، بسبب الإهمال الطبي ورفض إسعافهم إلى المستشفيات
وحول مدى معاناة اسرة المخفيين قسرًا، تشرح أروى فاضل، وهي راصدة في العاصمة المؤقتة عدن، تعمل لدى رابطة أمهات المختطفين،أن أسر المخفيين يعانون معيشيًا بسبب فقدانهم من كان يعولهم، وأوضاعهم الاقتصادية الصعبة
وتقول فاضل: تأتي الأعياد والمناسبات لتزيد من آلامهم بسبب غياب أحبائهم، وبسبب الأعباء المالية
وهناك حالات تفتقد فيها الأمهات أبناءهن نتيجة الموت، وأمنيتهن الوحيدة هي رؤية أبنائهن
حتى المدارس أصبحت تشكل همًا كبيرًا للأسرة التي تكاد توفر الطعام لأبنائها
إن كاهلهم أصبح مثقلًا ومرهقًا للغاية”
تواجه الأسر العديد من المشاكل في ظل اختفاء أبنائهم، ويعانون من صعوبة في الوصول إلى المعلومات المتعلقة بمصير أبنائهم، بالإضافة إلى ذلك، تواجه الأسر صعوبة في التواصل مع الجهات المعنية للبحث عن أبنائهم المفقودين ومعرفة مكان احتجازهم
وتدعو فاضل إلى ضرورة كشف حقيقة المخفيين قسرًا، وتقديمهم للمحاكمة العادلة إذا ثبتت أدلة تورطهم، وذلك بشفافية تامة أمام الجميع”
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير