أكثر من 200 جهة إيرادية حكومية لا تورد إلى خزينة الدولة
منذ 4 ساعات
عدن – صلاح بن غالبانقطعَت رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، للشهر الثالث على التوالي؛ الأمر الذي فاقم الأوضاع المعيشية المزرية للموظفين من فئة الدخل المحدود
يقول التربوي رفيق القباطي لـ«المشاهد»، إن انقطاع الراتب للشهر الثالث تواليًا، خلق أزمات متلاحقة، خاصةً أنه لا يكفي في الأساس لتلبية متطلبات أسبوع واحد
وأضاف أنه يتقاضى راتبًا قدره 100 ألف ريال يمني، ما يعادل 225 ريالًا سعوديًا، يتوزع على إيجار البيت بمبلغ 50 ألف ريال، ومصروفات الأطفال في المدرسة، ناهيك على أنه لا يمارس أي عمل إضافي سوى وظيفته الحكومية
وأشار القباطي إلى أن مالك البيت قد يُقدر الظرف الاستثنائي، لكن أصحاب المحلات التجارية لا يبيعون بالآجل، وهنا تَكْمُن المشكلة الحقيقية
ولفت إلى أن موظفي الدولة استبشروا خيرًا بتعافي الريال اليمني، لكن فرحتهم لم تكتمل بسبب توقف صرف المرتبات
وكانت المدارس الحكومية في مناطق سيطرة الحكومة قد توقفت عن العمل خلال الفصل الدراسي الثاني للعام الماضي إثر دعوة نقابة المعلمين للاضراب مطالبة بتسحين أجور العاملين في التعليم
في ذات السياق، كشف المحلل السياسي اليمني حسن مغلس لـ«المشاهد» عن الأسباب العميقة الكامنة وراء الأزمة المتجددة لتوقف صرف الرواتب الحكومية
وأرجع مغلس الأسباب إلى عجز الحكومة عن توفير السيولة النقدية، وامتناع المؤسسات الإيرادية عن توريد إيراداتها للخزينة العامة، في ظل توقف صادرات النفط والغاز الذي يزيد الأزمة تعقيدًا
مؤكدًا أن رئيس الحكومة سالم بن بريك حريص على صرف المرتبات، غير أن شحّ السيولة وندرة الموارد تحول دون الوفاء بهذا الالتزام، وهو ما تجسد عمليًا من خلال زيارته إلى الرياض وأبو ظبي، باعتبارهما الدولتين الداعمتين للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا
واستطرد: لكن الحصول على دعم مالي مؤقت يترك المشكلة قائمة دون تغذية الخزينة بالموارد بشكل منتظم
في ظل العجز الحاد الذي تواجهه الحكومة في توفير المبالغ الكافية لصرف المرتبات
مشيرًا إلى أن إدارة البنك المركزي في عدن رصدت أكثر من مائتي مؤسسة حكومية إيرادية تمتنع عن توريد إيراداتها لخزينة البنك
مستغربًا من عجز الحكومة عن إلزام تلك المؤسسات، التي تُعد جزءًا منها
وتساءل: أين تذهب موارد ميناء عدن؟ وأين تختفي ملايين الريالات من ضرائب القات؟ وإيرادات نقاط الجبايات على مداخل المدن الخاضعة للحكومة؟
وحذّر مغلس من التداعيات الخطيرة لبقاء هذه الأموال خارج خزينة البنك المركزي في عدن
مؤكدًا أنها تُسهّل عمليات التلاعب بأسعار العملات الأجنبية، وتُسهم بشكل مباشر في انهيار قيمة الريال اليمني، إلى جانب تهريبها إلى مناطق سيطرة جماعة الحوثي أو إلى الخارج
مغلس لفت إلى أن صمت قيادة المجلس الرئاسي ورئاسة الحكومة، وعجزهم عن إلزام المؤسسات والجهات الحكومية بتوريد الأموال إلى البنك المركزي، يشكّلان ثقبًا أسودًا يُعطّل أي إصلاحات اقتصادية، ويجعل الحديث عن أي تحسن اقتصادي مجرد كلام غير مجدي على أرض الواقع
في ذات السياق، قال الصحفي الاقتصادي ماجد الداعري في حديث مع “المشاهد” إن توقف صرف المرتبات يعود في جوهره إلى غياب الموارد؛ مما يعني انعدام السيولة المالية في البنك المركزي
ويقول أن جميع الموارد ما تزال محتكرة من قبل الجهات الحكومية، سواءً مجلس القيادة الرئاسي أو المحافظين أو الوزراء أو المسؤولين أنفسهم عن المؤسسات الإيرادية
وتابع: هناك ما يشبه “العناد المؤسسي”، فكل مسؤول في الحكومة يلقي باللوم على الآخر فيما يتعلق بعدم توريد الإيرادات إلى الخزينة العامة
مؤكدًا أن الضحية الحقيقية في هذه المعادلة هو المواطن المحروم من راتبه للشهر الرابع، والمحروم من أبسط الخدمات الأساسية أيضًا
وتوقع الداعري استمرار الأزمة؛ “لأن لا أحد يشعر بمعاناة المواطن على أرض الواقع”، حد قوله
مضيفًا: أن جميع الاجتماعات والتصريحات التي شاهدناها حول الموارد لم تكن سوى “بروباغندا” إعلامية، أو محاولات يائسة لتسويق وَهْم الإصلاحات الاقتصادية
”الصحفي الاقتصادي، ماجد الداعري: جميع الاجتماعات والتصريحات التي شاهدناها حول الموارد لم تكن سوى “بروباغندا” إعلامية، أو محاولات يائسة لتسويق وَهْم الإصلاحات الاقتصادية
”وقال الداعري هناك أكثر من مائتي مؤسسة إيرادية لا تورد للبنك المركزي، بل تورد إلى 19 بنكًا وشركة صرافة
وتأسّف الداعري من أن جميع الجهات تتهرب من مسؤولياتها، وتتعامل مع مؤسسات الدولة كأنها ملك خاص أو حصص شخصية
مشيرًا إلى وجود خلاف حقيقي وعميق بين مجلس القيادة الرئاسي والحكومة
موضحًا أن المجلس يرفض منح الحكومة الصلاحيات الكافية لممارسة مهامها، بما في ذلك تغيير مسؤولي المؤسسات الإيرادية
ولفت إلى أن مجلس القيادة الرئاسي يخفي تقارير فساد خطيرة، منها ملفات معامل تكرير النفط البدائية في حضرموت، وجرائم غسل الأموال، وتهريب العملة
مؤكدًا أن التقارير الخاصة بجهاز الرقابة والمحاسبة حُجِزت ولم تُنشر رغم خطورتها
وخلص الداعري إلى أن الأزمة ستستمر طالما أن مجلس القيادة يتصارع على المناصب والتعيينات، ولا يهتم بمصلحة الشعب أو توفير الخدمات الأساسية؛ الأمر الذي ينذر باستمرار المعاناة الإنسانية في ظل غياب الإرادة السياسية الحقيقية للإصلاحات والتعافي الاقتصادي المأمول
أحالت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في فبراير الماضي ملف المؤسسات والجهات الحكومية التي لا تورد إيراداتها المالية للخزينة العامة إلى النائب العام للجمهورية
وحصل «المشاهد» على نسخة من ملف القضية المرفوعة من قبل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد
ويتكون ملف القضية من تسع صفحات مع الارسالية، يظهر فيه أسماء المؤسسات والجهات الحكومية الممتنعة عن توريد الإيرادات المالية لخزينة الدولة، والتي تبلغ 204 مؤسسة وجهة في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا
وحسب الوثيقة فإن هذه الجهات كلها لديها حسابات لدى البنوك الخاصة وشركات الصرافة بما في ذلك شركة النفط الرئيسية في عدن وفروعها في المحافظات، مؤسسات المياه، المؤسسة الاقتصادية، شركة يمن موبايل-عدن، شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج، طيران اليمنية، شركة بترومسيلة، تيليمن-عدن، مؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية، الشركة اليمنية للغاز، المحكمة العليا، مكاتب الضرائب والواجبات الزكوية، الهيئة العامة لتنظيم النقل البري، صناديق النظافة والجامعات الحكومية ومراكزها في مناطق سيطرة الحكومة
يأتي هذا رغم توجيه البنك المركزي في عدن ووزارة المالية بإغلاق الحسابات المالية لجميع الجهات الايرادية الحكومية في جميع شركات الصرافة والبنوك وتوريدها إلى البنك المركزي
وبالرغم أن الجهات الايرادية قد أحيلت للقضاء في فبراير من العام الجاري إلا أن هذه الجهات مستمرة في تحصيل الايرادات إلى حساباتها الخاصة في البنوك التجارية وشركات الصرافة مما يوحي أن الاجراءات الضائة ضلت حتى الآن حبرا على ورق
بالرغم أن الجهات الايرادية قد أحيلت للقضاء في فبراير من العام الجاري إلا أن هذه الجهات مستمرة في تحصيل الايرادات إلى حساباتها الخاصة في البنوك التجارية وشركات الصرافة مما يوحي أن الاجراءات الضائة ضلت حتى الآن حبرا على ورقحذّرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في 3 أكتوبر الجاري من أن المكاسب التي حققتها العملة اليمنية مؤخرًا في مناطق سيطرة الحكومة قد تكون عرضة للإنهيار، في تحذيرٍ شديد اللهجة يكشف جذور الأزمة العميقة
وقالت المنظمة في تقرير لها أن تعافي العملة سيبقى واهيًا وقصير الأجل ما لم ترافقه إصلاحات اقتصادية هيكلية شاملة تُعالج الأسباب الجذرية للأزمة، وفي مقدمتها العجز التجاري المُزمن والنقص الحاد في العملات الأجنبية التي تُعاني منها البلاد
سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail
comليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير