أكثر من 200 قاضية يختبئن في أفغانستان خوفا من قتلهن .. وأسلحة أميركية بقيمة 7 مليارات دولار تحت قبضة طالبان.

منذ 2 سنوات

 (شبكة الطيف) كابولتقدّر يسرى بأنها اضطرّت، أثناء عملها في المحكمة الجنائية، إلى تغيير مكان إقامتها مع ابنها لفترات قصيرة نحو مرتين في العام بسبب التهديدات التي تعرّضت لها (أسوشيتد برس)لا يستطيع نجل يسرى إغماض عينيه في الليل بسبب نوبات الذعر التي تعاني منها هي خلال نومها، والخوف الذي لا يبارحها حتى في النهار بعد فرارها من حركة طالبان

يسيطر القلق الشديد على السيدة العالقة في باكستان بعد هروبها من أفغانستان، لأنها لا تعرف متى يأتي الوقت الذي سيعيشان فيه بأمان

وتقول “يُخبرني ابني بأنني أصرخ أحياناً أثناء النوم

أستيقظ أحياناً كثيرة وأجدني أعضّ على شفتيّ ولساني

أشعر بأن كل ما حدث معنا يفوق طاقتي على الاستيعاب

ويلازمني شعورٌ بالقلق من وضعنا”

 وتجدر الإشارة إلى أن القاضية والمدافعة عن حقوق المرأة البالغة من العمر 52 سنة فرّت من أفغانستان في سبتمبر (أيلول) 2021 بعدما أُرغمت على الاختباء عندما استولت “طالبان” على السلطة في أغسطس (آب) 2021

وفي أول مقابلة صحافية تجريها، تحدثت يسرى إلى صحيفة “اندبندنت” محذّرةً من خطورة الوضع الذي علقت فيه بعد رفض وزارة الداخلية إعادة النظر في قرارها بمنعها من القدوم إلى المملكة المتحدة في يناير (كانون الثاني)

فعلى رغم قول محاميها بأنها تختبئ وتعيش خوفاً متواصلاً من ترحيلها إلى أفغانستان، اعتبرت وزارة الداخلية بأن “الظروف التي تدعو إلى مراعاة وضعها والتعاطف معها غير كافية”، كما يقول محاميها

تعود يسرى، التي غُيّر اسمها حفاظاً على سلامتها، بالذاكرة فتقول “بعد سيطرة طالبان على كابول ليلة 15 أغسطس 2021، خيّم الخوف والظلام المطبق على المدينة

بصفتي قاضية معرّضة للخطر بسبب طالبان في الأساس، شعرت بالانهيار التام والخوف الشديد على حياتي وحياة ابني”

كانت يسرى تحضر اجتماعاً داخل المحكمة العليا عندما طوّق عناصر “طالبان” كابول وعمّت الفوضى العاصمة فيما أصبح “سقوطها وشيكاً”

قصدت منزل أحد أفراد العائلة في مدينة كابول القديمة، وأقامت فيه لمدة أسبوع برفقة ابنها قبل أن تضطر لتغيير مكان إقامتها “بسريّة” وتسكن مع أقارب مختلفين، وكانت ترتدي البرقع كل الوقت لكي تخفي هويتها

ازداد قلقها لأنّ عناصر “طالبان” كانوا يسألون القادة المحليين وحراس الأمن إن كان قضاة أو مسؤولين رفيعي المستوى يعيشون في المنطقة

كشفت صحيفة “اندبندنت” في سبتمبر 2021 أنّ أكثر من 200 قاضية يختبئن في أفغانستان، خوفاً من قتلهنّ على يد “طالبان” بسبب عملهنّ

وكشف تقرير رقابي للحكومة الأميركية عن أن انسحاب إدارة الرئيس جو بايدن من أفغانستان عام 2021 أسهم في انهيار الحكومة الأفغانية المدعومة من الغرب في كابول، وسيطرة “طالبان” على البلاد بعد وقت قصير من مغادرة القوات الأميركية

وأكد التقرير ترك أسلحة ومعدات عسكرية أميركية تترواح بين طائرات وصواريخ وأنظمة اتصالات بقيمة 7

2 مليار دولار بيد الحركة التي قاتلتها الولايات المتحدة طوال حرب العقدين

تسليم أفغانستان لـ “طالبان”وأوضح تقرير المفتش العام الخاص بإعادة إعمار باكستان جون سوبكو بأن “ضعف المساءلة عن الأسلحة والمعدات والافتقار إلى التخطيط المنهجي من العوامل التي أدت إلى الانهيار العسكري”

وفي حين ألقى التقرير باللوم على الإدارات الأميركية كافة منذ عهد جورج دبليو بوش، إلا أنه أشار إلى نقطة تحول محورية وهي اتفاق الدوحة لعام 2020، عندما تعهدت إدارة دونالد ترمب بسحب القوات الأميركية والمتعاقدين من البلاد في مقابل ضمانات من “طالبان”

وأفاد تقرير المفتش الذي عينه الرئيس السابق باراك أوباما في عام 2012 بأن الحكومة الأفغانية تتحمل هي الأخرى جزءاً كبيراً من المسؤولية عن انهيار قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية وسيطرة طالبان على البلاد، مشيراً إلى أن المسؤولين الأفغان ظنوا أن إدارة بايدن لن تلتزم باتفاق الدوحة لأنهم اعتبروها صفقة سيئة، لكن الإدارة الأميركية فاجأتهم بالانسحاب

ووصف التحقيق انسحاب بايدن بـ “المفاجئ”، قائلاً إنه “ترك لدى عديد من الأفغان انطباعاً بأن الولايات المتحدة كانت ببساطة تسلم أفغانستان إلى حكومة طالبان المنتظرة”

وذكر التقرير أن القوات الأفغانية كانت تعتمد على المتعاقدين الأميركيين للحصول على الدعم على أصعدة عدة كالإمداد والصيانة، ولذلك عندما سحبت الولايات المتحدة المتعاقدين في يونيو (حزيران) 2021، فقدت الحكومة الأفغانية هذه القدرات فجأة

البنتاغون “لم يتعاون”في المقابل طعنت وزارة الدفاع في هذا الوصف في رد مكتوب على تساؤلات المحققين

ورداً على إشارات المفتش العام بعدم تعاون “البنتاغون”، أكد المتحدث باسمه روب لودويك في بيان أن وزارة الدفاع تجاوبت مع أسئلة المفتش وسهلت عمله، وأن التقرير نوه بذلك في صفحاته الافتتاحية

ورفضت وزارة الدفاع الأميركية بعض مخرجات التقرير الأساسية، ومنها أن قواتها انسحبت فجأة من البلاد، وقطعت المساعدة عن الحلفاء الأفغان

وقالت في ردها الوارد في التقرير الرقابي، إن الإدارة الأميركية كانت على اتصال بالقيادة الأفغانية خلال الفترة التي سبقت الانسحاب، وطمأنتهم على أنها ستواصل تقديم المساعدة الأمنية