أيوب الحمادي : لكل طرف سنتين فقط ليقتنع بأنهم "حمير" !!!!!
منذ 7 ساعات
أيوب الحمادي انظر لحال اليمن فاجد انه أبرمنا عقودًا واتفاقيات وتعاونيات وقروض، ولم ننجح في تنفيذ أي مشروع إداري أو تنموي أو خدمي حقيقي في الاربعين عام السابقة
لا مستشفى يعمل بنظام حديث، ولا مدرسة، ولا جامعة، ولا مشروع تم الانتهاء منه بمواصفات عالية الجودة
ادخل أي مرفق هنا في المانيا، سواء كان مدرسة أو مستشفى أو إدارة، فتجده وكأنه بُني قبل أشهر أو سنة، رغم أنه قد بُني منذ ثلاث أو أربع عقود
لا يوجد باب مكسورة، ولا حمام متضرر، ولا نافذة متهالكة، ولا بلاط مقشر، ولا كراسي مخلوعة، ولا غبار منتشر، ولا رائحة عفن، ولا موظف مستهتر أو متعجرف، ولا سجلات ضائعة، ولا معاملات مرهقة ولا حتى مفتاح ضوء كهرباء خارب
لا تقل إن السبب هو الإمكانيات أو الجودة أو المال أو التعليم، فهذا غير صحيح، وانما السلوك ومراقبة الذات في ادارة الشأن العام
المبنى الذي اعمل به هنا تم افتتاحه في عام 1997 ولازال كل شيء فيه برفكت اي كانه جديد برغم كمية الاستهلاك له
نحن لدينا مالٌ كثير أُهدِر دون جدوى في مشاريع ورقية ودون جودة، والناس لم يتعلمون منذ خمسة عقود، برغم أن الفرص لتعلم أكثر كانت وما زالت موجودة
بل هناك دول في أفريقيا تعلّمت الإدارة والإتقان في الإنتاج والخدمات خلال أقل من عقدين من الزمن ونحن نريد لنا قرن او قرنيين
فمثلا، استُنزف مطار صنعاء الدولي الجديد نحو 500 مليون دولار، وكان هذا المبلغ كافيًا لبناء مطارات في صنعاء وتعز ومأرب، بالإضافة إلى توسيع ميناء المخا – وأنا أعني كل ما أقوله ويزيد فوق ذلك ايضا طائرتين ايرباس 320 مستخدمة للاسطول وهذا فقط بمبلغ واحد تم اهداره
وحتى لو نظرنا إلى حال المطار القديم الآن كيف أصبح وحتى لم يعد به الا صرور على قولتنا
أيضًا تم بناء معهد للتعليم المهني بكلفة 80 مليون دولار قرضًا، وهو مجرد مبنى مع عدد قليل جدًا من الأجهزة، بينما كانت هذه الميزانية كافية لبناء جامعة تقنية المانية حديثة تحتضن اختصاصات مختلفة لـ 12 ألف طالب، وتتضمن موازنة تشغيلية لمدة ثلاث سنوات – وأنا أعني ما أقول
طرق تم سفلتتها عدة مرات استهلكت المنح المالية وعدداً كبيراً من التعهدات والفرص
فرص تم اضاعتها، فقد كان هناك مشروع مدينة حمد الطبية في تعز، الذي فشلوا في حل مشكلة الأراضي فيه، فاختفى حمد واختفى المشروع
وهناك مدينة الملك عبد الله الطبية في صنعاء، حيث مات الملك وماتت المدينة معه
كما كان هناك مشروع بناء 22 مدرسة من ألمانيا عام 2014 ضمن مشروع الحزام القبلي لصنعاء، وقد ذهب أدراج الرياح ورحل الالمان من اليمن بسبب قلة الفهم
وقبل ذلك، مشروع الأمير سلطان لتحلية المياه في تعز بتكلفة 400 مليون دولار، مع دعم سخي من برامج الخارجية والدول ومن الخليج والمملكة، ولم يكن أي دعم لاي برنامج أقل من 20 مليون دولار آنذاك، واليوم نهلل لو لقينا دعم اقل من 3 مليون دولار
وحتى مشاريع البنية التحتية للمدن لم تُنظم بشكل صحيح، وكلها فوضوية وقروية، لا شبكات مجاري مبنية بشكل سليم ولا خطوط هاتف، ولا إنترنت، ولا كهرباء تم بناؤها بطريقة صحيحة، ولا مياه، ولا طرق للمشاة، ولا أرصفة واسعة، ولا أماكن وقوف سيارات، ولا مساحات خضراء، ولا أماكن لتصريف القمامة، ولا اهتمام بالآثار، ولا يكاد ينتهي هذا السرد
ولو عرجنا للكهرباء فقد كانت هناك اتفاقيات لبناء محطات الكهرباء تشبه مسلسلًا مكسيكيًا مملاً لكثرة العدد، لدي تفاصيل دقيقة عنها، من الخطوط التي تأتي من المملكة إلى الشركات التركية، ثم الصينة، وكندا، وأمريكا، وإثيوبيا، واتفاقيات تكاد تكون مجلدات مملة ، وفي النهاية انتهينا إلى المواطير، كما ذكرت قبل سنوات في مقالتي وكانت الناس مش مصدقة انها النهاية سوف تكن الى تلك الكارثة
إن سبب الفشل واضح أمامنا ويمكن إدراكه، وليس شيئًا غير متوقع، من أبرزها أننا لا نبحث عن حلول حقيقية للمجتمع، ولم ندرك أن العالم لن يستمر في العطاء لنا
لم تنجح أي حكومة، ولا أي انقلاب، شمالًا أو جنوبًا، في بناء نموذج او مشروع يمكن تقليده، سوى بناء بيوتهم وعائلاتهم وحساباتهم الخاصة في الخارج
فانظر إلى المؤسسة الإعلامية التي تعمل دون منهجية أو حضور لدرجة تركها الناس وذهبت الى مواقع التواصل تشغل حالها، أو حتى المؤسسة العسكرية التي تعمل كسوق للخضار، حيث المعسكرات بأكملها من منطقة واحدة، والقادة من أسر واحدة، والمرافقون من بيت واحد، ومعظمهم يحمل رتبًا لأفراد لا يعرفون معنى الخطة الحربية ولا معنى دولة وقانون وانضباط
حتى مؤسسة الخارجية مع سفاراتها وقنصلياتها وجيوش المستشارين فيها، لا تمتلك الملف اليمني الخارجي، ولا تملك تأثيرًا حقيقيًا، ومن يدير لنا العلاقات الخارجية هي المملكة، لذلك يتم زَحْمنا من السفراء والدبلوماسين على فيسبوك من الفرغة
المهم، مجتمعنا ترك لحاله أمام المعاناة والمرض والفقر
أسر كاملة تنهشها الحاجة والمرض والقلق في عدن وصنعاء وتعز وغيرها، وهم في بيوتهم ينتظرون المصير، عملة تنهار واقتصاد متردي وغيره
والسبب يعود إلى الارتجال، والتظاهر بالفهم، والمحاصصة في إدارة شؤون المجتمع، سواء في الحكومة أو الانقلاب أو المجلس الانتقالي
كل ذلك دفعت بالبلد إلى هذا الوضع المأساوي، فلا نستغرب إذًا أين الخلل
كنت قلت قبل سنوات لو أعطينا الدولة لكل طرف سنتين يجربوا فقط ليقتنعوا بأنهم حمير، لكنا تخارجنا من زمن بعيد
لكن المحاصصة تجعلنا نعيش نتائج الفشل معهم، دون أن ندرك أو يدركوا أنهم هم الكارثة بعينها
وأخيرًا، نطلب من الله أن يحفظ اليمن وأهلها المقهورين، وأن يرحم من رحل منهم، ويصبر الباقين على مستنقعات الفشل