إسرائيل تدمر 70% من أرصفة ميناء الحديدة بسبب الحوثي... ما التداعيات؟
منذ 2 ساعات
جدّدت إسرائيل عدوانها على اليمن بقصف عنيف لميناء الحديدة بعشرات الغارات في استمرار لسياسة استهداف المنشآت والأعيان المدنية والاقتصادية والبنى التحتية، حيث تعتبر أغلبها أهدافاً مكررة تعرضت كثيراً للقصف خلال الفترة الماضية من العدوان الإسرائيلي
وفي الوقت الذي حمّلت فيه جماعة الحوثي إسرائيل وشريكتها أميركا كامل المسؤولية عن الخسائر والأضرار الناتجة عن جريمة استهداف ميناء الحديدة؛ اعتبرت تل أبيب أن هجومها على الميناء لضمان استمرار الحصار البحري والجوي على الحوثيين، في إشارة إلى توجهها لتعطيل كلي للميناء كما حدث سابقا في عدوانها بتوقف مطار صنعاء الدولي
ويُعتبر هذا الاستهداف، السادس منذ عام ونصف الذي يتعرض له ميناء الحديدة الذي يخدم كتلة سكانية هي الأكبر في اليمن بنسبة تزيد على 70%، والاعتداء الإسرائيلي رقم 17 على اليمن، حيث سبق وتعرض الميناء للقصف ثلاث مرات العام الماضي، بداية في 20 يوليو/ تموز من العام الماضي، ثم استهداف آخر في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، قبل يعود العدوان الإسرائيلي ويختتم العام بقصف عنيف للميناء في 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي
واستلمت أميركا الدور من إسرائيل مطلع العام 2025، حيث كانت تقود ما يسمى تحالف الازدهار لتأمين عبور السفن في البحر الأحمر من استهداف الحوثيين، فيما عادت إسرائيل مرة أخرى لاستهداف ميناء الحديدة في 5 مايو/ أيار 2025، وذلك بعد اتفاق الحوثيين مع أميركا برعاية سلطنة عمان، والذي أدى لإعلان الحوثيين تغيير استراتيجيتهم بالتركيز على السفن الإسرائيلية وفرض حصار على موانئها، قبل أن يعود الاحتلال بعد شهر واحد لاستهدافه للمرة الخامسة، وذلك في 6 يوليو/ تموز الماضي، لتجدد الاعتداء على الميناء الحيوي الواقع شمال غربي اليمن، الثلاثاء 16 سبتمبر/ أيلول الجاري، للمرة السادسة
تدمير 70% من الأرصفةالباحث المتخصص في تدقيق البيانات وتتبع حركة السفن فاروق مقبل، يوضح لـالعربي الجديد، أن أرصفة ميناء الحديدة تصل إلى عشرة أرصفة، لا تعمل منها سوى ثلاثة أرصفة فقط تستقبل السفن التي تمتلك رافعات وقادرة على تفريغ نفسها ذاتياً، أي أنها لا تحتاج إلى رافعات على الرصيف، مشيراً إلى أن الغارات الجديدة ستؤثر أكثر على النسبة المتبقية من قدرات الميناء خصوصاً إذ استهدفت الأرصفة بشكل مباشر كما اعتادت إسرائيل في قصفها على الميناء
حسب مصادر ملاحية، فإن إسرائيل تركز في عدوانها على استهداف أرصفة الميناء بعشرات الغارات والتي تسببت بتدمير ما يقرب من 70% منها، أيّ نحو سبعة من عشرة أرصفة عاملة في ميناء الحديدة، إضافة إلى استهداف ضرب اللّنشات أو الألسنة البحرية في ميناء رأس عيسى النفطي– وهي عائمات مائية تُستخدم لدفع وتحريك السفن، الأمر الذي يتسبب بأضرار وخسائر بالغة، مع انخفاض قدرات الموانئ على استقبال السفن وتحريكها على الأرصفة
عقوبات أميركيةالباحث الاقتصادي في صنعاء رشيد الحداد، يلفت في تصريح لـالعربي الجديد، إلى أن هذا الاعتداء الجديد على ميناء الحديدة جاء بعد إعلان الخزانة الأميركية العقوبات على عدد من السفن التي تقوم بنقل شحنات إلى هذا الميناء، إضافة إلى فرضها عقوبات وقيوداً على عدد من الشركات التي تقوم بالاستيراد وهي شركات وسيطة بين سلطة صنعاء والشركات الدولية، وتقوم باستيراد مشتقات نفطية وبعض السلع الأساسية
وبررت وزارة الخزانة الأميركية العقوبات التي فرضتها على عدد من شركات الشحن في اليمن، بحجة قيامها بتسهيل عملية تفريغ النفط في رأس عيسى وأنشطة شحن نيابة عن الحوثيين، إضافة إلى كون الحوثيين يحتفظون بشبكات من واجهة الشركات ومسهلي عمليات الشحن غير المشروعة خارج اليمن لإدارة عملياتهم البحرية وتجنب التدقيق الدولي
ففي 28 إبريل/ نيسان و20 يونيو/ حزيران 2025، قام مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة بتحديد خمس سفن وتصنيف مالكيها لتورطهم في تفريغ منتجات نفطية مكررة في الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون
كما تزامن هذا الاستهداف على ميناء الحديدة وفق الحداد، مع قرار حكومة عدن وتوجهها لمنع دخول الواردات التابعة لتجار صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة سلطة صنعاء إلى الموانئ الحكومية، والتي يتم استيرادها دون العودة لبنك عدن المركزي، وذلك في استغلال للعدوان الإسرائيلي على ميناء الحديدة للسيطرة على الوضع المالي في المحافظات الواقعة تحت سيطرة سلطة صنعاء
وأعلنت مصلحة الجمارك في عدن، الخميس الماضي، في بيان، اطلع عليه العربي الجديد، عدم السماح بأي استيراد عبر المنافذ البرية أو البحرية إلا وفق الضوابط الصارمة التي أقرتها اللجنة الوطنية لتنظيم الاستيراد
تبعه إعلان متزامن في نفس السياق صادر عن الغرفة التجارية الصناعية المركزية بأمانة العاصمة صنعاء، عن توفر خدمة شحن مباشر من ميناء جدة – المملكة العربية السعودية إلى ميناء الحديدة – الجمهورية اليمنية، وذلك بتحديد سعر الحاوية 20 قدما بنحو 1
600 دولار، والحاوية 40 قدما 3
200 دولار، فيما تم تحديد مدة العرض بعشرة أيام فقط، حيث لن تتحرك الباخرة إلا عند اكتمال 600 حاوية نمطية
1
3 مليار دولار خسائر الميناءكانت سلطة صنعاء قد قدرت خسائر ميناء الحديدة جراء استهداف العدوان الإسرائيلي بأكثر من 1
3 مليار دولار، منها أكثر من 531 مليون دولار أضرار مباشرة، و856 مليون دولار خسائر غير مباشرة نتيجة توقف الخدمات وتعطل تدفق الإمدادات، معتبرةً أن استهداف العدوان الإسرائيلي الأميركي لمرافق مدنية محمية دولياً والصمت الدولي المخزي، جريمة مزدوجة، بالرغم من مخاطبة عشرات المنظمات وتسليم تقارير فنية توثق هذه الانتهاكات
وأكدت أن الغارات السابقة تسببت بتدمير جميع الأرصفة وأهمها الأرصفة (1، 2، 5، 6، 7، 8)، في حين كانت الأرصفة (1، 7) الأكثر تضرراً من بين جميع الأرصفة، إضافة إلى تدمير رافعات الميناء، ومحطات كهرباء ومولدات، ومرافق خدمية ولوجستية، بما في ذلك الأرصفة العائمة والقاطرات والمستودعات، التي كانت مخصصة لتفريغ المواد الغذائية والإغاثية والدوائية
الخبير الاقتصادي محمد علي قحطان، أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز، يقول لـالعربي الجديد، إن هناك صعوبة في تقييم أضرار وخسائر ميناء الحديدة الذي يتم تكرار ضربه تحت مبرر استخدامه لأعمال حربية
ويجمع حقوقيون ومراقبون على أن العدوان الإسرائيلي على اليمن، خاصة الاستهداف المتكرر على ميناء الحديدة، يتعمد الإيغال في الأذية التي تركز على العقاب الجماعي للناس بهدف تجويعهم واستهداف معيشتهم وأرزاقهم، فميناء الحديدة يستقبل السفن المحملة بالغذاء والدواء والوقود التي يستفيد منها معظم سكان اليمن خصوصاً المحافظات الواقعة شمالي البلاد وهي الأكثر كثافة سكانية
صعوبة الاستيرادبالمقابل، يؤكد تجار ومستوردون يمنيون صعوبة الإجراءات التي تواجههم في الاستيراد من موانئ أخرى بسبب وضعية ميناء الحديدة، كميناء عدن والموانئ الحكومية، إذ لا يتوقف الأمر عند مستوى طول مسافة الخطوط الملاحية والإجراءات في الموانئ حسب التاجر عدنان الشاطبي، لـالعربي الجديد، بل أيضاً في الازدواج الجمركي حيث تم استحداث نقاط جبائية جديدة بعد فتح طريق الضالع الرابط بين صنعاء وعدن
الأمر الذي يجعل التجار ومكاتب الشحن والمستوردين يسددون رسوماً جمركية مزدوجة للسلطات المتعددة على امتداد خطوط الشحن والنقل، إذ تسود مخاوف واسعة من انعكاس ذلك على الأسواق المحلية التي قد تواجه نقصاً حاداً في السلع وارتفاعاً كبيراً في أسعارها
وتحذّر منظمات أممية ودولية من أزمة غذائية كارثية وتفاقم حدّة الأزمة الإنسانية وتراجع الواردات من السلع الأساسية جراء الاستهداف المتكرر الذي يتعرض له ميناء الحديدة وانخفاض قدراته التشغيلية، حيث أدت إلى تدمير جميع أرصفة الميناء، ورافعاته ومرافقه الخدمية واللوجستية
وتؤكّد منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، أن مليون شخص إضافي في اليمن سيعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد بحلول مطلع العام القادم، مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية نحو الأسوأ، جراء ارتفاع أسعار الغذاء والوقود، مشددّةً على أهمية مراقبة العوامل الرئيسية المُحركة لأزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن، مثل الأسعار، وعمليات الموانئ، والواردات