إعادة فتح المنافذ يصيب الطرق البديلة بـ”الكساد”

منذ 7 ساعات

تعز – أصيلة القدسي – فهمي عبده القابض كان سوق الدمنة أحد الأسواق الثانوية في جنوب شرق محافظة تعز

ويعتبر مركزًا إداريًا لمديرية دمنة خدير، التابعة إداريًا لمحافظة تعز، جنوب غرب اليمن، والواقع حاليًا تحت سيطرة جماعة الحوثي

 تحوّل هذا السوق خلال العشر سنوات من الحرب إلى مدينةٍ صغيرة، توسعت وأصبحت مركز تجمعٍ سكاني كبير

وشهدت زيادةً سكانيةً وتوسعًا عمرانيًا بعد نزوح مئات الأسر من مدينة تعز ومناطق المواجهات العسكرية

لم يعد سوق الدمنة مجرد سوقٍ كبقية الأسواق الشعبية في محافظة تعز، التي تنتهي فيها الحركة التجارية ظهرًا

وتصبح شبه متوقفة، كما كان عليه قبل الحرب عام 2015

 بل أصبحت الحركة التجارية فيه نشطة ومتواصلة

وتوسعت الحركة العمرانية، وارتفعت أسعار العقارات في منطقة الدمنة بشكل لافت

 لقد أصبحت المنطقة نقطة عبور رئيسية  بين محافظات شمال اليمن وجنوبه نتيجة إغلاق المنافذ بين مناطق سيطرة جماعة الحوثي وحكومة عدن

هذا ما جعل المنطقة تشهد حركة اقتصادية لم تعهدها

لكن هذا النشاط التجاري والتوسع العمراني لم يدم

فمؤخرًا تشهد المنطقة تراجعًا كبيرًا، وتحديدًا منذ بداية العام الجاري

عقب إعادة افتتاح الطرق الرئيسية

وهذا ما جعل تجار كثُر يبحثون عن بدائل لنشاطهم التجاري في مناطق أخرى

وأصبح هذا التراجع يمثل مشكلةً حقيقيةً لمختلف التجار في منطقة الدمنة، بحسب حديث بعضهم لـ”المشاهد”

النشاط التجاري الكبير والتوسع العمراني الذي شهدته منطقة دمنة خدير كسوق تجاري لم يكن فقط؛ بسبب نزوح المئات من الأسر إلى منطقة الدمنة

بحسب خالد منصور -اسم مستعار- أحد تجار المنطقة -اشترط عدم ذكر اسمه-

بل أيضًا لأن منطقة الدمنة أصبحت محطة توقف رئيسية لمئات المسافرين بشكل يومي من عدة محافظات شمالية إلى عدن

عبر الطريق البديل من مديرية حيفان وصولًا إلى طور الباحة بمحافظة لحج، ومنها إلى مدينة عدن

ويضيف في حديثه لـ”المشاهد” أن طريق حيفان -كطريق بديل- أصبح الوجهة الوحيدة للوصول إلى عدن من مختلف المحافظات الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي

وأصبحت كل الطرق مقطوعة، وهي الطريق الرئيسي الشريجة – كرش الواصل إلى عدن، والذي ما زال مقطوعًا من قبل أطراف الصراع

وكذلك الطريق الرابط بين محافظتي إب والضالع وصولًا إلى عدن عبر قعطبة وصولًا إلى عدن، والذي تمت إعادة افتتاحه نهاية مايو الماضي

تاجر محلي في منطقة الدمنة: طريق حيفان -كطريق بديل- أصبح الوجهة الوحيدة للوصول إلى عدن من مختلف المحافظات الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي

وأصبحت كل الطرق مقطوعة

”وكذلك الطريق الرابط بين محافظتي البيضاء وأبين، وهذا ما جعل مسار خط السير للسفر من مختلف محافظات شمال اليمن يمر عبر طريق الدمنة بحيفان

ويؤكد خالد منصور أنه كتاجر لديه محل خاص بالمواد الاستهلاكية، وغيره من زملائه من التجار، زادت نسبة عائداتهم المادية عما قبل الحرب بأكثر من النصف

ولفت إلى أن الأنشطة التجارية زادت في مختلف المجالات خاصةً المطاعم ومختلف المحال والفنادق

حيث لم يكن في دمنة خدير سوى عدد قليل من المطاعم والفنادق وغيرها من محال الأجهزة الإلكترونية ومواد البناء

 وأشار خالد إلى أن الحركة التجارية النشطة في منطقة الدمنة خلال سنوات الحرب حتى أواخر العام الماضي 2024 شجعت الكثير على إقامة مشاريع تجارية فيها

وأصبحت محطة مهمة للمسافرين، حيث تمر عبرها يوميًا أكثر من 12 حافلة نقل جماعي تتوقف في سوق الدمنة وهي في طريقها إلى عدن والعكس، وتحمل آلاف المسافرين

بالإضافة إلى المسافرين بسياراتهم الخاصة، وهو ما خلق حركةً تجاريةً كبيرة للمنطقة، بحسب تعبيره

لكن النشاط التجاري وحركة البيع والشراء النشطة في دمنة خدير تغيرت منذ بداية العام الجاري تمامًا، يؤكد خالد منصور

وتراجعت حركة البيع والشراء بشكل كبير، وتراجع معه الدخل اليومي بنسبة تزيد عن 60%، حد قوله

ويضيف: “هذا التراجع أجبر بعض التجار على إغلاق محالهم، وخاصة أصحاب المطاعم، حيث اضطر أربعة مطاعم وبعض المحال الاستهلاكية إلى الإغلاق

فلم تعد عائداتها وفقًا لتعبيره تغطي حتى جزءًا من متطلبات أجور العمال”

هذا الوضع، بحسب منصور، جعله يفكر بشكل جدي في نقل نشاطه التجاري إلى مدينة تعز

يقول مدير مكتب الصناعة والتجارة بمديرية دمنة خدير، عبدالوهاب الجنيد إن أسباب تراجع النشاط التجاري في منطقة الدمنة يعود إلى عدم وجود سيولة نقدية لدى المواطنين وعدم انتظام صرف المرتبات

 ويضيف في حديثه لـ”المشاهد” أن من الأسباب الجوهرية أيضًا، تحول مسار الكثير من المسافرين من خط الدمنة حيفان إلى مسارات أخرى

وتحول مسار وصول المسافرين إلى مدينة تعز عبر خط الحوبان من خلال المنفذ الذي تم فتحه مؤخرًا

وهذا أدى إلى تراجع حركة النشاط التجاري في سوق الدمنة، فمرتادو مختلف المحال التجارية من مطاعم وفنادق قليلون جدًا، بحسب وصفه

مدير مكتب الصناعة والتجارة بمديرية دمنة خدير، عبدالوهاب الجنيد: من الأسباب للتراجع الاقتصادي في المنطقة تحول مسار الكثير من المسافرين من خط الدمنة حيفان إلى مسارات أخرى

وتحول مسار وصول المسافرين إلى مدينة تعز عبر خط الحوبان من خلال المنفذ الذي تم فتحه مؤخرًا

وهذا أدى إلى تراجع حركة النشاط التجاري في سوق الدمنة

”ويوضح الجنيد أسباب تراجع النشاط التجاري في سوق الدمنة، أن الكثير من السكان وبعد فتح المنفذ الشرقي لمدينة تعز، من مختلف المناطق شرق محافظة تعز مثل الحوبان ودمنة خدير، أصبحوا يشترون كل احتياجاتهم من أسواق المدينة؛ كونها أقل قيمة من الأسواق الأخرى

 وأشار الجنيد إلى أن النشاط التجاري في سوق الدمنة تراجع بنسبة قد تصل إلى 70% عما كان خلال السنوات الماضية

تفضيل سكان مناطق سيطرة الحوثي شرق مدينة تعز ومنهم السكان في منطقة الدمنة؛ نتيجة فارق الأسعار في شراء السلع، كان من الأسباب التي أثرت سلبًا على النشاط التجاري في سوق الدمنة

 أم ريتاج، من سكان الحوبان، تقول إنها أصبحت تشتري ملابس أسرتها من أسواق المدينة؛ كون الفارق كبير بينها وبين أسعار أسواق الحوبان

 وتضيف في حديثها لـ”المشاهد” أنها اشترت ملابس عيد الأضحى الماضي لابنتها من أسواق مدينة تعز الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية بسعر 15 ألف ريال، أي بما يعادل 3 آلاف ريال بالعملة القديمة، ونفس القطعة في أسواق منطقة الحوبان الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي بسعر 7500 ريالًا، أي بما يعادل 30 ألف ريال بالعملة الجديدة

ومثلها تقول أميرة عساج، من سكان منطقة الحوبان، إنها تشتري كل احتياجاتها من أسواق المدينة، ما عدا الخضروات التي عادةً ما يكون سعرها أرخص في الحوبان

وتضيف في حديثها لـ”المشاهد” صرف 100 ريال سعودي في الحوبان يصل إلى 14 ألف ريال وهي قيمة كيس قمح، وصرفها في المدينة يساوي 65 ألف ريال تفي بشراء كيس القمح واسطوانة غاز منزلي ومتطلبات ما يكفي لصرفة منزل مكون من ستة أشخاص من الخضروات

من جانبه، يقول عبدالعالم الصبري، سائق حافلة نقل مسافرين، إن الحركة التجارية في سوق الدمنة تراجعت بشكل ملفت بفعل انتقال حركة النقل التي كانت تأتي من صنعاء وإب عبر خط الدمنة باتجاه عدن إلى مساراتٍ أخرى

فقد كانت هذه الطريق هي الوحيدة، لكن تم فتح طرقات أخرى كانت مغلقة، وتصل المحافظات الشمالية بمختلف المحافظات جنوب اليمن، مثل خط قعطبة الضالع وصولًا إلى عدن

 حيث تحولت الكثير من حافلات النقل إلى طريق الضالع – عدن؛ باعتبارها أقرب من حيث المسافة للمسافرين من صنعاء أو ذمار إلى عدن

 وأضاف في حديثه لـ”المشاهد” أن حركة الحافلات التي كانت تمر عبر خط صنعاء – إب مرورًا بالدمنة ثم حيفان وصولًا إلى عدن، وتتخذ من سوق دمنة خدير فرزة نقل محورية، تحولت إلى خط قعطبة الضالع وصولًا إلى عدن

 وبحسب الصبري فإن هذا التحول أصاب الحركة التجارية في سوق الدمنة بالشلل التام، إذ لا يكاد تمر حافلة واحدة عبر هذا الخط، بعد ما كان يمر عبره قرابة 40 حافلة بشكل يومي، خصوصًا في أيام العمرة والحج وغيرها من المواسم

 ولفت إلى أن المئات من المسافرين الذين كانوا يرغبون بقطع جوازات من عدن أو من مدينة تعز كانوا يمرون من الدمنة، إما عبر حيفان وصولًا إلى عدن أو عبر الدمنة، طريق الأقروض، وصولًا إلى مدينة تعز

لكن مع فتح المنفذ الشرقي -بعد أن كان مغلقًا لسنوات- أصبح الوصول إلى مدينة تعز أسهل وأقرب، ولا يستغرق أكثر من ربع ساعة، بدلًا مما كان عليه من قبل عبر طريق الأقروض والذي يستغرق نحو خمس ساعات

 وهذا بحسب الصبري جعل نسبة المسافرين عبر طريق الدمنة تتراجع أكثر من النصف، وبالتالي أدى إلى تراجع حركة النشاط التجاري في سوق الدمنة

يقول مدير المبيعات في شركة “الأفضل” للنقل الداخلي والخارجي في مكتب صنعاء، بندر العبسي، إنه بعد فتح خط صنعاء، الضالع، عدن انقطعت رحلات النقل إلى عدن عبر خط صنعاء، إب، تعز، عدن

وأضاف في حديثه لـ”مشاهد” أن الشركة لم تعد تسيّر رحلات باتجاه محافظتي إب وتعز، حتى وإن كان هناك طلب وحجوزات

وأشار إلى أن الخط الجديد للوصول إلى عدن أكثر سهولة ويسرًا، إذ باتت الشركة تسيّر في هذا الخط ثلاث رحلات أسبوعية في ثلاثة أيام هي الأحد، الثلاثاء، والخميس

كما أن ما فاقم من معاناة التجار في منطقة سوق الدمنة واضطرار البعض إلى إيقاف نشاطه التجاري ليست الأسباب المذكورة سلفًا فقط، بحسب الكثير ممن تواصل معهم مراسل “المشاهد”، بل أيضًا هناك أسباب تتعلق بالإجراءات التي تقوم بها جماعة الحوثي في الجبايات المُبالغ فيها في كل مناسبة، وهذا أصبح يمثل صعوبةً في استمرار نشاط الكثير من زملائهم التجار في مختلف مناطق سيطرة جماعة الحوثي

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير