احمد عبدالملك المقرمي : فؤاد الحميري الشاعر الثائر
منذ 9 ساعات
احمد عبدالملك المقرمي في البدء كانت الكلمة، و الشـــأن العــام يحتاج إلى الكلمة ، و التربية، و السلم و الحرب، و الثورة و البناء
و غير ذلك يحتاج إلى الكلمة
و قدضرب الله لنا مثل الكلمة الطيبة التي أصلها ثابت و فرعها في السماء، و هي الكلمة التي يمضي أثرها في الحياة تعطي أكلها كل حين بأذن ربها
كان سلاح الراحل الكريم فؤاد الحميري؛ الكلمة
و الحق أنه امتلك ناصية الكلمة، و وظفها التوظيف الجميل شعرا، و نثرا
سلك طريق حياة الأدب باتصاله بأهله، متعلما منهم، و أخذا عنهم، و لازم أهل العلم متفقها على حلقاتهم، و متتلمذا عليهم، فتعززت ملكته الشعرية من هذين النبعين الثريين مامكنه من أن يرتقي منابر الكلمة بنصيب وافر من فقه متأدب، فكان ذلك الخطيب المفوه الذي تعطي كلمته أثرها، و تأثيرها كل حين بإذن ربها، و تبوّأ منصة الشعر بحظ واسع من الأدب المتفقه، فجاء شعره بتلك الرصانة، و الجزالة، التي راحت قريحته تعبر عن هموم الأمة، بصدق الفقيه التقي، و أحاسيس الشاعر المرهف
فهل جرّته السياسة للشعر ، أم هو من جرّ الشعر للسياسة؟ بمثل هذا يقول بعضهم
لكن من يعيش هموم أمته، تجره هذه الهموم إليها، و ما من شاعر إلا و تجره هذه الهموم، و يتجاوب معها ؛ غير أن هناك من تأخذه قضاياها إلى مساحة تكاد تستولي عليه ، و هناك من يعطيها مساحة، و لضروب أخرى أنصبة متفاوته
فواد الحميري كأنما ورث عن الشهيد محمد محمود الزبيري طريقته، التي محضها لهموم، وطنه،و أمته، حيث وجه قذائف قصائده للأسرة المتوكلية الحاكمة، حتى زلزل أركانها، و عبر عن ذلك ببيت لخصت كل ذلك، حيث يقول: قوّضـت بالقلـــم الجبار مملكة كانت بأطنابها مشدودة الطُّنب و حقا، جن جنون بيت حميد الدين من شعر الزبيري الذي أخذ ينتشر في أرجاء اليمن، مفندا لحكمها، معريا، لزيفها، كاشفا لمساوئها، فكان شعره الزاد، و الوقود للثوار و الثورة
بله إن أثر ذلك الشعر لايزال يطارد بيت بدر الدين التي أتت نسخة لبيت حميد الدين، و زادت أنها ارتهنت لإيران
و لذلك لا عجب أن ترى الحوثية تسعى جاهدة لطمس تاريخ الزبيري و نضاله، و أنى لها ذلك، فها هي تتبّع اشعاره، و خطبه، و ما يكـتب عنه لطمسـها من المنــاهج التربوية ، و التعليمية، و الثورية ، بكل صور الخسة و الخساسة
و كما برمت بيت حميد الدين، و بيت بدر الدين بأبي الأحرار الزبيري، فقد ضاقت مليشيا بدر الدين الحوثي ، و من على شاكلتها بالشاعر الثائر فواد الحميري، الذي دبّج قصائده ضد الظلم، والظالمين، و الطغيان، و الاستبداد، متبنيا قضايا الشعب حتى ليكاد شعره ينحصر في قضايا أمته فحسب
و لا غرابة في ذلك، فإن الشاعر ترجمان أمين لواقعه، و لسان صادق لشعبه و أمته
كما حاولت، و تحاول الإمامة إسدال ستار قاتم على التاريخ النضالي لأبي الأحرار الزبيري، فكذلك تحاول الإمامة الحوثية، و من على شاكلتها ان تنبش بالتناول السيئ مقام، و مكانة الشاعر الثائر فؤاد الحميري، و أنى لنافخ القمر الزاهي أن يطفئه، أو لوعل أن يهد بقرنين كسيرين الجبل