احمد عبدالملك المقرمي : فشربوا منه إلا قليل منهم !
منذ ساعة
احمد عبدالملك المقرمي تَمْثل في كل قطر من أقطارنا العربيّة، و في كل بلد من بلادنا قضية بل قضايا، غير أن قضية القضايا التي ارتفعت لها عقيرة الصوت العربي كانت قضية فلسطين، و قد كنا كعرب ننادي بالأمس أن لو بُعث لنا ملك نقاتل لاسترجاعها،و تحريرها
و بالفعل تعالت بالأمس الخطب و راجت الشعارات،و انطلق التهديد و الوعيد، و امتلأ الفضاء بمسميات تبهر الأسماع : دول الطوق ، دول المواجهة ، جبهة الصمود و التصدي ، جبهة الرفض ، رفض الرفض
و كثرت الأسماء، و لكن بدون طالوت
و هنا برز داوود محذرا من كل تلك المسميات ( السواقي ) و غيرها مما خفي خلف الصمت، و راح داوود يناشد الجميع ألا يشرب أحد من تلك السواقي المعروضة، فشربوا منها جميعهم، و فوق ذلك أجمعوا كلهم على مـــــلاحقة داوود ، و مطاردته، و استهداف قتله و من معه، و تجريمه بأن سَخّروا و حرضوا عليه أبواقهم ، مُتَخلّين عما كانوا ينادون به في الأمس من منازلة جالوت، و أن منازلة جالوت هي قضية القوم الأولى
و فجأة
و بعد كل تلك التهديدات و ذاك الوعيد، الذي كان يتعالى تجاه جالوت ؛ تغير الحال عقبا على رأس، فإذا بداوود الشقيق القريب و قد غدا هو العدو ! و أصبح جالوت العدو المخادع المحتال ؛ هو القريب الأقرب
!! شرب القوم ــ إلا قليلا منهم ــ من السواقي التي نُهوا عن الشرب منها، و لم يعد هناك طوق، و لا تصدي، و لا استمر رفض، و لا رفض الرفض
و مضى الذين شربوا يولولون قائلين : لا طاقة لنا اليوم بجالوت و جنوده، و أوغلوا في موقفهم إلى نقطة أبعد من مجرد مهادنة جالوت، و في الوقت نفسه أبعد من مجرد خذلان داوود
!! و تناسى القوم ما كانوا يسمونه قضيتهم الأولى تماما: كأن لم يكن بين الحُجُون إلى الصفا أنيس و لم يســـــــمر بمكـــــــة ســــــامر ! و ربما كان الحال من بعضه؛ ففي بلد ( السعيدة ) وقع المجموع هنا فيما وقع فيه القوم هناك ، فقضية تحرير السعيدة من مشروع الخرافة، و الخرافيين؛ كأنه ــ و دعونا لا نجزم ــ لم تعد عند البعض هي القضية الأولى كما كان من قبل، و لا عاد مشروع السلالة الحوثية المتخلف هو المشكلة الأكبر ، و المشروع الأخطــر ، و ربما اتجهت ســـــموم أقـــلام، و تصريحات مفتراة، توجه سهامها، في الاتجاه الخطأ، ليس نحو كسرى و مليشياته، و لكن نحو سعد و من معه ؛ فصمود ســعد و تضحياته تعطيه ميزة و تميزا ، و هذا ما يجب هدمه بالنسبة لهذه العقلية السطحية، و طمس أي أثر من مأٓثرة! مع أن سعدا لم يباهي يوما أو يفاخر بمواقفه أو تضحياته، و لا أنكر دور أحد
فهل يخشى ( بعض) إخوة المواجهة أن يدعي أخ لهم باستحقاقــات مواقفه و تضحيــــاته ــ و هو ظن منهم و سوء تقدير ــ و بالتالي يرى هذا البعض أنه لا بد من تشويهه، و التشهير به، و تحجيمه، و حتى سحقه ؟! و إلا ما معنى مسايرة التهريج،و الحملات الإعلامية لمشروع الخرافة، أو الانضمام إلى تناولات حملة المباخر،و كتبة تقارير البهتان ؟! إن من يضع قضية تحرير اليمن السعيد هي القضية الأولى ؛ لا ينبغي أن يوجه سهامه إلا في نحر كسرى و مرتزقته، لا نحو سعد و مجاهديه
و إن من يتحدث عن هدف أسمى، فعليه أن يمضي لغايته بصدق، و إصرار، و ألا تستدرجه إغراءات في الطريق، أو مناكفات الصبيان، أو أحلام المراهقين