استقبال رمضان في ظل تدهور العملة
منذ 3 أيام
تعز – نجوى حسنيستقبل اليمنيون شهر رمضان هذا العام بقدرة شرائية متدنية نتيجة تدهور العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي
تبعات هذا التدهور للعملة المحلية يبزر جليا في ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بما في ذلك القمح، زيت الطبخ المستورد وحبوب الفاصوليا المستوردة
وارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الريال اليمني من 1243 ريالًا في فبراير عام 2023 إلى 1639 ريالًا عام 2024
بينما وصل إلى 2278 ريالًا في فبراير 2025
ما يعني تدهور العملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة في موسم رمضان لهذا العام بنسبة تزيد عن 183% مقارنة بـالموسم نفسه في 2023
ووصلت نسبة التدهور للعملة في فبراير هذا العام نحو139% مقارنة بالشهر نفسه للعام الماضي
هذا التدهور للعملة المحلية أمام الدولار الأمريكي أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل غير مسبوق
الأمر الذي يجعل الوضع صعبًا ومعقدًا على السكان من محدودي الدخل، في ظل اختلال صرف مرتبات موظفي الدولة
يعد رمضان، الشهر التاسع من العام الهجري، موسما سنويا لليمنيين لاجتماع الأسر على مائدتي الإفطار والسحور
تشهد الأسواق إقبالا قبل بدء الشهر بأسابيع لشراء المواد الغذائية استعدادا لقدوم رمضان
لكن تدهور العملة يجعل استقبال شهر رمضان معقدًا لدى الأسر اليمنية
ويزيد من مأساوية الأوضاع على الفئات الأشد فقرًا وضعفًا بالبلاد
خاصةً وأن اليمن تصنف من قبل منظمات إغاثية أممية ودولية بأنها تعيش أزمةً إنسانيةً هي الأسوأ على الإطلاق في العالم
في هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي، فارس النجار، أن هذا التدهور الاقتصادي أثّر بشكل مباشر على الأسر اليمنية
وقال النجار لـ«المشاهد» إن الأسر اليمنية باتت أكثر حرصًا في إنفاقها؛ نتيجة كل هذا الكم من الانهيار المعيشي
وأضاف: في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض الدخل، أصبحت معظم الأسر تركز إنفاقها على السلع الضرورية فقط
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن ذلك يأتي في ظل أزمة الأمن الغذائي التي يعاني منها 21 مليون يمني
وحسب الأمم المتحدة فإن 17
6 مليون من السكان يواجهون انعدام الأمن الغذائي
يقول النجار أن بعض المنتجات ارتفعت أسعارها بنسبة 100 % خلال عام واحد، بينما شهدت منتجات أخرى ارتفاعًا بنسبة 35%
موضحًا أنه في شهر واحد فقط ارتفعت أسعار بعض السلع بنسبة 15 %
الأزمة المعيشية الراهنة أصابت الاقتصاد اليمني بضررين كبيرين: الكساد والتضخم، حيث لم تعد القوة الشرائية للمواطنين تكفي لتأمين احتياجاتهم الأساسية
وبحسب مواطنين فإن ما يزيد الأمر صعوبةً هو قدوم شهر رمضان واحتياجاته الموسمية التي تحرص الأسر اليمنية على توفيرها
يقول محمد نائل، مواطن في تعز: “نعيش الكساد، فلا توجد قوة شرائية، والتضخم يتزايد بسبب الفجوة الكبيرة بين الريال اليمني والعملات الأجنبية
ويواصل حديثه مع «المشاهد»: ما يحصل عليه الفرد في دول الخليج خلال أسبوع لا يحصل عليه اليمني خلال ستة أشهر
ويعتقد نائل أن هذه الحالة تؤدي إلى التسبب بكارثة اقتصادية واجتماعية كبيرة
من جهته، يقول خليل الجبري، وهو مدرس لغة إنجليزية في تعز، براتب 50 ألف ريال يمني، إن راتبه لم يعد يكفي حتى لشراء كيس دقيق
مشيرًا لـ«المشاهد» إلى أن أسعار المواد الأساسية ارتفعت بشكل كبير؛ مما زاد من صعوبة تأمين لقمة العيش
تقول منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في نشرتها عن السوق والتجارة، صدرت في يناير الماضي، إنه عند قياس تغير الأسعار في مناطق سيطرة الحكومة في ديسمبر 2024، مقابل نفس الشهر من العام الماضي ومتوسط السنوات الثلاث، فإن الزيادة في أسعار المواد الغذائية الأساسية تظهر كبيرة وتتراوح من 24% إلى 37% و20% إلى 61% على التوالي
في ديسمبر 2024، ظلت أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز البسمتي والفاصولياء وزيت الطهي ودقيق القمح عند مستويات مرتفعة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، دون تغيير عن نوفمبر
ونوهت نشرة الفاو أن استقرار الأسعار في المناطق الخاضعة لسيطرة سلطات صنعاء يعود إلى التنفيذ الصارم لسعر الصرف وضوابط أسعار المواد الغذائية
وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمن، أدى استجابة السوق على ضخ المملكة العربية السعودية 500 مليون دولار في الاقتصاد إلى استقرار مؤقت في الأسعار
وبالمقارنة بالشهر السابق، ظلت الأسعار دون تغيير نسبيًا
في ظل غياب حلول حكومية فعالة، لجأت العديد من الأسر إلى وضع خطط تقشفية لمواجهة ارتفاع الأسعار
كما أوضحت الأكاديمية بجامعة تعز، الدكتورة ليبيا العريقي: اضطررت للعمل في مراجعة وطباعة الأبحاث إلى جانب عملي الأساسي؛ لمواجهة الوضع
وأضافت العريقي لـ«المشاهد» أن ارتفاع أسعار الصرف المستمر جعل الوضع أكثر سوءًا، بينما لا تزال الرواتب كما هي منذ سنوات
ولفتت إلى أنها انتهجت خطةً تهدف إلى تقليل الإنفاق على الكماليات والالتزام برؤية شرائية محكمة تقوم على الضروريات لا غير
فيما عبرت رشا العريقي -ربة منزل من تعز- لـ«المشاهد» عن صعوبة تأمين الاحتياجات الأساسية، بألم لم يخلُ من غصة
وقالت: كنا نشتري احتياجاتنا بكميات كبيرة، أما الآن فحتى الزبادي (الملجأ الأخير لمن لا يجد طعامًا) أصبح سعره 600 ريال
لم يقتصر التأثير السلبي على المواطنين من محدودي الدخل أو الطبقة المتوسطة فقط، بل طال التجار أيضًا
حيث اشتكى غير واحدٍ منهم من تراجع الإقبال على الشراء بسبب ضعف القدرة الشرائية لدى المستهلكين
ويكشف تاجر المواد الغذائية في تعز، أيمن الزعزوري، أن القوة الشرائية انخفضت بشكل كبير؛ مما أدى إلى تغيير أنماط الشراء
وأوضح لـ«المشاهد» أن المواطن الذي كان يشتري كيس الدقيق كاملًا أصبح الآن يشتري نصف كيس
كما أن من كان يشتري نصف كيس يكتفي اليوم بشراء كيلو واحد فقط
ويواصل: حتى المصانع بدأت تخفّض عبوات المنتجات، فأصبح الدقيق يُباع بالكيلو بدلًا من الأكياس الكبيرة، حد تعبيره
أيمن الزعزوري: المواطن الذي كان يشتري كيس الدقيق كاملًا أصبح الآن يشتري نصف كيس
كما أن من كان يشتري نصف كيس يكتفي اليوم بشراء كيلو واحد فقط
ويواصل: حتى المصانع بدأت تخفّض عبوات المنتجات، فأصبح الدقيق يُباع بالكيلو بدلًا من الأكياس الكبيرة،،من جهته يشير ماجد الحمادي، صاحب سوبر ماركت الدبعي بمدينة تعز، إلى أن أسعار المنتجات تضاعفت بشكل غير مسبوق
وتابع حديثه لـ«المشاهد»: المنتجات التي كنا نبيعها العام الماضي بسعر 2000 ريال، أصبحت اليوم تباع بـ4500 ريال
كما أن سعر الصرف غير مستقر ويتغير في اليوم الواحد أكثر من مرة؛ مما يجعل التجار في حالة خسارة مستمرة
يعتقد الخبير الاقتصادي فارس النجار أن الحل يكمن في تحسين قيمة العملة المحلية من خلال سياسات نقدية أكثر فاعلية
بالإضافة إلى تعزيز دور المؤسسات الاقتصادية الحكومية في توفير المواد الغذائية بأسعار معقولة للمواطنين
وزاد: الحكومة حاولت خلال الفترة الماضية توفير الإمدادات الغذائية، لكنها بحاجة إلى بذل جهود أكبر في تحسين قيمة العملة
معتبرًا هذه المعركة هي المعركة الحقيقية للحكومة، وعليها تشديد الرقابة على الأسعار؛ لأن بعض التجار لا يلتزمون بالتسعيرات المحددة
وفي ظل هذه الأزمة، يرى المواطنون أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع، من الحكومة إلى القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني
بهدف المساهمة بتخفيف العبء عن المواطنين، خاصة مع قدوم شهر رمضان الذي يتطلب زيادة الإنفاق على الاحتياجات الأساسية
وبينما تكافح الأسر للتكيف مع الظروف المعيشية القاسية، تبقى الأنظار موجهة نحو الحكومة والمؤسسات الاقتصادية
وذلك لمعرفة ما إذا كانت ستتخذ إجراءات جادة لإنقاذ الوضع؛ منعًا لمزيدٍ من المعاناة عامًا بعد آخر
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير