الأغبري يكتب عن ذكرى رحيل أشهر صحفي لامس أوجاع اليمنيين وآمالهم وكان ناطقهم الأصدق

منذ 2 سنوات

في 22 من أكتوبر 1995 خسر اليمن واحدًا من أهم الصحافيين الذين شكلوا منعطفاً هاما في تاريخ الصحافة المحلية

إنه الصحافي الراحل عبدالحبيب سالم مقبل

اعترف أن سلسلة مقالاته الديمقراطية كلمة مرة كان لها تأثيرها في تشكيل وعيي الوطني عندما كنت طالبا في الثانوية العامة، لاسيما وأنني كنت حينها وتحديدا في السنوات الأربع الأولى من عقد التسعينيات في عنفوان عملي الحزبي كشاب متطلع لمستقبل جديد

وهو العنفوان الذي استمر لتنطفئ جذوته مع تداعيات حرب صيف 1994م

  ==================================== لا يمكن وصف عبدالحبيب إلا باعتباره قد شكل، على الرغم من عمره الصحفي القصير، ظاهرة صحافية يمنية بامتياز، ولعله كان – إن لم أكن مبالغا- الكاتب اليمني الوحيد الذي كان القارئ من جميع التيارات اليمنية ينتظره مع صدور صحيفة (صوت العمال) لقراءة مقاله الأسبوعي في الصفحة الأخيرة

وفي تلك الفترة كانت الصحافة اليمنية في أزهى مراحل عافيتها

لقد كنت انتظر وصول صوت العمال لمقر منظمة الحزب الاشتراكي اليمني في مدينة السدة مع مجمل صحف اليسار

لا لشيء إلا لقراءة مقال عبدالحبيب

فقد كنت أرى - وانا مازلت طالبا في الثانوية العامة- فيما يكتب لسان حال الواقع والمستقبل اليمني في آن، لاسيما وأننا حينها كنا نعيش مرحلة مختلفة كان خلالها الحلم اليمني في أوجه مع ولادة دولة جديدة كنا نتوق أن تحقق لنا حلم الدولة المدنية

كان عبدالحبيب صاحب طرح صادق ومخلص لا يمكن الشك في نزاهته وانحيازه لمشروع الدولة الحلم؛ وهو ما كان يعبر عنه في مقالاته التي كانت مثالا فريدا في صوغها وتعاطيها الموضوعي والوطني مع قضايا الساعة السياسية

وهي المقالات التي كان يجد فيها معظم اليمنيين صوتهم وتطلعاتهم

يمكن اعتبار السنوات الخمس الأولى من عقد التسعينيات من أهم المحطات السياسية في تاريخ اليمن الموحد

وخلالها شهد اليمن أزمة سياسية ساخنة وحرب عاصفة

جراء انحراف مسار دولة الوحدة عما تم الاتفاق عليه

وشهدت تلك الفترة وتحديدا ما قبل حرب صيف 1994م ولادة صحافة يمنية حرة تشكلت خلالها (صحافة كاتب) يمكن اعتبارها أهم مرحلة في تاريخ الصحافة اليمنية حتى اليوم

ومن بين أبرز الأسماء التي قدمتها تلك المرحلة كان اسم عبد الحبيب

الذي مازال أجرئ قلم شهدته الصحافة اليمنية ليس بمعنى الجرأة المتطلعة للشهرة وتحقيق الحضور الزائف من خلال الشعارات والمصطلحات الرنانة تحت بيدق تيار ما

بل هي جرأة الوعي الوطني الناضج والبسيط والعميق في آن والصادق والمخلص تجاه مشروع الدولة المدنية الحديثة التي ذهب في سبيلها الكثير من التضحيات

 في مثل هذا الذكرى نترحم على روح عبد الحبيب ونتذكر قلمه الحر وما كانت عليه اليمن وما صارت إليه، وما كان عليه الحلم اليمني وما أصبح عليه هذا الحلم

أتذكر يوم إعلان رحيله

كنت يومها في عامي الأول بكلية الإعلام جامعة صنعاء

كان رحيله صادما لاسيما وقد كان في مقتبل العمر والبلد تنحو في اتجاه مختلف عن الحلم

رحمة الله تغشاه

كتبه/ أحمد الأغبريمراسل صحيفة القدس العربي بصنعاء