الإنتقالي الجنوبي يكشف عن هجوم تخادم حوثي إخواني في قصف ميناء الضبة النفطي برعاية بريطانية
منذ 3 سنوات
بين الموقف البريطاني وقرار الشرعية:من يغرد خارج السرب ؟ ====================================…………
…………………………………
وزير خارجية حكومة صنعاء يؤكد بمايشبه العبط السياسي، أن هجوم الح وثي على ميناء الضبة النفطي ،لا يتعارض مع المساعي الدولية لتمديد الهدنة!
ويمضي قائلاً حسب وكالة أنباء “سبأ”بنسختها الحوثية ،أن قرار المجلس السياسي لمهاجمة منشآت النفط قابل للتصعيد، وأن صنعاء مازالت يدها ممدودة للسلام !
“بريطانيا” في تغريدة لسفيرها في اليمن يوم امس ، أعتبرت الهجوم تهديداً للملاحة الدولية ، ولكنها عادت وبلغة ناعمة إلى دعوة الحوثي تحكيم العقل، والإنخراط في العملية السياسية، أي عدم الإقتراب حتى من مجرد التلميح عن بُعد في كونه ذات صلة بالإرهاب
الإنتقالي بدوره يرى في هجوم الضبة تخادماً حوثياً إخوانياً، فيما ذهبت الشرعية من جانبها بعيداً، في مقاربة ما حدث وأصدرت قراراً صارماً تصنف فيه الح وثي كمنظمة إرهابية
هذه مواقف تتسق وتتصادم في آن معاً:-العقلية العدوانية بطابعها الفوضوي للح وثي، ومجاهرته أنه لن يتراجع عن إستهدافاته للناقلات التجارية، وأن مثل هكذا هجوم لا يدخل في عداد المغامرات غير المحسوبة، بل هو نهج سياسي لا يتعارض مع الجهود الرامية، إعادة ضبط إيقاعات النشاط الدبلوماسي الأممي الدولي، لوصل ما أنقطع من هدنة لم تعد قائمة على الورق وكذا على الأرض
- الموقف البريطاني المتسامح مع الح وثي، وعدم إعادة تركيب جديد للسياسة البريطانية وتدوير زوايا الرؤية ، على ضوء ما أستجد من تهديد لموانئ وحقول النفط ، وتمسك لندن بسابق تقييمها لسلطة صنعاء، كشريك في جهود السلام لا معطلاً للحل
تصريح السفير البريطاني في تغريدته، يفرغ القرار الشرعي بتصنيف الح وثي كجماعة إرهابية ، من أي قيمة ضاغطة ،وتحويل القرار إلى مجرد قنبلة صوتية لإخفاء حالة ضعف الشرعية ، ومحاولتها تسجيل نقطة موجهة للإستهلاك الداخلي
- يبقى موقف الإنتقالي هو الأكثر وضوحاً ،حيث يمضي بخطى متسقة بين خطابه وتوصيفه للح وثي كخطر قائم الآن، وغير قابل للترحيل، وبين المعارك التي تخوضها القوات الجنوبية ،وحدها دون سائر الجبهات على إمتداد رقعة سيطرتها في الجنوب ، أي مواجهة الآلة الحربية بقوة السلاح ، وهو المشترك الغائب بين الإنتقالي والحكومة الشرعية ، والأطراف الإقليمية الداعمة
قرار المجلس الرئاسي دون إحتمالات التنسيق مع المرجعيات الإقليمية والأممية والدولية ، يبقى قراراً معزولاً وكأنه لم يكن ، فليس بمقدور الحكومة الضعيفة منفردة إغلاق الموانئ في وجه التجارة الح وثية ، وإسقاط “ستوكهولم” الذي جاء بتفاهمات دولية ، ليس بمقدور الرئاسي إعادة صياغة الأحجام العسكرية، والتأثير بميزان القوة وهو في حالة إنكماش وأمور عدة أُخرى ، ما لم يتزامن قرار تصنيفه للح وثي مع قرارات دولية مماثلة ، فالعامل الدولي هو وحده من يملك أدوات وآليات نقل القرار من الورق والصخب الإعلامي إلى الأرض، ومن دوائر الإستهلاك السياسي المحلي، إلى أروقة صناعة القرار والسياسات الدولية
وعلى صعيد القوة ،كل المنظومة العسكرية الشرعية مازالت في ذات نقطة الركود منذ سنوات الحرب الثمان ، لم تخطو بإتجاه التعافي وإعادة بناء مقومات القدرة خطوة واحدة ، وبالتالي أي مواجهة على خلفية القرار رقم واحد تفتح على المجهول، بل نحو مراكمة المزيد من النكسات ،ومنح الخصم أراضٍ مضافة، وتمدداً يتخطى رقعة الشمال، إلى كل خارطة اليمن ،ومن مناطق الكثافة السكانية إلى مناطق الثروات
من مؤشرات جدية المضي إلى الأمام ،وإعتبار ما بعد القرار رقم واحد ليس كما ماقبله، يكمن في :*إعادة بناء القوات المسلحة بتطهيرها من الوافدين إليها من خارج التخصصات والأكاديميات العسكرية
*إقالة القيادات المتحزبة العقائدية، التي ترى في الجيش إمتداداً لحزبها لا آداة تحرير وحماية لسيادة الوطن
*تنسيق الجهد الحربي في كل الجبهات ووقف الإحترابات البينية
*فك تشابكات العلاقة بين معسكرات محددة ومعروفة سلفاً والإرهاب، وإنهاء حالة التخادم بينهما
*نزع فتيل الإنفجارات الداخلية ، وتنفيذ إتفاق الرياض بسحب المنطقة العسكرية الأولى نحو ساحات المواجهة في مأرب وغيرها، وكذا حال تعز الجبهة المكرسة لغير العدو المشترك، أي لإبتزاز المواطن ونهب الممتلكات والإثراء غير المشروع ،والحشد من أجل إنجاز مهمة ذات صلة بصراع الإخوان مع الجنوب
مرةً ثانية ،الآن لا جبهة متسقة مع مواقفها المُعلنة مبكراً بإعتبار الح ثي إرهابياً ، سوى جبهات الجنوب ، وحان الوقت أن تثبت الشرعية جدية توصيف خصمها بالعدو الأول، من خلال ضخ كل الإمكانيات لدعم جبهات المواجهة ،وجعل كل اليمن مسرح عمليات موحدة
حتى اللحظة في الجانب الشرعي، مازال الوضع كما هو عليه ، تمكين الح وثي من قضم ما تبقى من مقومات القوة جنوباً ،حد المباركة والدعم بالصمت ،وعدم توفير امكانيات المقاومة ، وتغليب الخصومات السياسية وصراع المشاريع ، على إنجاز المهمة المشتركة، دحر الح وثي وإسقاط مشروعه أولاً، ومن ثم بعد انجاز المهمة الإنتقال تالياً إلى مناقشة تباينات مشاريع السياسة
إجمالاً ليس دائما تكون القرارات محقِقه للأهداف التي جاءت من أجلها ، فغالباً دون قراءة تضاريس المشهد بكل تفاصيله ، ودون إستمزاج الفاعلين الدوليين وتنسيق الخطوات مع الجوار ، ترتد تلك القرارات إلى جهة الإصدار بنتائج صادمة، ومن الإحتمالات القائمة أن يتحول القرار الأخير ،من مسعى لعزل الح وثي إلى عزل الشرعية نفسها ، وتدمير آخر ماتبقى لها من مصداقية في الداخل الوطني، وهي بالمناسبة مصداقية مادون الحد الأدنى، إن لم تكن مصداقية الحضيض ،على خلفية فشلها بإدارة المناطق المحررة إدارة ناجحة، أمناً ومعيشة وصحة وخدمات ،وتفشي غول النهب والفساد
تعاطي الموقف البريطاني والغربي عموماً مع الح وثي -على الضد من قرار الشرعية- ،كقوة سياسية لا أرهابية ،وكشريك في جهود السلام، ربما يذهب بنا جميعاً في هذا الإتجاه ، أي قرار الشرعية جردة خسائره أكبر ، وهو قرار غير قابل للحياة، ما لم تثبت المعطيات اللاحقة عكس ذلك
كتبه/ خالد سلمانصحفي يمني مقيم في لندن