الإنسان والمكان في الخطاب الشعري عند الشاعر المقالح
منذ 2 سنوات
مجرد رأي نقدي :كثير هم الشعراء الذين عاشوا الوهم الكبير المتمثل في رغبتهم ورؤيتهم الشعرية المتمثلة في إعادة تشكيل العالم باللغة و من أجل اللغة و قليل منهم من حاول إبداء تواضعه حين تموضعت الرؤيا الشعرية لديهم بـ إعادة ترتيب العالم باللغة و من خلال اللغة و الأقل فيهم من عدل عن ذاك و ذياك بـ إعادة بناء العالم من جديد و باللغة و من أجل اللغة ، و لكنهم حين شابت بين أيديهم الكلمات و أحترقت في عيونهم الأحلام ؛ اكتشفوا ولات حين مندم أنهم لم يتمكنوا حتى من إعادة ترتيب ملابسهم الداخلية فضلا عن إعادة التوازن إلى كل مظاهر الحياة و الوجود من حولهم
====================================وحده الشاعر / عبدالعزيز المقالح حلق بعيدا عن سرب الشعراء و باتجاه مغايرا ، فلم يتبن تلك الدعاوي ولم تسكنه الرغبة المحاطة بضجيج الإدعاء وزيف العالم ، كان ينظر من زواية أخرى حين ارتأى ضرورة إعادة بناء الإنسان وترميمه من الأعماق و كانت هذه الرؤيا الشعرية مصحوبة بهموم هي أشدُّ وطأ و أقوم قيلا ، فكان أن حمل اليمن على ظهره حتى احدوبَ وظلَّ يتغنى به و يتحدُّ به في المقامات و الأحوال لا ينفك عنه بل يزداد التصاقا به حتى لا يدرك القارئ أيهما هو اليمن ؟
كعادته لم يتوان لحظة عن بناء الإنسان وتوفير كل الوسائل المتاحة للارتقاء به ، و البحث عن تقديم الإجابات و الحلول للمشكلات الموازية لوجود الإنسان ، تارة يفتش عنها في التصوف و كرة أخرى يجد التماعاتها في المبادرة عبر اللغة و من أجلها إلى تأسيس مجتمع المعرفة ، هذا المجتمع الذي يحترم العقل وينبذ الخرافة و الجهل لكنه في الآن ذاته _ المجتمع الذي يعطي للإنسان قيمة بقدر ما يحسنه و يبدعه
وكانت للقصيدة عند الشاعر / عبدالعزيز المقالح تحولاتها و منطلقاتها ، لكنه مع كل تحول شعري نجد أن الإنسان و الوطن لم يغيبا طرفة عين عن منجزه الشعري ، بل ظلت القصيدة تنمو و كلما اتسعت دلالاتها ارتقى الإنسان درجة في معراج المدنية و الحداثة و التنوير
إن اهتمام الشاعر / عبدالعزيز المقالح بالإنسان و بالمكان قد هيأ له فرصة حقيقية ليكون صاحب السبق في تصميم مخيلة شاهقة تليق بالإنسان وباليمن الحضارة
و بواسطة الإنسان و المكان باعتبارهما ثيمتان شعريتان تحضران بقوة في الخطاب الشعري عند الشاعر المقالح ، كان هو الأجدر من بين جميع أقرانه الشعراء بـ إعادة بناء العالم عبر الاهتمام بالإنسان
كتبه/ عبدالرقيب مرزاح الوصابي