الإيجارات في تعز مرتفعة رغم تعافي الريال

منذ 4 ساعات

تعز – نجوى حسنباتت أزمة ارتفاع أسعار الإيجارات في مدينة تعز كابوسًا ثقيلًا على كاهل الكثير من الأسر، حيث صارت الزيادة السنوية غير المبررة عبئًا يستهلك وقتهم وطاقتهم ويؤثر بشكل مباشر على حياتهم العملية والأسرية

تستمر معاناة المستأجرين رغم قرار مجلس الوزراء في حكومة عدن خلال أغسطس الماضي بمنع استخدام العملة الأجنبية في كافة المعاملات التجارية بما في ذلك دفع ايجارات السكن

 المستأجرون يؤكدون أن عدم إنفاذ قرار الحكومة من قبل السلطات المحلية يضاعف معاناتهم ويجعلهم يعيشون في قلق دائم

ورغم أن العملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة قد استعادت في أغسطس نحو 50 % من قيمتها أمام العملات الأجنبية، إلا أن أسعار الإيجارات لم تتعدل حتى الآن

يرى الصحفي مكين العجوري، من محافظة تعز: “أن ارتفاع أسعار الإيجارات تمثل كابوسًا بالنسبة لي؛ لأنه كل سنة يرفع ملّاك البيت الإيجارات وبشكل جنوني”

وقال لـ”المشاهد”: أظل طوال الوقت أفكر بالموضوع وكيف أتعامل مع شروطهم، خاصة أنه لا توجد أي حلول من السلطات المحلية بتعز”

مكين العوجري، صحفي يسكن في تعز: ارتفاع أسعار الإيجارات تمثل كابوسًا بالنسبة لي؛ لأنه كل سنة يرفع ملّاك البيت الإيجارات وبشكل جنوني

أظل طوال الوقت أفكر بالموضوع وكيف أتعامل مع شروطهم، خاصة أنه لا توجد أي حلول من السلطات المحلية بتعز”

وأشار العجوري إلى أن هذه الأزمة لا تنعكس فقط على الجانب المادي بالنسبة له، بل تمتد لتؤثر على حياته اليومية وعمله وعلى أسرته

حيث يعيش في قلق دائم ويضطر إلى التفكير المستمر بخيارات بديلة، أبرزها ترك الشقة والبحث عن أخرى

غير أن ضعف قدرته المالية يجعله عاجزًا عن اتخاذ قرار سريع، خصوصًا في ظل استمرار المؤجرين برفع الأسعار دون أي ضوابط أو تدخل رسمي يواكب تحسن سعر صرف العملة المحلية

وتابع العجوري: “دخلي الشهري مضطرب وغير ثابت

لكن في الغالب لا تزيد عن 400 ريال سعودي، وهذا ما يجعلني أقلق أكثر وأخوض صراعًا نفسيًا مستمرًا، وهذا المبلغ لا يكفي الإيجار إذا قبلت بالزيادة التي تصل إلى قرابة ضعف الايجار الحالي”

أم ريما باسل ياسين تتحدث مع “المشاهد”، وتقول: “لديّ ثلاثة أطفال، بنتين وولد، نعيش في شقة صغيرة في حي ديلوكس، تعبنا كثيرًا، يعمل زوجي ويجني المال ليدفع الإيجار، حتى قوتنا اليومي نشتريه باليومية”

تعاني العديد من الأسر الفقيرة بتعز من ارتفاع أسعار الإيجارات بشكل يفوق قدرتها المالية؛ ما يزيد من معاناتها اليومية ويجعل تأمين السكن والخدمات الأساسية تحديًا حقيقيًا

وتزيد: “ظروفنا بالأول كانت لا بأس بها ولكن اليوم تغيرت كثيرًا وتدهورت، فالمريض لا نستطيع أن نعالجه بسبب سعر الإيجارات، ومالك الشقة يريد الإيجار والظروف صعبة جدًا”

تعيش أم ريما في شقة قديمة بحي ديلوكس، بينما يعمل زوجها في ورشة نجارة بأجر يومي غير ثابت، يتراوح ما بين ألف ريال و30 ألف ريال يمني؛ ما يجعل الأسرة في وضع مالي مضطرب

ومع ارتفاع الإيجارات بشكل متكرر، ازدادت معاناتهم في تدبير احتياجاتهم الأساسية

حيث لم يعد بإمكانهم توفير العلاج لابنتهم الصغيرة رنيم، التي تحتاج عملية جراحية، لكن ضغط الإيجار المستمر يحول دون ذلك

وأضافت: “كان الإيجار في البداية مائة ألف ريال ثم ارتفع إلى 120 ألف، ومع محاولة زوجي تخفيض عشرة آلاف ريال؛ بسبب ابنتي رنيم البالغة من العمر أربع سنوات التي تحتاج لعملية جراحية بتكلفة 170 ألف ريال، لم نستطع توفيرها بسبب الإيجار”

وتواصل: كنا نخبر ملّاك المنزل، لكنهم على خلاف دائم؛ لأنهم ورثة بعد موت والدهم

ويرفضون حتى أي تصليحات للبيت، فقط يريدون الإيجار

ورغم تحسن سعر صرف الريال اليمني، إلا أن ذلك لم ينعكس على أسعار الإيجارات التي واصلت الارتفاع؛ ما جعل العائلة تواجه ضغوطًا إضافية

وصلت أحيانًا إلى التهديد بالطرد من المنزل

وقد انخفض سعر العملة الأجنبية مقابل الريال اليمني من نحو 2,800 ريالًا يمنيًا للدولار في يوليو، إلى 1,617 ريالًا في سبتمبر الجاري

 وتشير أم ريما إلى أنها تفكر بجدية في الانتقال إلى شقة أخرى إذا وجدت مزلًا مناسبًا

لكنها تصطدم بواقع استغلال الملاك لظروف الناس وطلبهم مبالغ باهظة مقابل مساكن قديمة تفتقر للخدمات الأساسية

وتضيف أم ريما: “ملاك العقارات استغلوا ظروف الناس ويقولون دائمًا: “سلّم لنا الإيجار أو غيرك بيدفع أعلى”

كنتُ مستأجرة في حي التحرير منذ 2013 بـ25 ألف ريال، ولم يكن هناك زيادة لمدة ثمان سنوات

ثم انتقلت إلى حي الضبوعة بسعر مماثل لمدة سنتين، وبعدها إلى هذه الشقة الحالية بسبب قربها من مكان عمل زوجي

لكن حقيقة سعر الإيجار الحالي لا يستحق، فالمنزل قديم جدًا وسطحه متشقق ويحتاج لترميم، الآن أواجه صعوبات في توفير التعليم والصحة، وابني في مدرسة خاصة مهدد بالفصل بسبب عدم سداد الرسوم”

تعود أسباب أزمة الإيجارات في تعز لعدة عوامل، أبرزها النزوح الكثيف من مناطق الصراع إلى مدينة تعز

إضافةً إلى جشع بعض ملّاك العقارات الذين حولوا العملية إلى ما يشبه المزاد لمن يدفع أكثر

يقول الدلال أحمد نعمان الأغبري، من تعز، لـ”المشاهد”: “تعز أصبحت محطة لاستقبال الجميع من نازحي الحديدة والمناطق التي تشهد اشتباكات، أفضل العمائر تقع في مناطق تماس، وسكانها نزحوا إلى المدينة؛ مما أدى إلى ارتفاع الطلب على الشقق

أصحاب العقارات تأقلموا مع الوضع وصارت الشقق تعرض وكأنها مزاد، ومن يدفع أكثر يحصل على الشقة”

الدلال أحمد نعمان الأغبري، من تعز: “تعز أصبحت محطة لاستقبال الجميع من نازحي الحديدة والمناطق التي تشهد اشتباكات، أفضل العمائر تقع في مناطق تماس، وسكانها نزحوا إلى المدينة؛ مما أدى إلى ارتفاع الطلب على الشقق

أصحاب العقارات تأقلموا مع الوضع وصارت الشقق تعرض وكأنها مزاد، ومن يدفع أكثر يحصل على الشقة”

وأشار الأغبري إلى أن أزمة الإيجارات تفاقمت بفعل جشع بعض الملاك الذين استغلوا ارتفاع سعر الصرف

وفرضوا مبالغ خيالية على المستأجرين، في حين لم يلتزموا بتخفيضها بعد تحسن قيمة العملة

ويضيف: “مدينة تعز، المحاصرة ذات المساحة المحدودة والكثافة السكانية الكبيرة، تعيش أزمة إسكان خانقة

في ظل غياب أي دور حكومي أو قضائي ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وهو ما قد يؤدي إلى مشاكل اجتماعية وجنائية في حال استمرار الوضع

وأكد الأغبري أن الملاك مستمرون في المطالبة بدفع الإيجارات بالريال اليمني وفق سعر صرف العملة القديم 700,000 ريال مقابل 1,000 ريال سعودي

رغم أن سعر الصرف حاليًا قد انخفض إلى 425 ألف لـ1,000 ريال السعودي

 مضيفًا: “حتى الآن لا يوجد أي دور حكومي ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر

وكنتُ قد أشرت سابقًا إلى أن الملاك لن يستجيبوا إلا إذا تدخلت السلطة المحلية والأمن والقضاء، وتعاملوا بيد من حديد”

وأوضح الأغبري أن أسعار الإيجارات الحالية تتراوح بين 80,000 ألف و100,000 ألف ريال لغرفة واحدة مع حمام ومطبخ

ويصل إيجار الشقة العادية المكونة من غرفتين إلى 150,000 ألف ريال، ونظيرتها “اللوكس” إلى 250,000 ألف ريال

أما الشقق المكونة من ثلاث غرف عادية فتتراوح أسعارها بين 170,000 ألف و220,000 ألف ريال

فيما تصل الشقق المماثلة “الجديدة” إلى ما بين 250,000 ألف و300,000 ألف، والشقق الكبيرة المكونة من أربع غرف تتراوح بين 300,000 ألف و400,000 ألف ريال

إلى جانب الارتفاع الجنوني للأسعار، يواجه المستأجرون معضلةً جديدة تتمثل في دفع الإيجار بالريال السعودي بدلًا من الريال اليمني

وهو ما يزيد من الضغط على المواطنين

“تحدث أحمد أبو إسلام قائلًا: في السابق، أبرم المستأجرون عقود الإيجار بالريال السعودي

وفي الوقت الحالي، هناك بعض النقص في توفر الريال اليمني، إلا أن الإيجارات بالعملة المحلية لا تزال متوفرة ولا يشهد السوق نقصًا فيها”

من جهتها، تقول السلطات المحلية إن قضية أسعار الإيجارات مطروحة على طاولة النقاش

لكنها ما تزال ضمن المراحل المتأخرة بعد معالجة أسعار المواد الغذائية والوقود ورسوم المدارس الخاصة

مشيرة إلى أن غياب مجلس النواب يعرقل أي تعديل للقوانين المنظمة للعلاقة بين المؤجر والمستأجر

وقال أحمد مرشد، مدير عام مديرية القاهرة، لـ”المشاهد”: “نظرًا لتعافي الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، تم اتخاذ الإجراءات كمراحل

المرحلة الأولى تتعلق بأسعار المواد الغذائية والوقود والزيوت، والآن نتجه إلى المدارس الخاصة وإلى الغاز، وعمليات الإيجارات ستكون عملية لاحقة”

أحمد مرشد، مدير عام مديرية القاهرة: نظرًا لتعافي الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، تم اتخاذ الإجراءات كمراحل

المرحلة الأولى تتعلق بأسعار المواد الغذائية والوقود والزيوت، والآن نتجه إلى المدارس الخاصة وإلى الغاز، وعمليات الإيجارات ستكون عملية لاحقة”

وأوضح مرشد أن قضية الإيجارات كانت محور توجيهات صادرة من محافظ المحافظة إلى السلطة المحلية، وتم الاتفاق على منع تحصيل الإيجارات بالعملة الصعبة

كما تقرر عدم رفع أسعار الإيجارات على المستأجرين خلال فترة انهيار الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، حمايةً للمواطنين من أي أعباء إضافية

 وقال: إن السلطة ستقوم بحماية حقوق المستأجرين، أما بالنسبة لقانون الإيجارات، فهذا مرتبط بمجلس النواب، الذي هو معطل بسبب الحرب، والقانون يحتاج لتشريعات جديدة، فعندما تستعيد الدولة مؤسساتها ويستقر الوضع، من المؤكد أنه سيكون هناك تعديل للقانون وحماية لحقوق المستأجرين، حد تعبير مرشد

أزمة الإيجارات في تعز تمثل تحديًا وإنسانيًا واجتماعيًا يتجاوز حدود القدرة المعيشية للمواطنين

وبين معاناة المستأجرين من جهة، وغياب تفعيل إجراءات السلطات من جهة أخرى، تظل الأسر تواجه مصيرًا مجهولًا، آملةً في تدخل جاد يوازن العلاقة بين المالك والمستأجر

ويضع حدًا للفوضى التي أثقلت كاهل الفقراء والطبقة الوسطى على حد سواء

سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع

يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة

بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail

comليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير