البرح.. قبلة تجارية مهجورة

منذ 2 أشهر

تعز – مكين العوجريمثلت مدينة البرح، الواقعة غرب بمديرية مقبنة في محافظة تعز (جنوب غربي اليمن)، مركزًا اقتصاديًا نابضًا بالحياة

عطفًا على موقعها الذي شكّل نقطة التقاء بين محافظات تعز، الحديدة، ولحج

وجذبت إليها آلاف التجار والمتسوقين من مختلف المناطق، بفضل موقعها الاستراتيجي هذا

وازدهرت البرح كسوقٍ شعبي للمنتجات المحلية والمشغولات اليدوية، مثل الجبن البلدي والمواشي والمنتجات الزراعية

لكن هذا المشهد تغير بشكل جذري بعد عام 2018

حينما تم إغلاق الطريق الرئيسي الذي يربط البرح بمدينة المخا في تعز، ومحافظات الحديدة

وذلك بعد مواجهات عسكرية بين القوات المشتركة التابعة للحكومة اليمنية ومقاتلي جماعة الحوثي

وأدى هذا إلى انهيار الحركة التجارية وانخفاض أعداد المتسوقين، لدرجة أن بعض المحال تقضي أيامًا دون أن يدخلها الزبائن

مثلت مدينة البرح، الواقعة غرب بمديرية مقبنة في محافظة تعز، مركزًا اقتصاديًا نابضًا بالحياة، لكن هذا المشهد تغير بشكل جذري بعد عام 2018

حينما تم إغلاق الطريق الرئيسي الذي يربط البرح بمدينة المخا في تعز، ومحافظات الحديدة

وذلك بعد مواجهات عسكرية بين القوات المشتركة التابعة للحكومة اليمنية ومقاتلي جماعة الحوثيوسوق البرح من أشهر الأسواق القديمة في اليمن

وتحوّل في العقدين الأخيرين إلى مدينة حضرية بحكم موقعه بالقرب من الخط الدولي المؤدي إلى جنوب المملكة العربية السعودية

بالإضافة إلى توسطه لمناطق الساحل والمناطق الجبلية والأودية في محافظة تعز

وتتواجد في البرح واحدة من أكبر المنشآت الاقتصادية، المتمثلة بمصنع إسمنت البرح، الذي توقف بسبب الحرب

أكرم، صاحب محل ملابس في البرح، يشرح لـ”المشاهد” مدى التغيير الذي أصاب المدينة

ويقول: “قبل إغلاق الطريق، كان السوق يعجّ بالمتسوقين، وكانت الحركة التجارية في ذروتها، أما الآن، فقد أصبح الأمر مختلفًا تمامًا

حيث تمر الأيام دون أن يدخل زبونًا واحدًا”

ورغم ذلك ما زال اكرم مداوم على فتح بسطته الصغيرة لعله يجد متسوق يقتني منه ملابس

تاجر آخر يصف المشهد: “البرح كانت مقصد للتجار والمتسوقين طوال أيام السنة

لكن الآن أصبحت وكأنها مدينة مهجورة، ورغم ذلك، ما زلنا نتمسك بالأمل في أن تعود الحياة إلى السوق من جديد”

لم يكن التأثير مقتصرًا على أصحاب المحال التجارية فقط، بل طال حياة المواطنين أنفسهم، “أحمد” -اسم مستعار- أحد سكان البرح

يروي لـ”المشاهد” انعكاسات الأزمة الاقتصادية على حياته وأسرته: “في السابق، كانت الحركة التجارية توفر لنا فرص عمل ودخل جيد

لكن اليوم فقد تلاشت هذه الفرص، ولم يعد من السهل حتى التنقل بين السوق والمنزل؛ بسبب قلة وسائل النقل”

امتد تأثير إغلاق الطريق إلى الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها السكان

وكان المستشفى الدولي الخاص، أحدث منشأة صحية في المنطقة، يقدم خدمات طبية متكاملة لسكان البرح والمناطق المجاورة

لكنه أُجبر على الإغلاق بعد فترة قصيرة من إغلاق الطريق الرابط بين المخا والبرح

مما حرم آلاف المواطنين من الخدمات الصحية الضرورية

كما تراجع نشاط المطاعم والفنادق التي كانت تعتمد على الزبائن من المسافرين والتجار

تجار ومواطنون: في السابق، كانت الحركة التجارية توفر لنا فرص عمل ودخل جيد

لكن اليوم فقد تلاشت هذه الفرص، ولم يعد من السهل حتى التنقل بين السوق والمنزل؛ بسبب قلة وسائل النقل، وامتد تأثير إغلاق الطريق إلى الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها السكان، كالمستشفيات والمطاعم والفنادق وغيرها من الخدماتيقول حاشد سنان، أحد أبناء البرح والناشطين في الدعوة لإعادة فتح الطريق، إن مدينة البرح بدأت تشهد انتعاشًا اقتصاديًا منذ عام 2000

حيث توافد إليها أشخاص من مختلف المحافظات اليمنية، مثل حضرموت، شبوة، مأرب، ذمار، الحديدة، تعز، وصاب، وريمة

واستقر هؤلاء في المدينة بهدف تأسيس مشاريع تجارية متنوعة، شملت المطاعم والمتاجر؛ مما ساهم في ازدهارها الاقتصادي والعمراني

غير أن هذا النمو لم يدم طويلًا، فبعد إغلاق الطريق الرئيسي في عام 2018، اضطر الكثير من السكان والتجار إلى مغادرة المدينة، تاركين وراءهم محالهم ومنازلهم بعد أن كانوا جزءًا من النسيج الاجتماعي للمنطقة

ويشير حاشد لـ”المشاهد” إلى أن البرح كانت تتمتع بحركة تجارية نشطة جدًا

ووصلت إيجارات المحلات التجارية في الشارع العام إلى مليون ريال، وهو دليل على الإقبال الكبير للمتسوقين وتدفق السلع

تراجع الحركة التجارية، أصاب المنتجات المحلية التي تعتمد عليها أغلب الأسر في مديريات غرب تعز ومديريات الحديدة بمقتل

وأضحت منتجات مثل الجبن البلدي والمواشي، والمنتجات الزراعية والمشغولات اليدوية، تعاني من قلة الطلب؛ مما تسبب بإنخفاض الأسعار بشكل كبير

ويوضح حاشد سنان أن أسعار المنتجات أصبحت منخفضة بشكل لافت؛ لأنه لا يوجد من يشتري، فالسوق لم يعد كما كان من قبل

ويكشف عن حجم الكارثة الاقتصادية التي لحقت بالمدينة والأسر المنتجة بعد الإغلاق

ويقول: “كانت البرح واحدة من أكبر الأسواق الشعبية للجبن المحلي وللأغنام والأبقار، قبل الحرب

وكانت الأسواق تعمل طوال أيام الأسبوع، لكن انتهى كل شيء”

ويضيف حاشد: “في الماضي، كان السوق يعجّ بالتجار من مختلف المحافظات، مثل حرض، زبيد، الحسينية، المخا، موزع، لحج، وذمار

وكانوا يأتون لبيع منتجاتهم مثل المانجو، الأغنام، الأبقار، والمشغولات اليدوية، أما اليوم، تلاشت هذه الحركة، ولم تعد الأسواق كما كانت”

موضحًا أن إحدى أكبر المشكلات التي يعاني منها التجار والمواطنون حاليًا هي صعوبة التنقل، قبل إغلاق الطريق

وكان الوصول من البرح إلى المخا يستغرق نصف ساعة فقط، أما اليوم، فنفس الرحلة تستغرق 6 ساعات عبر طرق وعرة

ويتعين على المواطنين المرور بطريق بديلة عبر تعز والحوبان، ما يضاعف المشقة والتكلفة

في يوليو 2022 أعلنت القوات المشتركة بالحكومة المعترف بها، للمرة الثانية، إعادة فتح طريق “المخا- البرح- تعز” من طرف واحد

بالتزامن مع زخم شعبي مطالب بفتح الطرق الرئيسية للمدن، فيما لم تعلق جماعة الحوثي عن المبادرة بأي شكل من الأشكال

أبناء البرح يأملون في إعادة فتح الطريق الذي كان شريان الحياة للمدينة، مطالبين الأطراف المعنية بإيجاد حلول لإعادة الحياة إلى البرح، وإعادة فتح الطريق ستعيد التجار والمتسوقين، مشيرين إلى أن ذلك سيخلق فرص عمل جديدة، وسيعيد المدينة إلى سابق عهدهاورغم هذه الأوضاع الصعبة، لا يزال أبناء البرح يأملون في إعادة فتح الطريق الذي كان شريان الحياة للمدينة

مطالبين الأطراف المعنية بإيجاد حلول لإعادة الحياة إلى البرح، وإعادة فتح الطريق ستعيد التجار والمتسوقين

مشيرين إلى أن ذلك سيخلق فرص عمل جديدة، وسيعيد المدينة إلى سابق عهدها

حتى ذلك الحين، ستظل البرح تعاني

وسيظل سكانها ينتظرون بفارغ الصبر لحظة الانفراجة التي قد تعيد إليهم مدينتهم التي كانت يومًا ما مركز تجاري نابض بالحياة

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير