البرفسور: أيوب الحمادي : لو عاش في اليمن نصف قرن!!!!!

منذ 3 ساعات

البرفسور: أيوب الحمادي فاز زهران ممداني، المسلم المولود في أوغندا من أصول هندية والمتزوج من سورية، بمنصب أول عمدة لمدينة نيويورك

وقبله كان صادق خان، البريطاني من أصول باكستانية، عمدة لندن

كما برز عدد كبير من أبناء المهاجرين في مواقع القرار بدول الغرب، ومنهم أحمد حسين، الصومالي الذي لجأ إلى كندا عام 1993 ليصبح لاحقاً وزيراً في الحكومة الكندية، رغم أنه ليس كندياً بالولادة، ولا زوجته كندية، ولا دينه مسيحياً، ولا لون بشرته أبيض

ومع ذلك، لم تمنعه قوانين “بلاد الكفار” من خوض التجربة السياسية والمشاركة في حكم بلده الجديد

 وفي بلدان أخرى مثل ألمانيا وكندا، لا وجود لشروط تمييزية تمنع المواطنة الكاملة

ففي كندا يمكن لأي مواطن الترشح لرئاسة الحكومة طالما يحمل الجنسية

وفي ألمانيا يكفي أن يكون المرشح مقيماً منذ ثلاثة أشهر في المدينة أو الولاية وأن يكون مواطناً في الاتحاد الأوروبي للمشاركة في الانتخابات المحلية، حتى لو كانت لغته الألمانية ضعيفة أو زوجته من أصول غير أوروبية

بل إن الدولة قد تمنح الجنسية أحياناً بشكل استثنائي إذا كان الشخص ذا أهمية علمية أو اقتصادية أو اجتماعية

هكذا يتعامل الغرب “الموصوف بالكافر” مع مفهوم المواطنة على أساس المصلحة العامة، لا العرق أو الأصل

في المقابل، ما زالت العنصرية في اليمن مرضاً متجذراً داخل مؤسسات الدولة نفسها، مثل مصلحة الأحوال المدنية والجوازات

ويشعر بها أبناء اليمنيين المولودين من أم أو أب غير يمنيين في إفريقيا، إذ يُجبرون في كل معاملة على مراجعة صنعاء أو عدن

بل إن بعض المحافظات تمارس شكلاً من العنصرية تجاه محافظات أخرى

ولم نتحدث بعد عن التمييز في الوظائف والابتعاث والمناصب العامة، فذلك يحتاج مجلدات

فالهندي أو الباكستاني أو الصومالي الذي يحقق النجاح في كندا أو بريطانيا أو أمريكا لن يجد في اليمن مكاناً يليق بكفاءته لو عاش في اليمن نصف قرن، لأننا نحمل أمراضاً عنصرية متوارثة لا تنتهي

يقول البعض إن النظام السابق طوال 33 عاماً لم يتبنّ شعار الدولة المدنية والمواطنة، فترسخت العنصرية والمناطقية والشللية في وعينا الجمعي كأنها جينات موروثة

حتى في مؤتمر الحوار الوطني، الذي رفع شعار المدنية والمواطنة، خرجت لجنة من لجانه بمادة رقم 45 تضم خمسة عشر نصاً، كان أكثر من ثلثها عنصرياً وفاضحاً

فقد صنفت اليمنيين إلى درجتين: مواطنين من الدرجة الأولى، وآخرين من الدرجة الثانية، هم المتجنسون في الخارج، أو من تزوجوا من أجنبيات، أو أبناء الأجنبيات

نصوص مخزية في تفكيرها، إذ تحرم هؤلاء من الوظائف العليا وكأن اليمن صارت سويسرا أو النرويج

وقتها اندلع خلاف حاد بين فريقين: الأول رأى أن تلك الفقرات تهدم مبدأ المواطنة، والثاني دافع عنها بحجة أن من له أم أو زوجة أجنبية قد يسرب أسرار الدولة! أي أسرار هذه؟ هل هي أسرار البورصة في باب القاع أم أبحاث الفضاء في المذبح، أم مصانع الرقائق الإلكترونية في الضالع؟ إن قيادات الدولة نفسها تملك حسابات على ياهو وهوتميل، والمنظمات الدولية تعرف عن اليمن أكثر مما تعرفه الحكومة

من دعم تلك النصوص أثبت أن العنصرية في اليمن راسخة في العقول والسلوك، وأن كثيراً ممن يتحدثون عن الفضيلة والثوابت ما هم إلا أصحاب أقنعة تخفي فساداً متجذراً وعنصرية ومناطقية ضد ابناء بلده حتى

لقد أصبحت المناصب العامة امتيازاً شخصياً، فلا أحد يرى أبعد من دائرته الضيقة، وكل مسؤول لا يوقّع قراراً إلا إن خدم مصالحه أو جماعته أو حزبه

وهكذا تتعمق السلوكيات العنصرية والمذهبية والسلالية والمناطقية في مفاصل الدولة حتى صارت مرضاً قاتلاً من عصور الانحطاط

لكنه، بخلاف الطاعون، يمكن التخلص منه إذا أُقصيت العقول المريضة من مواقع القرار، واستُبدلت بثقافة تؤمن بالمواطنة والمساواة

حينها فقط يمكن أن نكون بشراً طبيعيين بين البشر في هذا العصر