البطالة والفقر… وقود الصراعات المجتمعية في الريف اليمني
منذ 6 أشهر
تعز- رهيب هائلقبل اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، كانت الحياة في الريف تتسم بالهدوء، وكانت الأسر تعيش في حالة من التفاهم والتعاون
خلال سنوات الحرب، توسعت رقعة البطالة والفقر، وأصبح ما يقارب 80% من سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر والمجاعة، و60% من اليمنيين عاطلين عن العمل
ومع تزايد نسبة الفقر والبطالة، تضاعفت الخلافات والنزاعات في الريف اليمني، وأصبحت الأسر في صراع مع بعضها البعض لأسباب تتعلق بالأراضي أو المياه أو الخلافات الأسرية
الدكتور محمود البكاري، رئيس قسم الاجتماع السياسي في جامعة تعز، يقول في حديثه لـ” المشاهد”: “عندما تصبح الحياة في الريف لا تلبي احتياجات السكان المعيشية، فإنهم يضطرون إلى الهجرة إلى المدن أو يتحملون قساوة الحياة في الريف
ومن الطبيعي أن ينتج عن ذلك صراعات ومشكلات بين الأسر، بخاصة على مصادر المياه وحيازة الأراضي الزراعية، وبناء المساكن وشق الطرقات”
يرى البكاري إلى أن السبب في نشوب الصراعات عدم توفر خطط تنموية تلبي احتياجات سكان الريف للحياة المعيشية الكريمة والمستقرة، عن طريق تمدين الريف و توفير الخدمات الأساسية، كالطرقات والكهرباء والمياه والتعليم والصحة، وتوفير فرص عمل في الريف، ما يسهم في تراجع الصراعات المجتمعية، وتحقيق تنمية محلية مقبولة، ولو في حدها الأدنى
موارد اقتصادية شحيحةويرى الباحث الاجتماعي عيبان السامعي أن حرمان الفرد من فرص العمل والحصول على الدخل، يجعله عاجزاً عن تحقيق ذاته، وإشباع حاجاته الأساسية من الغذاء والمسكن الملائم والخدمات الأساسية، وهذا يولد لديه مشاعر الحرمان، واتجاهات سلوكية عنيفة تجاه الآخرين
يضيف: “يمثل الفقر عاملاً مسببًا للكثير من النزاعات الاجتماعية في الريف اليمني، بسبب الفجوة القائمة بين فائض سكاني كبير وموارد اقتصادية ومعيشية شحيحة للغاية
ونتيجة لذلك، ينخرط الأفراد في حالة من التنافس المحموم للحصول على الموارد الشحيحة، وغالباً ما يتحول هذا التنافس إلى حالة من الصراع من أجل البقاء”
يشير السامعي إلى أن الفقر في الريف اليمني لا ينحصر في الافتقار إلى الدخل المادي، بل هو فقر متعدد الأوجه، مثل فقر في الغذاء، وفي الموارد المائية، و في الحصول على الاحتياجات الأساسية من السلع والمسكن والرعاية الصحية والتعليم والطرق والكهرباء والاتصالات
يقترح السامعي إيجاد آليات لإشراك المواطنين في مناقشة القضايا العامة مثل مجالس القرى والهيئات الشعبية للحد من انتشار الصراعات المجتمعية
تشهد العديد من المناطق الريفية كل يوم صراعاتٍ مستمرة، سواء على الأراضي أو المياه، أو نقص المواد الغذائية، بحسب المواطن عبدالله ثابت، 72 عامًا، من قرية بكيان التابعة لمديرية سامع في محافظة تعز
في حديثه لـ” المشاهد”، يقول عبد الله: “العراكات في القرى مستمرة بسبب شح المياه، لاسيما أيام الشتاء، إذ تجد النساء يتسابقن إلى الآبار يوميا، ويتصاعد الخلاف بينهن، وقد يؤدي إلى شجار عنيف نتيجة تناقص المياه في العديد من العيون”
يلجأ بعض الآباء إلى طرد أبنائه من المنزل من أجل أن يبحثوا عن عمل، وقد يهرب الأبناء من المنزل، دون أن يعودوا أودون أن يبقوا على اتصال مع أسرهم، ما يخلق حالة من التفكك الأسري
يضيف عبد الله: “العديد من الصراعات المجتمعية والأسرية في ريف مديرية سامع يتم حلها بالصلح القبلي، ومن النادر أن تصل إلى المحكمة، بسبب عدم قدرة أطراف النزاع على تقديم الدعاوى، خصوصا مع إطالة الإجراءات في المحاكم”
عواقب البطالةالدكتور ياسر الصلوي، نائب رئيس جامعة تعز للشؤون الأكاديمية وأستاذ علم الاجتماع السياسي في كلية الآداب بتعز، يقول إن أكثر العوامل التي تدمر الأشخاص نفسيًا واجتماعيًا هما البطالة والفقر، ويبدأ السكان العاطلون عن العمل في البحث عما تركه آباءهم وأجدادهم من إرث وأراضي أو موارد مياه، ما يتسبب في نشوب صراعات مجتمعية في الأرياف، قد تؤدي إلى القتل
يوضح الصلوي: “تنتشر حالة الفراغ بين الناس، ويلجؤون إلى البحث عن أشياء تشغلهم، ويمكن أن تكون قضايا هامشية قد تؤدي إلى آثار سلبية، كافتعال مشكلات أسرية تتعلق بقضايا الإرث أو مع الجيران، أو صراع على الموارد خاصة عندما تكون محدودة”
يشير الصلوي إلى أن الناتج القومي للزراعة في الريف تراجع بشكل كبير، وتراجعت نسبة العاملين في القطاع الزراعي، وأصبح معظم سكان الأرياف لا يعتمدون على الزراعة، وإنما يمارسون أنشطة تجارية، وخدماتية تتمركز في المدن
يختم حديثه، ويقول: “إن توقف الحرب الاقتصادية، وتثبيت الأمن والاستقرار السياسي، واستعادة الدولة لمؤسساتها، وإعادة عجلة الإنتاج، والأنشطة التجارية والصناعية، عوامل تستطيع أن تخلق فرص عمل كثيرة للعاطلين، وتحسن ظروفهم المعيشية بشكل تدريجي، وتسهم في القضاء على الفقر والبطالة، وتوقف الصراعات المجتمعية في المدينة والريف”
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير