البلوغ المبكر…الاثار النفسية على الفتيات في ظل ثقافة العيب
منذ 3 أشهر
تعز – محمد الوهباني :في لحظة غيرت مجرى حياتها، عاشت الطفلة إيمان “اسم مستعار” في إحدى مدارس مدينة تعز، صدمة بالغة غيرت مسار حياتها
عند مشاهدتها للدورة اشعرية “الطمث” لأول مرة، وسط مجتمع يحيط كل ما يتعلق بجسد المرأة بستار من العيب، تركت تلك الصدمة ندوبًا نفسية عميقة على طفولتها
تربت إيمان بين اسرتها ومجتمعها على اعتقاد بأن أي نزول دم من المرأة دليل على “عار” ارتكبته، وهو مفهوم يتم تكريسه لدى الفتيات في كثير من المجتمعات اليمنية
بحسب المختصة الاجتماعية بالمدرسة وهي تروي القصة فان الجهل بقضايا البلوغ والدورة الشهرية، واعتبار الحديث عنها من العيب، فاقم من صدمتها عند رؤيتها الدم
وأصيبت برعب شديد، وظنت أنها تعرضت للأذى قد يؤدي بها الى الذبح “حسب تعبيرها”، صراخها وبكاؤها المستمر، وترددها في فتح باب دورة المياه يعكس حجم الصدمة التي عاشتها في تلك اللحظة
وتضيف بعد تهدئتها من روعها تمكنت المعلمات من شرح طبيعة هذه الظاهرة لها
إلا أن الأثر النفسي لا يزال واضحا على إيمان
فقد أصبحت منعزلة، صامتة، فاقد الرغبة في المشاركة والتفاعل مع زميلاتها، لتصبح ضحية صمت مجتمعي قاتل حول موضوع طبيعي وجزء لا يتجزأ من حياة المرأة
الدكتور جمهور الحميدي، أستاذ علم النفس بجامعة تعز، أكد على أهمية فهم مرحلة البلوغ لدى الفتيات وتقديم الدعم اللازم لهن في هذه المرحلة الحساسة
وأوضح الحميدي أن البلوغ ليس مجرد تغيرات جسدية، بل هو تحول نفسي واجتماعي عميق يتطلب من الأسرة والمجتمع توفير بيئة آمنة وداعمة
وشدد الحميدي على أهمية توعية الفتيات وأولياء أمورهن بالتحولات التي تحدث في هذه المرحلة، وتقديم معلومات صحيحة وشاملة حول التغيرات الجسدية والنفسية
كما دعا إلى ضرورة كسر الحواجز بين الأجيال وتشجيع الحوار المفتوح والصريح حول هذه القضايا
محذرًا من عواقب إهمال هذه المرحلة الحساسة، وأن نقص المعلومات والتوجيه الصحيح قد يؤدي إلى مشاكل نفسية واجتماعية لدى الفتيات
ودعا إلى ضرورة تضافر جهود الأسرة والمدرسة والمجتمع لتوفير الدعم اللازم للفتيات في هذه المرحلة الحرجة من حياتهن
المختص النفسي والاجتماعي بمكتب التربية والتعليم بتعز سمير عبدالله، البلوغ المبكر وخاصة ظهور الدورة الشهرية في سن مبكرة
قد يتسبب بصدمة نفسية للفتاة بسبب الارتباط الوثيق بين البلوغ والمراهقة، فالتغيرات الجسدية المصاحبة للبلوغ
كنمو الثدي وظهور الشعر، تزيد من حدة هذه الصدمة وتدفع الفتاة للشعور بالاختلاف والعزلة، تؤكد الدراسات أن البيئة الاجتماعية تلعب دورًا كبيرًا في تحديد سرعة وطبيعة المراهقة، حيث تكون أسرع في البيئات الحضرية مقارنة بالريفية، وان هذه الظاهرة تؤثر على فتاة واحدة من كل خمسة آلاف طالبة
يرى سمير أن البلوغ المبكر قد يؤدي إلى أعراض مثل الانطواء والوسواس القهري، مما يستدعي وجود اختصاصيات نفسيات في المدارس لمساعدة الطالبات اللاتي يعانين من هذه المشكلة، موكدا على أهمية التوعية المبكرة للفتيات حول التغيرات الجسدية والنفسية التي يمررن بها، مما يساعدهن على فهم هذه التغيرات والاستعداد لها
ويضيف سمير، المراهقة مرحلة بناء وليست مرحلة هدم، وأن الفتاة في هذه المرحلة تحتاج إلى دعم نفسي وعاطفي
المرشدة الأسرية وفاء الصلاحي تقول: تواجه الفتيات تحديات كبيرة مرتبطة بالبلوغ المبكر، في ظل غياب التوعية اللازمة لديهن ولدى المجتمع بشكل عام
يؤدي هذا النقص في المعرفة إلى مشكلات نفسية واجتماعية وصحية تؤثر على حياة الفتيات بشكل مباشر
وترجع الصلاحي، أسباب هذه الظاهرة المعقدة، فإلى جانب العوامل الوراثية، تلعب العوامل البيئية دوراً مهماً، فالتعرض للملوثات، وسوء التغذية
والإجهاد النفسي الناتج عن الصراعات والأوضاع الاقتصادية الصعبة، كلها عوامل تساهم في تسريع عملية البلوغ لدى الفتيات
كما أن العادات والتقاليد الاجتماعية، والنظرة المجتمعية للمرأة ودورها، تلقي بظلالها على هذه المشكلة
“تواجه الفتيات في مرحلة البلوغ العديد من التحديات، من بينها الجهل بالتغيرات الجسدية والنفسية التي يمررن بها، مما يؤدي إلى القلق والخوف وفقدان الثقة بالنفس “وتضيف الصلاحي: تواجه الفتيات في مرحلة البلوغ العديد من التحديات
من بينها الجهل بالتغيرات الجسدية والنفسية التي يمررن بها، مما يؤدي إلى القلق والخوف وفقدان الثقة بالنفس
كما يتعرضن للتنمر من أقرانهن بسبب هذه التغيرات
وقد يؤدي البلوغ المبكر إلى زواج القاصرات ومشاكل صحية مرتبطة بالنمو السريع مثل هشاشة العظام والسمنة
وتؤكد الصلاحي على ان التوعية والتثقيف هما الأساس لمعالجة هذه الظاهرة، وضمان مستقبل أفضل وأكثر استقرارًا للفتيات في المجتمع اليمني
لتجاوز الصدمات التي تواجهها الفتيات بسبب البلوغ المبكر، يوصي الخبراء والمختصين بضرورة تضافر جهود المجتمع بأسره، ابتداءا من الأسرة التي يجب أن توفر بيئة آمنة وداعمة لبناتها، وأن تتحدث معهن بصراحة وشفافية حول التغيرات الجسدية والنفسية التي يمررن بها
كما يجب على المدارس أن تدمج برامج التوعية الصحية في المناهج الدراسية، وتدريب المعلمات على كيفية التعامل مع هذه القضايا، وعلى المجتمع ككل أن يعمل على تغيير النظرة التقليدية السلبية تجاه الجسد الأنثوي، وتوفير بيئة آمنة للفتيات
من خلال هذه الجهود المشتركة، يمكننا مساعدة الفتيات على تجاوز هذه المرحلة الحرجة بسلام وأمان
تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز دور وسائل الإعلام في دعم قضايا الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصاديليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير