البنك الدولي يرسم صورة قاتمة عن اقتصاد اليمن في 2025 بسبب حصار النفط والتضخم

منذ 2 ساعات

توقع البنك الدولي أن تكون الآفاق الاقتصادية في اليمن لعام 2025 شديدة القتامة، بسبب استمرار الحصار المفروض على صادرات النفط، ومحدودية احتياطيات النقد الأجنبي، وتراجع الدعم من المانحين، وهي عوامل تعيق قدرة الحكومة المعترف بها دولياً على تقديم الخدمات الأساسية وتمويل الواردات الحيوية

وكشف أحدث إصدار من تقرير المرصد الاقتصادي لليمن الصادر عن البنك الدولي، الاثنين 17 نوفمبر/ تشرين الثاني، أن الاقتصاد اليمني واجه ضغوطاً هائلة خلال النصف الأول من عام 2025، بسبب الحصار المستمر على صادرات النفط، وارتفاع معدلات التضخم، وتراجع حجم المعونات، في ظل تراكم آثار سنوات من الصراع والانقسام على مستوى مؤسسات الدولة

وأشار التقرير، الذي صدر بعنوان التغلب على المصاعب المتزايدة وأوضاع التجزؤ المتفاقمة، إلى أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي من المتوقع أن ينخفض بنسبة 1

5% في عام 2025، وهو تراجع حاد ينذر بمزيد من تفاقم أزمة الأمن الغذائي في جميع ربوع اليمن

ووفق البنك الدولي، فقد أدت الضربات الجوية على الموانئ الاستراتيجية إلى تفاقم أزمة نقص السيولة، ونتج عن ذلك مزيد من القيود المفروضة على الواردات وصعوبة الوصول إلى السلع الأساسية

ودفع توقف الإيرادات النفطية الحكومة المعترف بها دولياً إلى تشديد السياسات، حيث خفّفت استجابتها مستوى السياسات والدعم المالي الكبير المقدم من الشركاء الإقليميين من التأثير الاقتصادي لتوقف صادرات النفط، أهمها العمل على ضبط كبير لأوضاع المالية العامة

التحدياتوأكد الخبير الاقتصادي ومستشار تطوير الأعمال والتنمية الاقتصادية المستدامة عيسى أبو حليقه، لـالعربي الجديد، أن الوضع الاقتصادي صعب للغاية في اليمن، مع تضخم التحديات وتفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية وتدهور وضعية الأسر اليمنية، وأزمة شحّة الموارد المالية، فـالإصلاحات النقدية وحدها لا تكفي، وما زالت هناك مشاكل سيولة، فضلاً عن ضعف واردات العملة الأجنبية، وشحّ في المواد الخام، ما يُبقي الأسعار مرتفعة، مشيراً إلى أن الأسواق تأثّرت بعوامل إضافية، مثل تدهور البنية التحتية، وارتفاع تكاليف النقل، وشحّ التمويل، وغيرها مما يعوق تحول التحسن الطارئ في سعر الصرف إلى انخفاض أسعار السلع، وهو أحد أهم أهداف برنامج الإصلاحات

الإصلاحاتوتأتي هذه الصورة القاتمة الذي رسمها البنك الدولي عن اقتصاد اليمن في الوقت الذي تنفذ فيه الحكومة المعترف بها دولياً برنامجاً شاملاً للإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية، إذ تقول الحكومة إنها حققت نتائج إيجابية ملموسة من خلال تحسين سعر صرف العملة المحلية، وإقرار خطة الإصلاحات من مجلس القيادة الرئاسي، وتشكيل لجنة وطنية لتمويل وتنظيم الاستيراد، وتحرير الدولار الجمركي، وتنفيذ عديد الخطوات والإجراءات لاستعادة الإيرادات العامة

لكن هذه الإصلاحات لم تنعكس حتى الآن في الجانب الأهم لها المتعلق بتحسين معيشة المواطنين، إذ تعجز الحكومة عن صرف رواتب الموظفين، أو في حل أزمة الإمدادات وتخفيض أسعار السلع الغذائية، إذ أكد البنك الدولي أن الأسر اليمنية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة تعاني من مصاعب اقتصادية حادة، فالتضخم يعصف بالقدرة الشرائية

وبحلول يونيو/حزيران، ارتفع سعر سلة الغذاء الأساسية بنسبة 26% مقارنة بالعام السابق، نتيجة انخفاض حاد في قيمة الريال اليمني بسوق عدن الذي بلغ أدنى مستوياته على الإطلاق بواقع 2905 ريالات للدولار في يوليو/تموز

خطط الحكومةوقال الخبير الاقتصادي ورئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (منظمة أهلية يمنية) مصطفى نصر لـالعربي الجديد، إن الحكومة سلكت الجانب السهل في ما يخص برنامج الإصلاحات الاقتصادية مثل تحرير الدولار الجمركي وتوحيد أسعار المشتقات النفطية، أو في تجميع الإيرادات، لكن هذه الخطة وضعت في الأخير الحكومة في تحدي كبير أمام الصعوبات الاقتصادية القائمة والهشاشة الاقتصادية، وكذا مع النافذين، وغير ذلك من التحديات، بالرغم من الدعم الدولي، لكن الأمر يتطلب تعاوناً محلياً مع القطاع الخاص وكافة المعنيين

وأدت تدابير الاستقرار، بحسب البنك الدولي، إلى دعم قيمة العملة، ما أعاد سعر الصرف إلى 1676 ريالاً للدولار في مطلع أغسطس/آب

ويبيّن التقرير أن إيرادات الحكومة المعترف بها دولياً تراجعت بنسبة 30% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، ما دفعها إلى خفض الإنفاق، مما تسبب في تعطيل الخدمات العامة وتأخير دفع رواتب الموظفين الحكوميين

القطاع الماليويواجه القطاع المالي في اليمن تحديات متزايدة مع انتقال البنوك من صنعاء إلى عدن لتجنّب العقوبات والقيود التنظيمية، كما استمر انخفاض المساعدات الدولية، التي تمثل شريان حياة حيوي للملايين

وحتى سبتمبر/أيلول 2025، لم يجرِ تدبير سوى 19% من المبلغ المطلوب بموجب خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لليمن والبالغ 2

5 مليار دولار، وهو أدنى مستوى له منذ أكثر من عشر سنوات

وعلى الرغم من ضخامة التحديات التي تواجه الاقتصاد، يسلط التقرير الضوء على مجموعة من الإجراءات الحيوية التي تضمن تعزيز الاستقرار على المدى القريب والتعافي على المدى الطويل

هذه التدابير تشمل تحسين إدارة المالية العامة، وزيادة تحصيل الإيرادات، وحماية الخدمات الأساسية، وخاصة عبر تطوير وبناء القدرات في قطاع الكهرباء، كما يشدد التقرير على أهمية الحفاظ على استقرار العملة وحماية القطاع المصرفي، من خلال تنفيذ الإصلاحات المرحلية الموضحة ضمن خطة التنمية الاقتصادية والأولويات الملحة التي أعلنتها الحكومة المعترف بها دولياً في ديسمبر/كانون الأول 2024

وكان الخبير الاقتصادي محمد علي قحطان، أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز، قد اعتبر في حديث لـالعربي الجديد، الصورة القاتمة عن الاقتصاد اليمني وهذه المؤشرات السلبية أمراً طبيعياً في ظل فقدان المورد الرئيسي للموازنة العامة للدولة، إذ تعاني الحكومة من عدم القدرة على تصدير النفط الخام للعام الثالث على التوالي بسبب قصف الحوثيين لموانئ التصدير في شبوة وحضرموت وتهديداتهم بمنع تصديره حتى الاتفاق على صيغة محددة لتقاسم الإيرادات