التحرش.. تحد يواجه النساء في مكان العمل

منذ 10 أشهر

عدن – سميرة سالم عندما حصلت نور على وظيفة قبل عامين، شعرت بالبهجة والفخر، ولم يخطر في بالها أنها ستكره مكان عملها يومًا ما

كانت نور تشعر بالرضا عن المكافأة المالية، ومتحمسة لتجربة عملها الجديدة في مؤسسة محلية باليمن

 بعد مرور أشهر قليلة من التحاقها بالوظيفة في المؤسسة، واجهت نور مشكلة لم تكن تتخيلها: التعرض للتحرش في مكان العمل

تقول نور لـ«المشاهد»: “ذات يوم، بعث إليّ زميل بالمكتب رسائل غير لائقة لا تتعلق بالعمل، فقمت بتوبيخه وحظره”

لكن زميل نور المتحرش تمادى، وبدأ بالسب والشتم والتحقير من شأنها

بعد أن قامت بحظره على تطبيق الـ”واتسآب”، استطاعت تجنب رسائله “المزعجة”، لكنه واصل التحرش اللفظي في مكان العمل

لجأت نور إلى المدير المباشر بالعمل، وطلبت منه التدخل لإيقاف زميلها من التحدث معها في أمور خارجة عن نطاق العمل

 لم تنجح تلك الطريقة في إيقاف الموظف من التحرش بنور

حينها، قررت كتابة رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى المقر الرئيسي للمؤسسة، وأرسلت إليهم لقطات للرسائل التي بعثها ذلك الشخص

كما استخدمت دليلًا آخر، هو شاهد كان على علم بما تعرضت له نور؛ ما جعل المؤسسة تبدأ بالتحقيق في الشكوى

 أخبرت نور أسرتها بما حصل لها، ولاقت دعمًا معنويًا لمواجهة المشكلة، وكانوا سندًا لها، ووقفوا إلى جانبها لحظة بلحظة

“أختي الكبرى اقترحت فكرة التواصل مع الفرع الرئيسي بواسطة البريد الإلكتروني، لكي أحكي قصتي للإدارة”، تقول نور

وتضيف: “أشجع كل فتاة على عدم السكوت أو الخوف من المتحرش لأنه هو الطرف الأضعف دائمًا”

 تعرّف هيئة الأمم المتحدة للمرأة التحرش الجنسي، بأنه “الاتصال الجسدي غير الرضائي، مثل الإمساك أو القرص أو الصفع أو الاحتكاك بشخص آخر بطريقة جنسية

ويشمل أيضًا الأشكال غير الجسدية، مثل “التعليقات الجنسية عن جسد الشخص أو مظهره/ها”

وكذا “المطالبة بمزايا جنسية، والتحديق بإيحاء جنسي، والمطاردة”

 غياب القوانين الرادعةتقوم بعض أقسام الشرطة أو الشخصيات المجتمعية في بعض المحافظات اليمنية بحلاقة شعر الشخص المتحرش كعقوبة

وهذه العقوبة نوع من الزجر، لكنها لا تبدو عقوبة كافية

 يعود ارتفاع معدلات التحرش والابتزاز في اليمن إلى غياب تطبيق التشريعات والقوانين الرادعة التي من شأنها وضع حد لتلك الجرائم

إذ لا يوجد في اليمن أي قانون صريح يخص التحرش الإلكتروني

 في القانون اليمني، هناك نصوص قانونية واضحة بشأن عقوبة التحرش وفقا للقانون اليمني

المادة (270) من قانون الجرائم والعقوبات تُعرّف التحرش بأنه: “كل فعل يطال جسم الإنسان ويخدش الحياء”

ويضيف التعريف: أن ذلك الفعل “يقع من شخص على آخر دون الزنا واللواط والسحاق، ويعتبر هتكًا للعرض”

كما أن المادتين (271) و(272) من ذات القانون تحدد العقوبة بشأن هذه الجريمة

إذ يعاقب بالحبس سنة والغرامة كل من هتك عرض إنسان حي دون إكراه أو حيلة ويعاقب من وقع عليه الفعل برضاه بذات العقوبة

وفقًا لمختصين في القانون، هناك قصور في التشريع القانوني اليمني، وعدم وضوح في نصوصه لمنع التحرش قولًا أو فعلًا

وهذا يتطلب وضع نصوص قانونية جديدة تواكب ظاهرة التحرش لضمان الحماية اللازمة للنساء

المحامي أحمد الخنبشي يقول لـ«المشاهد» إن القانون اليمني في المادة رقم 5 لسنة 1995 نظّم آلية معينة في حال قام العامل بالإخلال بواجباته المنصوص عليها في عقد العمل أو القانون، منها أية أعمال غير قانونية، كالتحرش والابتزاز

 أما عن التحقق من شكوى الضحية، يستوجب أن يكون هناك تحقيق إداري داخلي، وتطبيق العقوبات مثل الخصم من الأجر بما لا يزيد عن 20% أو الفصل من العمل وفق القانون اليمني

يضيف الخنبشي: “أن التحرش في مضمونه واحد، ولو اختلفت أساليبه بين قولية وفعلية، سواء حصل في العمل أو الجامعة أو أي مكان آخر، لا فرق”

و”جميعها تندرج في نطاق الهتك، وكذلك الابتزاز سواءً كان فعليًا أو الكترونيًا”

 لوم الضحية وتعاني النساء اليمنيات من التحرش اللفظي والجسدي في الشارع ووسائل المواصلات وأماكن العمل وأماكن أخرى

وتفضل الكثيرات منهنّ الصمت خوفًا من الأسرة والمجتمع، إذ يعتقد البعض أن المرأة هي السبب لكل حالة تحرش

 ولأن المرأة تتحاشى الإفصاح عن المضايقات اللفظية والجسدية التي تتعرض لها، فإنها، بحسب إخصائيين نفسيين

وقد تكون أكثر ميلًا للانعزال، وتفقد الثقة بنفسها والآخرين، وتفقد الرغبة في تكوين أية علاقة مع أي شخص

 ترى نور أنها اتخذت القرار الصحيح عندما لم تخضع للشخص الذي تحرش بها في مكان العمل

وتؤكد أن إلقاء اللوم على الضحية يسهم في استمرار ظاهرة التحرش بالفتيات

 تختتم نور حديثها، وتقول: “يدرك المتحرشون أن المجتمع والأسرة يلقون باللوم على الضحية، ومن هنا ينشأ خوف الفتيات من المواجهة، وقد يخضعن لطلبات الأشخاص المبتزين، خوفًا من أن ينكشف الأمر للأسرة والمجتمع”

 ———————تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصاديليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير