التصحر يلتهم الأراضي الزراعية في اليمن

منذ سنة

عدن- محمد النمر :ارتفعت نسبة التصحر في اليمن من 90 % عام 2015 إلى 97 % عام 2022، وشهدت البلاد طوال السنوات الماضية تراجعا في هطول الأمطار وفيضانات مدمرة وارتفاع غير مسبوق في درجة الحرارة

كل هذه التغيرات أثرت تأثيرا بالغا على المناطق الزراعية في اليمن

تقرير صادر عن جمعية رعاية الأسرة اليمنية في أكتوبر من العام الجاري أشار إلى أن تفاقم التعرض للأعاصير والفيضانات في السنوات الأخيرة نتيجة لتغير المناخ والاحتباس الحراري، تسبب في أضرار اقتصادية كبيرة وخسائر في المحاصيل الزراعية والأرواح

يشكل تصاعد نسبة التصحر في اليمن تحديا كبيرا للسلطات الرسمية والمجتمع، لا سيما المزارعون الذين يعانون من تقلص الإنتاج الزراعي في أراضيهم الزراعية

وفي الوقت الذي يتسع فيه التصحر تدريجيا في اليمن، تتضاعف الآثار المدمرة على القطاع الزراعي والمساحات الخضراء في العديد من المحافظات اليمنية

الدكتور شعفل عمير، مدير عام قطاع نشر التقنيات في البحوث الزراعية والتصحر بمحافظة الجوف، يقول لـ “المشاهد” إن التصحر كارثة، وتداعياتها وخيمة على القطاع الزراعي والحيواني وجوانب مختلفة من جوانب الحياة، حيث يؤثر التصحر على التربة وتفقد خصائصها الطبيعية، مثل قوام التربة، والعناصر المغذية للنبات، وتماسكها البنيوي

 يضيف: “التأثيرات السلبية التي يحدثها عامل التصحر كبيرة ومتعددة، ويأتي في مقدمتها: انحسار متدرج للأراضي الزراعية، وانخفاض ناتج المزروعات نتيجة الزحف المستمر للكثبان الرملية، ما يؤثر سلبا على حجم المساحة الصالحة للزراعة

هذا الأمر يخلق العديد من التحديات والصعوبات أمام الرعاة وملاك الحقول الزراعية”

تعتبر اليمن من أكثر خمس دول عرضة لارتفاع مستوى سطح البحر، ومن المتوقع أن يرتفع مستوى سطح البحر في اليمن بمقدار 54

0 مترا بحلول عام 2100،وبحسب التقرير الذي أصدرته جمعية رعاية الأسرة اليمنية، اليمن معرض بشدة للآثار الناجمة عن تغير المناخ، مثل الجفاف والفيضانات الشديدة والآفات، وتفشي الأمراض المفاجئ، وتغيرات تحدث في أنماط هطول الأمطار، وزيادة العواصف وارتفاع مستوى سطح البحر، وكل هذه العوامل تسهم في تفاقم مشكلة التصحر

وتعتبر اليمن من أكثر خمس دول عرضة لارتفاع مستوى سطح البحر، ومن المتوقع أن يرتفع مستوى سطح البحر في اليمن بمقدار 54

0 مترا بحلول عام 2100، بحسب التقرير

في هذا السياق، يقول أمين راجح، أستاذ المياه والتربة في هيئة البحوث الزراعية بجامعة صنعاء، لـ “المشاهد” إن ارتفاع مستوى سطح البحر سيؤدي إلى تسرب المياه المالحة، مما يجعل طبقات المياه الجوفية الساحلية مالحة وغير صالحة للشرب، وسوف يؤدي ذلك إلى تفاقم مشكلات ندرة المياه الصالحة للشرب والزراعة، وتعد عدن سادس أكثر المدن في العالم عرضة لارتفاع مستوى سطح البحر

تبعات التصحريتسبب زحف الكثبان الرملية والتصحر السنوي بالعديد من المخاطر على الأراضي الزراعية منها تشقق الأرض، وإخراج مساحات زراعية عن نطاق صلاحيتها للزراعة، وهذا يقلص من الإنتاج السنوي من الغذاء، كما تتسبب بتراجع المحاصيل وإحداث عاصفة من الخوف والرعب لدى المزارعين الذين يعتمدون بدرجة أساسية على الزراعة والرعي وتربية الماشية

يوضح عمير، ويقول: “اكتساح موجة التصحر الأراضي الزراعية خاصة المناطق الريفية يعد واحدا من أكبر المخاطر، حيث يقود هذا الأمر إلى هجرة السكان من أراضيهم نتيجة انعدام الجانب البيولوجي المتمثل في الغطاء النباتي الذي يعد مصدرا أساسيا للرعي، وجانب من جوانب الإصلاح البيئي”

بحسب عمير، تعاني اليمن من التصحر بدرجات متفاوتة ذات أشكال متعددة، مثل التعرية الهوائية والمائية وملوحة التربة وتوسع دائرة الزحف الرملي والتوسع العمراني

بالإضافة إلى أن العوامل الطبيعية مثل المناخ تلعب دورا محوريا في تطوير عمليات التصحر

يشير عمير إلى سببين رئيسيين للتصحر: الأول التدخل البشري من خلال قطع الأشجار والاحتطاب الجائر في القيعان الصالحة للزراعة، والسبب الثاني يتعلق بالعوامل الطبيعية، كالجفاف والتعرية المائية

وفي 1 ديسمبر من العام الماضي، أطلقت الحكومة اليمنية بالتعاون مع الأمم المتحدة دراسة تحذر فيها من تأثير المناخ على البلاد خلال العقود القليلة المقبلة، وقالت إن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الأراضي المتصحرة إلى 86 في المائة من إجمالي مساحة البلاد، حيث أعادت أسباب ذلك إلى التغيرات المناخية وسوء استخدام المياه الجوفية، وتدهور الموارد الطبيعية

وأشارت الدراسة إلى أن التصحر في اليمن يشمل تدهور المناطق الزراعية والمراعي، واقتلاع الأشجار المزروعة والانهيارات الطينية بالإضافة إلى تدهور الموارد الطبيعية

معالجات وحلولتتسع رقعة التصحر في اليمن، وتغيب الآلية الإصلاحية لمعظم الأرض الزراعية التي زحفت إليها الرمال وطمرتها، ما يجعلها تخرج عن نطاق الأراضي الزراعية، بخاصة في المناطق القريبة من زحف الكثبان الرملية المتحركة

مختار دائل ، أستاذ التربة والمياه بجامعة صنعاء، أفاد في حديثه لـ “المشاهد” بأن الآلية التي يمكن أن تحد من التصحر هي التوسع في زراعة مصدات الرياح، وتكثيف زراعة الأشجار في المناطق المحاذية للصحراء للحد من زحف الكثبان الرملية على المناطق المهددة بالتصحر

يرى دائل أنه من الأهمية بمكان “أن يتم وضع تشريع قانوني يحد من قطع الأشجار في المناطق القابلة للتصحر، وإيقاف ومنع الحفر العشوائي للآبار التي تستنزف المخزون من المياه الجوفية، وتتسبب في الجفاف، بالإضافة إلى الاهتمام بالغابات والمحميات، وإنشاء محميات طبيعية جديدة لمياه الأمطار والسيول، بحيث يتم توجيهها نحو المناطق الصحراوية والمناطق المهددة بالتصحر لكي يتم إنعاش الغطاء النباتي فيها”

يقترح دائل المزيد من الحلول التي يمكن أن تحد من مشكلة التصحر في اليمن من خلال الاهتمام بزراعة الأعلاف لتخفيف تأثير الحمولة الرعوية على الغطاء النباتي، وهذا يعني تنظيم الرعي

يختم حديثه، ويقول: “يجب التوسع أيضا في زراعة النباتات العلفية

وسوف يتقلص مستوى التصحر في اليمن إلى أرقام متدنية جدا إذا نفذت هذه الطرق الوقائية من التصحر الذي بات يعصف بالأراضي الزراعية في البلاد، ويهدد بتقلص الإنتاج السنوي من المحاصيل الزراعية، الأمر الذي يقود إلى تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي”

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير