الجبن البلدي يدخل عالم التكنولوجيا

منذ 3 أشهر

تعز – إيهاب الزريقيتحولٌ جذريٌ تشهده صناعة الجبن البلدي الذي تشتهر به أرياف محافظة تعز (جنوب غربي اليمن)، عقب دخولها عالم الابتكار التكنولوجي

فبعد أن كان الجبن البلدي (التعزي) يصنع بطرقٍ وأساليب تقليدية، أضحى اليوم يخضع لتقنيات حديثة، قد تنقله إلى آفاقٍ جديدة

وذلك عبر مشروعٍ لطلابٍ من كلية الهندسة، يدمج الإبتكار مع تقنيات التصنيع الحديثة، كخطوة طموحة لإعادة إحياء وتطوير هذه الصناعة

ويقدم المشروع المبتكَر منتجاتٍ تجمع بين الفوائد الصحية والأحجام المتنوعة؛ لتلبية احتياجات السوق المحلي والخارجي

ويبرز الجبن اليمني التقليدي المعروف بـ(الجبن التعزي) كأحد أنواع الأجبان القديمة الأكثر استهلاكًا في البلاد

ويتميز بتعدد أنواعه، حيث يشمل الطازج، الجاف، النصف جاف، الخالي من الأملاح، المُملّح، الخالي من الدخان، والمدخن

ويصنع الجبن التعزي من حليب البقر والأغنام والإبل، ويعرف الجبن المدخن بلونه البني الفاتح، ويحتوي على 40 % من الرطوبة

طرق الصناعة التقليديةتبدأ عملية صناعة الجبن البلدي بجمع الحليب الطازج من الأبقار أو الأغنام المحلية، التي تتغذى على أعلاف طبيعية

كما يمثل الحليب العنصر الأساسي لتحديد جودة الجبن، بحسب المزارع عبدالله الرعوي، الذي ما زال متمسكًا بطرق صناعة الجبن التقليدية

اعتاد منتجو الجبن البلدي على إنتاجه بطرق وأساليب تقليدية متوارثة عبر الأجداد والأجيال، غير أن مشروعًا مبتكرًا بدأ في محاولات عملية لإنتاج الجبن البلدي بطرق عصرية وحديثةيقول المزارع عبدالله الرعوي: إن الحليب هو قلب الجبن، ويتم تحضيره عبر غَلي الحليب على نارٍ هادئةٍ لفترةٍ طويلة

ويواصل: ثم تضاف مادة تعرف بـ(اللفح)، تستخرج من أمعاء صغار الماعز، وتلعب دورًا أساسيًا في ترسيب الجبن وفصله عن الماء

ويتابع الرعوي حديثه لـ«المشاهد»: ترسيب الجبن وفصله عن الماء يسهل عملية تنقيته، ثم يضاف الملح بكميات متفاوتة حسب نوع الجبن

ويضيف: يوضع الجبن البلدي في علب خاصة وتخزن بعوازل تحوي قوالب ثلج لحفظها؛ بسبب انعدام الكهرباء وارتفاع أسعار الكهرباء التجارية

تميز الجبن البلدي عن بقية الأجبان المتاحة في الأسواق يعود لعمليةٍ تسمى بـ(الكِبا)، التي تعتمد على استخدام النار في تحضيره

وهي سر المذاق الغني والفريد الذي يميز الجبن البلدي، حيث تضفي عليه طابعًا خاصًا يجعله مرغوبًا لدى الكثيرين

التحديات والمنافسةتواجه صناعة الجبن البلدي تحدياتٍ عديدة، أبرزها المنافسة من المنتجات المستوردة التي غالبًا ما تكون أقل تكلفة

ويقول الرعوي إن الجبن الصناعي يتمتع بميزة السعر، لكننا نؤمن بالجودة والطعم التي يتمتع بهما الجبن البلدي؛ وبسببهما ينجذب الزبائن

يواجه الجبن البلدي تحديات كبيرة، تبدأ بالمنافسة التجارية في الأسواق، خاصةً مع وجود أجبان مستوردة بأسعار أقل من أسعار الجبن البلدي، غير أن ما يميز هذا الأخير هو الجودة والطعمويوضح الرعوي: نركز على تقديم منتج طبيعي وصحي، وهو ما يميزه عن الأجبان المستوردة

بالإضافة إلى أن تكاليف إنتاج الجبن البلدي المرتفعة؛ نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف والمواد الخام، إحدى العقبات التي تواجه المنتجين المحليين

الابتكار في صناعة الجبنفي إطار جهودهم لتطوير صناعة الأجبان في اليمن، قام مجموعة من طلاب الهندسة الصناعية بتنفيذ مشروع مبتكر لإنتاج الجبن الحديث

وبحسب الطالب محمد عبدالودود، الذي يقود المجموعة، فإن اختيار هذه الفكرة جاء نتيجة الطلب المتزايد على الأجبان البلدية محليًا وخارجيًا

وقال عبدالودود لـ«المشاهد» إن الطريقة التقليدية التي يصنع بها الجبن البلدي ليست كافية لإنتاج كميات كبيرة

وأشار إلى أن الشيء الأهم في كل هذه العملية هو الحفاظ على الثروة الحيوانية في اليمن

مضيفًا أن إنتاج الأجبان بطرق جديدة وفعالة، بحسب الابتكارات التي قدمها هؤلاء الطلاب في ثلاثة مجالات رئيسية

بدأت بتصميم فرنٍ مبتكرٍ لتدخين الأجبان، وتطويرها ليكون منتجًا محليًا مغلفًا بمعايير صناعية، تضمن جودةً عالية وتكاليفَ أقل، وبأحجامٍ مناسبة

الابتكار الجديد لصناعة الجبن البلدي يمر بثلاث مجالات، الأولى عبر تصميم فرن مبتكر لتدخين الأجبان، وتغليفه بمعايير صناعية تضمن جودته، وبتكلفة أقل، كما يمر بمرحلة ثانية من الفحوصات الكيمائية والميكروبيولوجية، وتحديد المشكلات بهدف تجاوزها، والمرحلة الثالية تركز على تحسين الإنتاجيةوفي المجال الثاني، أجرى الطلاب فحوصاتٍ شاملة للجبن البلدي التقليدي من خلال أخذ عينات، تناولوا فيها الجوانب الكيميائية والميكروبيولوجية

وتمكنوا من تحديد ومعالجة مشكلات عديدة قد تواجه الجبن الجديد؛ مما ساهم في تحسين خصائصه وجودته

بالمجال الثالث، اهتم الطلاب المبتكرون بتحسين الإنتاجية، وضبط الكميات ووزن لكل صنف، ومتابعة الإنتاج عبر أجهزة حساسة تضمن جودة المنتج

وبيّن عبدالودود أن الإهتمام بهذه التفاصيل يساعد على إنتاج جبنٍ يلبي احتياجات السوق المتزايدة

لافتًا إلى أن الخطوات التي يتبعها الطلاب شبيهة بتلك التي يستخدمها صانعو الأجبان التقليديين، لكن التركيز أكثر على الجودة والإنتاجية

حيث يحتاج الجبن البلدي التقليدي إلى يومين ليكون جاهزًا، بينما يتمكن الطلاب من إنتاج أجبانهم في غضون ساعتين فقط

دراسة الجبن البلديويرجع عبدالودود أسباب ذلك إلى تركيز الطلاب على عمليات (التخثر والبسترة) التي تسهم في تسريع العملية

كاشفًا أن آلة الفرن التي طورها الطلاب تحمي المنتج من الغبار والبكتيريا، فهي مغطاة بالكامل، وتنتج الجبن في وقت محدد

موضحًا أن الطلاب قاموا بدراسة تفصيلية للجبن البلدي؛ لتحديد المشكلات، وإيجاد حلولٍ مبتكرة لها؛ مما يسهم بضبط المعايير اللازمة

التقييم الشامل للمنتج الجديد والمبتكر، والذي نفذه الطلاب المبتكرون، تضمن آراء عدد من مجربي المنتج، الذين أشاروا إلى جودته وتميزه، والذي لا يختلف عن الجبن البلدي التقليديمن جانبه، يتطرق الطالب أيمن خالد، أحد المشاركين بمشروع إنتاج الجبن الحديث، إلى الصعوبات التي واجهتهم

فقال: أكبر عقبةٍ كانت عدم توفر الحليب بكميات كبيرة، وأجرينا تجارب لأنواع مختلفة، وتمكنّا أخيرًا من الوصول لنوع الحليب المحدد

واستدرك: لكننا بحاجةٍ إلى كمياتٍ كبيرة من هذا الحليب لإنتاج كميات كافية من الجبن الحديث وتصديره للخارج

تقييم الجودة والمذاقأجرى فريق الطلاب تقييمًا شاملًا للجبن (التكنولوجي) مقارنةً بالجبن البلدي التقليدي، وركزت المقارنة على عدة عناصر، منها الشكل واللون والطعم

وفي هذا السياق، يبدي رمزي نصر، أحد مجربي المنتج الحديث، انطباعه لـ«المشاهد» عن (الجبن التنكولوجي) البلدي، واصفًا إياه بأنه (متميز)

ويضيف نصر: المشروع يتميز بجمعه بين فوائد الجبن التقليدي والحداثة؛ مما يجعله متفوقًا في السوق

كما أن طعم الجبن كان لذيذًا وشبيهًا بالجبن البلدي، وحجمه مناسب للاستخدام اليومي، يقول نصر

فيما عبّر عماد الزريقي، أحد مجربي الجبن، عن إعجابه بالمذاق، مشددًا على أهمية مثل هذه الابتكارات في السوق اليمني

وزاد: مذاق الجبن لذيذ، ونشجع على مثل هذه الابتكارات، وأدعو منفذي المشروع للتعاون مع صانعي الجبن التقليدي لتوسيع نطاق المشروع

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير