الحديدة: كيف تؤثر أزمة الكهرباء على الأطفال في فصل الصيف؟
منذ 6 أشهر
الحديدة- ياسمين الصلوي تسكن أم أمير، 40 عامًا، في مدينة الحديدة، وتنام مع أطفالها على سطح المنزل، بخاصة عندما يشتد حر الصيف
البقاء ليلًا على سطح المنزل يعطيها وأطفالها القليل من الهواء البارد، ما يساعدهم على النوم، بعيدًا عن الحرارة الشديدة التي تعانيها الأسرة في غرف المنزل
منذ نشوب حرب اليمن عام 2015، تدهور قطاع الكهرباء، وارتفع سعر الخدمة، وأصبح دفع رسوم الكهرباء عبئًا ماليًا ثقيلًا على المواطنين
الكثير من السكان في مدينة الحديدة، مثل أم أمير، توقفوا عن استخدام المكيفات والمراوح بسبب عدم قدرتهم على دفع المبالغ المالية التي تفرضها شركات الكهرباء كل شهر
النوم ليلًا على سطح المنزل أو في الأحواش طريقة تستخدمها آلاف الأسر في الحديدة في ظل التزايد المستمر لأسعار الكهرباء، لكن هذه الطريقة تعرض الأطفال لمخاطر عدة
تقول أم أمير لـ “المشاهد”: “أصبح أطفالنا عرضة للمخاوف والصدمات بسبب أصوات انفجارات التي تحدثها الألعاب النارية والرصاص الحي في المناسبات الاجتماعية، مثل الأعراس
نصاب بالذعر عندما نصحو في منتصف الليل بسبب تلك الأصوات المزعجة”
يعيش آلاف من فقراء مدينة الحديدة وهم يكابدون الحر الشديد، إذ تصل درجة الحرارة في الصيف إلى 40 درجة مئوية
تقول أم أمير: “ننام هنا في سطح المنزل، هربًا من الحر الشديد، لأننا لا نقدر على توفير رسوم الكهرباء، لكننا نصاب بالفزع في عدة ليالي بسبب الألعاب النارية والرصاص أو الضوضاء الليلية التي تأتي من المناسبات القريبة من المنزل”
تقول السلطات في صنعاء إن خدمة الكهرباء المجانية تم إدخالها إلى منازل العديد من الأسر الفقيرة في مدينة الحديدة
لكن يبدو أن تقديم الخدمة مجانًا لكل الأسر المحتاجة أمرًا بعيد المنال في الوقت الراهن
الهروب من النوم في الغرفسعيد إسماعيل، 34 عامًا، من مدينة الحديدة، يعاني نفس المشكلة، ويقول لـ “المشاهد”: “منذ سنوات وأطفالي يعانون اضطرابات النوم، والسبب هو أصوات المفرقعات والأعيرة النارية التي يتم إطلاقها بكثافة من أمام منزلي، بخاصة بعد الساعة الحادية عشر ليلًا
عندما يسمع أطفالي الأصوات العالية من تلك المناسبات، يستيقظون فورًا، يبكون ويصرخون، ولا أستطيع إسكاتهم”
يضيف:” كنا ننام في الغرف، ونغلق الأبواب والنوافذ، ونشغل المكيفات أو المراوح، ولم نكن نسمع أي أصوات، وننام بهدوء
اليوم، لم يعد ذلك ممكنًا بسبب أزمة الكهرباء وسعرها المرتفع”
يشير سعيد إلى أن الأطفال وكبار السن والمرضى هم أكثر من يعاني أزمة الكهرباء، ويؤكد أن الحل الوحيد عودة سعر الكهرباء إلى ما كان عليه قبل الحرب، أو على الأقل تخفيض سعرها الحالي حتى تصبح متاحة لجميع المواطنين في الحديدة
آثار نفسية وجسديةنجاة محمد، أستاذة علم النفس الاجتماعي، تقول إن الأصوات المفزعة، ومنها أصوات الألعاب النارية والأعيرة النارية لها العديد من الآثار السلبية الخطيرة على الصحة الجسدية والنفسية للأطفال، بخاصة إذا استيقظوا على هذه الأصوات
توضح: “من الناحية الصحية، تؤدي تلك الأصوات المفزعة إلى الإصابة بأمراض خطيرة، منها مرض السكري وأمراض القلب والكبد، واضطرابات الهرمونات، والتبول اللاإرادي، وغيرها من الأمراض العضوية
أما من الناحية النفسية، يصاب الأطفال وكذلك الكبار بمجموعة من الاضطرابات التي نطلق عليها في علم النفس اضطرابات ما بعد الصدمة، وقد تظهر بعد الصدمة مباشرة، أو بعد فترة من التعرض لها، ومنها نوبات الخوف والهلع والقلق والاكتئاب وعدم الشعور بالأمان والحزن واضطرابات النوم”
تطالب نجاة بمنع مثل هذه الألعاب النارية، خصوصا حين يتم استخدامها والناس نائمون، لما لها من آثار سلبية خطيرة على الصحة النفسية والجسدية للأطفال والكبار على حد سواء
جمهور الحميدي، أستاذ علم النفس بجامعة تعز، يقول لـ “المشاهد” إن من ضمن أسباب المشكلات النفسية لدى الأطفال هو إفزاعهم، والإفزاع يصب الأطفال بحالات من القلق والذعر المصاحب لنوبات الخوف التي تعتبر من مسببات الاضطرابات النفسية والسلوكية، وأبرزها الاضطرابات السيكوسوماتية، وهي اضطرابات جسدية ذات جذور نفسية، نتيجة تعرض الشخص لضغوط نفسية حادة أو مستمرة
يضيف: “بعض الأطفال يصابون بفشل كبدي وآخرون يصابون بسكر الطفولة، وتشير دراسات إلى أن الأطفال المعرضين للأحداث المؤلمة تكون نسبة إصابتهم بأمراض القلب أكثر من غيرهم”
مآسي كثيرة يتحملها السكان في الحديدة، بخاصة الأطفال، وتعد أزمة الكهرباء مصدرًا كبيرًا للمعاناة الإنسانية في المدينة الساحلية
اليوم وفي فصل الصيف، تحلم أم أمير بالعودة إلى النوم في غرف المنزل ليلًا، بدلًا عن السطوح
لكن يبدو ذلك مستحيلًا، لأن سعر خدمة الكهرباء الحكومية والتجارية يجبرها وأطفالها على القبول بهذا الحال
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير