الحوثيون في اليمن يزدادون جرأة.. الصين وقطر تستفيدان

منذ 2 ساعات

موقع بارونز - بقلم ليزلي بالتي-غوزمان: لأكثر من عام ونصف، قام الحوثيون المدعومون من إيران بعرقلة الملاحة العالمية عبر هجماتهم على السفن في البحر الأحمر

لم تنجح لا سياسات الاسترضاء ولا الردع في وقفهم

بل على العكس، أصبحوا أكثر جرأة، وتحولوا إلى أداة استراتيجية في صراع جيوسياسي أوسع

لا تزال الحكومات الغربية تقلل من خطر الحوثيين، ليس فقط لأن التجارة العالمية تكيفت بالتحايل حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، ولكن أيضًا لأن كل ما فعلوه حتى الآن لم يوقف الحوثيين

ومع ذلك، فإن الغرب يغفل الصورة الكبيرة: فتصرفات الحوثيين تخدم الصين في حربها الجيواقتصادية ضد الولايات المتحدة، وتُعزز ثروة قطر الطاقوية ووصولها إلى الأسواق الآسيوية، كل ذلك على حساب الولايات المتحدة

الصين تشن حربًا اقتصادية تستفيد من وصولها إلى البحر الأحمر وتحالفها مع إيران وروسيا، بينما تستفيد قطر من تفكك التجارة العالمية الذي يضر بالمصالح الاقتصادية الأمريكية

حان الوقت لكي تركز واشنطن على التداعيات الجيواقتصادية لهجمات الحوثيين

الحملات القصفية الإسرائيلية والأمريكية، تلتها هدنة محدودة بين الولايات المتحدة والحوثيين في وقت سابق من هذا العام، لم تحقق سوى القليل لوقف الهجمات الحوثية

ففي أوائل يوليو، أغرق الحوثيون سفينتين يونانيتين في المياه الدولية قبالة اليمن، مما أسفر عن مقتل عدة من طاقم السفن وأسر 11 منهم

كما استهدفوا إسرائيل بما لا يقل عن 68 صاروخًا باليستيًا و18 طائرة مسيرة منذ 18 مارس، حين استؤنفت العمليات الإسرائيلية في غزة

ومع ذلك، فإن وقف إطلاق النار الدائم في غزة من غير المرجح أن يغير من دوافعهم، التي تتمثل في السعي للشهرة، وكسب الشرعية الإقليمية، وتجميع الدعم داخل اليمن

الحوثيون ليسوا روبن هود الشرق الأوسط

ومن المرجح أن يواصلوا إعاقة وصول الولايات المتحدة إلى ممر تجاري رئيسي في البحر الأحمر

وهذا يخدم مصالح خصوم الولايات المتحدة الجيواقتصاديين من خلال إضعاف النظام العالمي القائم على القواعد، وخلق ممر بحري لمن يريدون التحايل على هذا النظام

لقد أصبح الحوثيون مُمكّنًا بحريًا لعمليات نقل النفط الخاضعة للعقوبات والتجارة الصينية

البحر الأحمر يتجه بسرعة لأن يكون الشريان الرئيسي للجهات التي تتجنب العقوبات الدولية وتحقق مكاسب اقتصادية على حساب الغرب

فروسيا، على سبيل المثال، تم ضبطها وهي تخزن نفطها الروسي الخاضع للعقوبات في ناقلة عائمة في البحر الأحمر، في طريقها إلى الصين

ويبدو أن الحوثيين يسمحون للسفن الصينية بالمرور عبر مضيق باب المندب دون مضايقة، بفضل اتفاقيات سرية ظاهرة

في المقابل، تضطر السفن الغربية، بما في ذلك حاويات البضائع وناقلات السلع، إلى الالتفاف حول أفريقيا، في مياه تشتهر بخطورتها البحرية، ما يُكلفهم وقتًا أطول في الرحلة، ويضيف أسبوعين على الأقل لوقت العبور

ونتيجة لذلك، أصبحت السلع الصينية أكثر تنافسية

في المقابل، يحصل الحوثيون، مقابل ضمان مرور آمن للصين وروسيا وإيران، وتشن حرب هجينة على ممتلكات الغرب، على دعم استخباراتي وتسليحي ودبلوماسي من محورهم

بل إن الحوثيين يعيدون بسرعة بناء مخزون أسلحتهم المدمرة بفضل شحنات الأسلحة القادمة من رعاتهم؛ ففي الآونة الأخيرة، تم اعتراض شحنة تزن 750 طنًا من الأسلحة الإيرانية كانت متجهة للحوثيين قبالة اليمن

مضيق باب المندب هو الآن الممر الثاني الذي يتحول إلى مسار محجوز لتجارة روسيا والصين الخاضعة للعقوبات

لقد أشرت سابقًا في بارونز إلى أن الاستخدام المتزايد لمسار الشمال البحري في القطب الشمالي لتجارة السلع بين روسيا والصين، خاصة الغاز الطبيعي المسال، يشكل تهديدًا استراتيجيًا للنظام الدولي الغربي

هذا المسار يتيح لروسيا تجنب العقوبات بسهولة أكبر، ويقلل من الاعتماد على طرق العبور التقليدية، ويستفيد من ارتفاع درجات الحرارة التي قد تجعل المسار قابلاً للملاحة على مدار السنة يومًا ما

وقد أعيد تشغيل منشأة آركتيك إل إن جي 2 لمعالجة وتصدير الغاز الطبيعي المسال، الخاضعة لعقوبات أمريكية، وينقل الغاز عبر أسطول روسي خفي، وفقًا لبيانات المصادر المفتوحة

الاستنتاج هو أنه حتى من دون مواجهة عسكرية، يمكن لروسيا والصين أن يعطلوا تدفقات التجارة العالمية والنظام العالمي عبر استغلال وجودهما التجاري ووصولهما البحري، في كل من مسار الشمال البحري والبحر الأحمر

الاضطرابات التي يسببها الحوثيون في مضيق باب المندب زادت من إعادة تشكيل تجارة الغاز الطبيعي المسال الناجمة عن حرب أوكرانيا واختناقات قناة بنما

إن إعادة توطين التجارة إقليميًا يقلل من المنافسة الاقتصادية بين الولايات المتحدة وقطر

فقد استفاد كل من المصدرين للغاز الطبيعي المسال من الفراغ الذي أحدثه غياب الغاز الروسي في أوروبا

كما أن تجنب مسار البحر الأحمر من قبل جميع ناقلات الغاز الطبيعي المسال أعطى لقطر غطاءً اقتصاديًا يسمح لها بحفظ الغاز القطري المرن في المحيط الهادئ، بينما يبقى الغاز الأمريكي في المحيط الأطلسي

ففي النصف الأول من 2025، صدرت الولايات المتحدة حوالي 80% من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، فيما صدرت قطر 80% من صادراتها إلى آسيا

هذا التوزيع الجديد للحصة السوقية يوفر لدوحة تجنب المنافسة المباشرة مع الولايات المتحدة، كما يجنّب إثارة تساؤلات حساسة حول العلاقة الأمنية بين واشنطن وقطر، التي ربما كانت ستتعرض لمزيد من التدقيق بسبب المواقف الجيوسياسية المشكوك فيها لقطر

فبينما تستضيف قطر قاعدة عسكرية أمريكية رئيسة، تحافظ في الوقت ذاته على غموض استراتيجي في علاقاتها مع الحوثيين وإيران وحماس وجماعة الإخوان المسلمين

هذه الاضطرابات في الشحن ساعدت على خلق حد أدنى لأسعار الغاز والغاز الطبيعي المسال، التي ظلت مرتفعة عند حوالي 12 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية

لكانت الأسعار أقل - ربما في حدود 8 دولارات - لو تمكنت شحنات قطر من المرور إلى أوروبا عبر قناة السويس، مما كان سيزيد المنافسة في السوق الأوروبية

ومع ذلك، من المرجح أن الولايات المتحدة وقطر ستدخلان في مسار تصادمي

فكلا البلدين يشهدان زيادة كبيرة في قدرة تصدير الغاز الطبيعي المسال، ما سيزيد من حدة المنافسة على حصة السوق

حيث تضيف الولايات المتحدة 110 ملايين طن جديدة من القدرة التصديرية، لترتفع إلى 200 مليون طن بحلول 2030

بينما ستزيد قطر من قدرتها عبر حقل الشمال الشرقي من 77 إلى 110 ملايين طن، بالإضافة إلى 16 مليون طن أخرى بحلول نهاية العقد

قطر ستستفيد اقتصاديًا إذا قُيدت قدرة الولايات المتحدة على الوصول للسوق وطرق شحنها المحتملة

ستتصاعد المنافسة في السنوات القادمة إذا أصبح السوق الآسيوي هو السوق المفضل لفترة طويلة، وإذا تم حل اختناقات قناة بنما أو مضيق باب المندب، أو إذا عاد الغاز الروسي

ليس في مصلحة قطر الجيواقتصادية أن يُحلّ مشكل الحوثيين قريبًا

وعلى واشنطن أن تنتبه لذلك وتتصرف بما يتناسب

كلما طال الوقت الذي تتسامح فيه الدول الغربية مع تصرفات الحوثيين، زادت القوة التي تتنازل عنها في الممرات البحرية الحيوية وأسواق الطاقة العالمية

حان الوقت للتوقف عن التعامل مع الحوثيين كتهديد محدود، وبدء الاعتراف بهم كفاعل مركزي في النظام العالمي المتغير