الدفع الإلكتروني في اليمن يواجه تحديات
منذ يوم
صنعاء – فاطمة العنسي مع التوسع في التحول الرقمي، أصبحت أمة العليم المخلافي (30 عامًا)، تدير جميع تعاملاتها المالية عبر هاتفها المحمول
منذ أربعة أعوام، تحوّلت المخلافي إلى الدفع الإلكتروني بالكامل، معتبرةً أنه سهَّل حياتها اليومية بشكل كبير
تقول لـ”المشاهد”: “الدفع الإلكتروني مفيد جدًا، خاصةً لنا نحن النساء اللواتي نتحمل مسؤولية الأسرة والأطفال
أستطيع شراء احتياجاتي، تسديد فواتير الكهرباء والإنترنت والإيجار، وحتى أقساط أطفالي بلمسة زر، دون الحاجة إلى التنقل”
رغم انتشار هذه الوسائل في المدن، لا يزال الدفع الإلكتروني غير مألوفٍ لدى البعض، خصوصًا في المناطق الريفية
تضيف المخلافي: “عند زيارتي للسعودية مؤخرًا، لاحظتُ أن أغلب التعاملات هناك أصبحت رقمية، بينما في اليمن ما زال الأمر مشوشًا لدى الكثيرين”
دراسة صادرة عن معهد الدراسات المصدرفية: مؤشرات نظم المدفوعات في اليمن لا تزال تعتبر الأدنى على المستوى العربي والإقليمي
ووصل عدد السكان الذين لديهم حساباتٍ بنكية، بما في ذلك حسابات خدمات الدفع الإلكتروني، عام 2019، فقط 10 % من السكان
بحسب دراسة صادرة عن معهد الدراسات المصرفية، (مؤسسة حكومية يديرها البنك المركزي في صنعاء)، فإنّ مؤشرات نظم المدفوعات في اليمن لا تزال تعتبر الأدنى على المستوى العربي والإقليمي
ووصل عدد السكان الذين لديهم حساباتٍ بنكية، بما في ذلك حسابات خدمات الدفع الإلكتروني، عام 2019، فقط 10 %، وفقًا للدراسة
وكانت خدمة الدفع الإلكتروني مقتصرةً فقط على البنوك باليمن
وفي عام 2020 سمح البنك المركزي في صنعاء للمؤسسات المالية من غير البنوك بتقديم خدمات الدفع الإلكتروني
تتيح خدمات الدفع المالي الإلكتروني الإيداع النقدي للحساب، السحب النقدي، سداد فواتير الكهرباء، الماء، الهاتف والانترنت، ودفع قيمة المشتريات في المحال التجارية التي تستخدم الدفع الإلكتروني، وتحويل واستلام الأموال من شبكات الصرافة المحلية
وصل عدد المحافظ الإلكترونية إلى 15 محفظة، الأكثر استخدامًا، من بينها محفظة جوالي بعدد مليون مشترك، بحسب سبتمبر نت
في أكتوبر 2018، دشّن البنك المركزي اليمني مشروع المدفوعات الإلكترونية عبر الهاتف المحمول، كخطوةٍ أولى نحو تحقيق “الشمول المالي”
جاء المشروع بدعمٍ من وكالة التنمية الأميركية (USAID) وصندوق النقد الدولي، وتم تنفيذه عبر شركة “مروج” بالتعاون مع “شركة الخدمات المالية اليمنية” التي تضم 12 مصرفًا محليًا
تشمل قائمة البنوك التي تقدم خدمات الدفع الإلكتروني في اليمن لعملائها، بنك التضامن الإسلامي الدولي عبر خدمة (محفظتي)، بنك اليمن والكويت (YKB)، البنك التجاري اليمني، بنك اليمن الدولي، كاك بنك، مصرف اليمن والبحرين الشامل، بنك الأمل، وبنك الكريمي
ويبلغ عدد المصارف العاملة في اليمن 18 بنكًا، منها أربعة بنوك حكومية، أربعة بنوك إسلامية، وثمانية بنوك تقليدية، وبنكين للتمويل الأصغر
يسعى القانون اليمني رقم 40 لعام 2006، والمعنى بـ”أنظمة الدفع والعمليات المالية والمصرفية الإلكترونية”، إلى تطوير أنظمة الدفع الإلكتروني وتسهيل استخدامها في تنفيذ المعاملات المالية
كما يعزز دور البنك المركزي في إدارة وتحديث هذه الأنظمة، إلى جانب الإشراف والرقابة عليها؛ بهدف تبسيط الإجراءات وتحسين كفاءة النظام المالي والمصرفي
وتنص المادة (26) من القانون على أنّ تحويل الأموال عبر الوسائل الإلكترونية يُعد وسيلةً قانونيةً مقبولة الدفع، دون أن يؤثر ذلك على حقوق الأفراد المقررة بموجب القوانين النافذة ذات الصلة
في عام 2020 دشن بنك اليمن البحرين الشامل خدمة الدفع الإلكتروني، عبر تطبيق “المحفظة الإلكترونية شامل موني”؛ لتسهيل قبول المدفوعات عبر الإنترنت للمتاجر الإلكترونية والأفراد
حيث تعمل كوسيطٍ بين المتجر الإلكتروني والمشتري، أيضًا يمكن التحويل إلى حساب العميل نفسه، أو عبر شركة، كما يُفيد بذلك نائب مدير البنك، سليمان الخضيري
ويضيف لـ”المشاهد”: يُقدم البنك خدمة الدفع الالكتروني عبر البطائق الإلكترونية الصادرة من البنك “ماستر كارد”، كذلك الدفع والسحب الخارجي بالعملة الصعبة “الدولار”
كما يوفر خدمة بطائق الدفع المسبق لغرض المشتريات الخارجية من المواقع الإلكترونية؛ بغرض التسويق الرقمي والترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي
ويستطرد: هذا يصب في مسألة الشمول المالي الذي تسعى جهود الحكومة والبنك المركزي لتحقيقه؛ ليستفيد كل فئات المجتمع من الخدمات المصرفية
بحيث تصل الخدمات الإلكترونية للريف والحضر، سيما وأغلب المجتمع يملك هواتف ذكية وحسابات، وهي خطوة إيجابية تُسهّل التعامل بأقل جهدٍ وتكلفةٍ ووقت
ومع قلة توفر النقد خاصةً للفئات الصغيرة، أضف إلى ذلك تلف العملات الورقية، وحالة عدم الأمان -الخوف من السرقة والسطوـ
وتسهم المَحافظ الإلكترونية في ردم هذه الفجوات -كما يوضح الخضيري لـ”المشاهد”-
موضحًا أنها تسهم في تقليص تكلفة طباعة العملات الورقية التي تتكبدها الدولة في الخارج
لكنه يرى أنّ مشكلة البنى التحتية للإنترنت في اليمن من حيث عدم تغطية خدمة الاتصالات والنت كافة المناطق والمحافظات
وممكن أن يقلل هذا من فرصة الحصول على الخدمة للمواطنين
يتحدث المهندس التقني عدلي الخرساني، عن معوقات الدفع الإلكتروني في اليمن، خاصةً فيما يتعلق بتعامل تجار الجملة
وأوضح أنّ تجار التجزئة يَقبلون بالدفع الإلكتروني بسهولة، حتى في حالة البيع الآجل، بينما يفضل تجار الجملة الدفع النقدي
حيث يحتاجون إلى سيولةٍ لشراء البضائع من الموردين الخارجيين الذين يرفضون التعامل بالوسائل الرقمية
ولفت الخرساني لـ”المشاهد”: رغم أن بعض البنوك مثل “الكريمي” و”بنك اليمن والكويت” أتاحت إمكانية الدفع بالريال اليمني في منصاتٍ خارجية مثل “أمازون” و”علي بابا”، إلا أن هذه الخدمات لا تزال محدودة بمحفظة أو محفظتين فقط، وغير منتشرة في جميع المحافظات
وأضاف أن انتشار الدفع الإلكتروني يعتمد على سهولة استخدام التطبيقات، مثل “ون كاش” الذي لا يتطلب حسابًا بنكيًا؛ مما يسهل تبني الخدمة بين المستخدمين
ومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف تتعلق بأمان البيانات
حيث يشعر العملاء بعدم الثقة في استخدام الحسابات البنكية المباشرة، ويفضلون المَحافظ الإلكترونية التي يُمكن تغذيتها عند الحاجة فقط
يقول الخرساني أنّ اختلاف العملة بين الشمال والجنوب يشكل عائقًا إضافيًا؛ مما دفع بنك “الكريمي” إلى تقديم حساباتٍ متوافقة مع كل منطقة
لكن لا يزال الربط بين المَحافظ المختلفة محدودًا؛ ما يعرقل سهولة التحويل بين المحافظات
وكانت إدارة البنك المركزي في عدن، التابعة لحكومة مجلس القيادة الرئاسي قد قررت في يونيو 2024،حظر التعامل مع اثني عشر محفظة الكترونية وبنوك أخرى في صنعاء، ليتراجع البنك لاحقا عن هذا القرار بعد ضغوط سعودية على الحكومة في عدن
وبالمثل فإن البنك المركزي في صنعاء يحظر التعامل مع 21 شركة صرافة حتى مايو الماضي، بعض هذه الشركات يتهمها البنك بارتكاب مخالفات أو العمل بدون ترخيص
أما فيما يتعلق بالدفع الحكومي، فيقول الخرساني، أنّ الخدمات الإلكترونية مقتصرة على جهةٍ واحدة فقط في صنعاء، مثل “كاك بنك”؛ مما يجبر المواطنين على فتح حساباتٍ محددة لتنفيذ التزاماتهم المالية، مثل دفع الضرائب والمخالفات
الخرساني اقترح أن يتم توسيع خيارات الدفع عبر ربط المَحافظ المختلفة بخدمة “واصل” أو “BAS”
بحيث يتمكن المستخدم من تحويل الأموال بين المَحافظ المختلفة بسهولة؛ وهو ما يتطلب تدخلًا من البنك المركزي لتسهيل عمليات التحويل بين البنوك والمَحافظ الإلكترونية
وفي دراسة عن الشمول المالي في اليمن في ظل انقسام البنك المركزي، نشرت في ديسمبر 2024، فإن الفجوة بين الجنسين في ملكية الحسابات في اليمن وصلت في 2022 إلى 13%
ويختتم الخرساني حديثه بالدعوة إلى ضرورة تسليط الضوء على هذه التحديات والعمل على حلولٍ تضمن انتشار الدفع الإلكتروني بشكل أوسع
وذلك من خلال تشجيع المنافسة بين أكثر من محفظةٍ إلكترونية
وزيادة الوعي بأهمية التحول الرقمي في المعاملات المالية، وتعزيز الثقة بالخدمات المصرفية الإلكترونية؛ مما يُسهم في تحسين الاقتصاد الرقمي في البلاد
الخبير الاقتصادي مصطفى نصر، اعتبر أن التحوّل نحو الدفع الإلكتروني في اليمن يمثل خطوةً إيجابيةً نحو تعزيز الشمول المالي
حيث يتيح للأفراد سهولة الوصول إلى النقد والتحويلات المالية
كما يسهّل عمليات البيع والشراء عبر التطبيقات المختلفة
وأوضح أن هذه الخطوة تسهم في تقليل تكاليف التعامل بالنقد الورقي، الذي يتعرض للتلف مع مرور الوقت
إلى جانب دورها في رقمنة الاقتصاد وضبط التحويلات المالية والمصرفية
وأشار نصر لـ”المشاهد” إلى أنّ البنوك مطالبةٌ بتسهيل استخدام التطبيقات المالية لعملائها، سواءً كانت مؤسساتٍ مصرفية تقليدية أو حديثة
مشيدًا ببدء العديد من البنوك في تبني أنظمة الدفع الإلكتروني، وهو ما اعتبره تطورًا إيجابيًا
رغم الفوائد العديدة للدفع الإلكتروني، لفت نصر إلى أنّ هناك تحدياتٍ كبيرة تعيق انتشاره، أبرزها ضعف البنية التحتية للإنترنت
حيث أنّ وجود إنترنت سريع ومستقر يعد عاملًا رئيسيًا في نجاح هذه المنظومة
كما أنّ تفشي الأمية الرقمية وعدم وعي بعض المواطنين بآليات الدفع الإلكتروني قد يؤدي إلى عمليات احتيالٍ أو خسائر للمستخدمين
وفي هذا الصدد يقول الخرساني: “إنّ اعتماد الدفع الإلكتروني يواجه تحدياتٍ اجتماعيةً، حيث يقتصر استخدامه حاليًا على الفئات المتوسطة والعاملين في الشركات والمنظمات
بينما يتجنب العديد من المستخدمين الآخرين المُخاطرة بهذه الوسائل الجديدة
وأشار إلى أن بعض المَحافظ الإلكترونية، مثل “ون كاش” و”تضامن”، تعاني من ضعف الانتشار، بسبب هيمنة “الكريمي” واعتماد كثيرٍ من المستخدمين على خدماته”
الخبير الاقتصادي، مصطفى نصر: لضمان نجاح الدفع الإلكتروني في اليمن، يجب تحسين البنية التحتية للإنترنت لضمان وصول الخدمات المالية للجميع
زيادة التوعية الرقمية لتشجيع المواطنين على تبني هذه الوسائل، تعزيز الأمان الإلكتروني لحماية بيانات المستخدمين
توسيع نطاق المحافظ الإلكترونية وربطها بأنظمة دفع موحدة”
وفي هذا السياق يقول نصر أن “الحديث عن استبدال الدفع النقدي كليًا بالدفع الإلكتروني في اليمن لا يزال مبكرًا، نظرًا لحاجة ذلك إلى أنظمةٍ إلكترونيةٍ متطورة وإنترنت متاح في جميع المناطق”
وواصل: “الشركات المزوّدة للتطبيقات المالية والمحاسبية ما زالت غير منتشرة بشكلٍ واسع، فضلًا عن استمرار اعتماد الكثير من المواطنين على النقد التقليدي”
رغم التحديات، يمثل الدفع الإلكتروني فرصةً حقيقيةً لدعم الاقتصاد اليمني، من خلال تقليل تكاليف تداول النقد
وتحسين كفاءة المعاملات المالية، وتعزيز الشفافية المالية
“لضمان نجاح الدفع الإلكتروني في اليمن، يجب تحسين البنية التحتية للإنترنت لضمان وصول الخدمات المالية للجميع
زيادة التوعية الرقمية لتشجيع المواطنين على تبني هذه الوسائل، تعزيز الأمان الإلكتروني لحماية بيانات المستخدمين
توسيع نطاق المحافظ الإلكترونية وربطها بأنظمة دفع موحدة”
يقول نصر
مختتمًا: “التحول الرقمي ضرورة اقتصادية، والبنوك التي لا تواكب هذا التطور قد تجد نفسها متأخرة عن الركب المالي العالمي”
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير