الرقص الشعبي.. موروث يقاوم الانقراض

منذ 3 ساعات

تعز- عميد المهيوبي يمثل الرقص الشعبي أحد أبرز أشكال التعبير الثقافي في المجتمع اليمني

حيث يرتبط بالعادات والتقاليد المحلية، ويعكس الروح الجماعية للمجتمع في المدن والأرياف

ويسجل حضورًا كبيرًا في الأعراس والمناسبات الاجتماعية

تتوارثه الأجيال جيلًا بعد جيل

 لكنه اليوم يواجه خطر الاندثار أمام انتشار فرق غنائية محلية تقدم أغاني غير يمنية ورقصات خارجية تهدد باختفاء الرقص الشعبي

يعد موروث الرقص الشعبي متنوع وحيوي في اليمن، ويختلف أداء الرقص من منطقة لأخرى

وغالبا تمارس أنواع متعددة من الرقص في مناسبات الفرح، الحزن، أيام العمل أو الاستعداد للحرب

وحسب صحيفة الثورة الحكومية فقد ألف الفنان ومصمم الرقص الشعبي، علي المحمدي، كتابا يوثق الرقص الشعبي في اليمن بعنوان “الرقصات الشعبية في اليمن”

ويفرد الكتاب توثيقا نصيا مع الصور والنوتة الموسيقية أنواع الرقص في كل محافظة على حده

ألف الفنان ومصمم الرقص الشعبي، علي المحمدي، كتابا يوثق الرقص الشعبي في اليمن بعنوان “الرقصات الشعبية في اليمن”

ويفرد الكتاب توثيقا نصيا مع الصور والنوتة الموسيقية أنواع الرقص في كل محافظة على حده

وتناول الكتاب محافظة تعز ووثق فيها ثلاث رقصات شعبية هي: «رقصة الرزين والخفيف» و«رقصة الزبيرية» و«رقصة البَرع الحُجري»

وتأتي محافظة حضرموت في هذا الكتاب من أغنى مناطق اليمن بالرقص الشعبي إذ وثق الكتاب سبع رقصات فيها هي:  «رقصة الزِربادي» و«رقصة غيل بني يَمين» و«رقصة الهبيّش» و«رقصة الغيٌة» و«رقصة القطنِي» و«رقصة العِدة» و«رقصة بني مغراة”  وعلى الرغم من تحديات الحرب والتهجير والتغيرات المجتمعية المتسارعة، تتعالى الأصوات المحذرة من تراجع حضور الرقص الشعبي في اليمن

   في حديث خاص لـ”المشاهد”، قال محمد البورة، مدير فرقة الفلكلور الشعبي بمحافظة تعز، إن أداء الرقصات يعتمد على ما يُعرف بـ”المازورات”، وهي وحدات إيقاعية تضبط الحركة وتحدد عددها

 ويقول “لكل رقصة مازورتها الخاصة، فهناك حركات تؤدى على أربع مازورات، وأخرى على ست أو ثمانٍ، وقد تمتد إلى عشرين أو أكثر في الرقصات الجماعية، مثل رقصة العدة الحضرمية التي يشارك فيها أربعين إلى ستين راقصًا وأكثر”

وأضاف: “المازورة الواحدة تتكون من ثمان عدّات (1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8)، وتستخدم لتعليم الحركة وضبط الإيقاع

حيث يبدأ المتدرب بحركات بسيطة بعدد محدد، ثم يتدرج في تبديل الحركات والتوسع فيها، مع التركيز على الإتقان والتجاوب الجماعي، خاصة في الرقصات الثنائية أو الرباعية”

محمد البورة، مدير فرقة الفلكلور الشعبي بمحافظة تعز، “لكل رقصة مازورتها الخاصة، فهناك حركات تؤدى على أربع مازورات، وأخرى على ست أو ثمانٍ، وقد تمتد إلى عشرين أو أكثر في الرقصات الجماعية، مثل رقصة العدة الحضرمية التي يشارك فيها أربعين إلى ستين راقصًا وأكثر”

موضحًا أن شغفه بالرقص الشعبي كان هو الدافع الأول لتعلمه

ويضيف: “بدأتُ رحلتي مع الرقص عام 2011 في صنعاء على يد العقيد محمد المسوري والعقيد محمد السوداني، خلال عملي في التوجيه المعنوي”

وعن تنوع الرقصات، أوضح البورة أن كل محافظة يمنية لها لونها التراثي المميز، ورقصتها الخاصة التي تميزها عن غيرها من المحافظات، ومن هذه الرقصات رقصة “الدومندان” في لحج، “الركلة” في عدن، “الرازحي” في صعدة، “العدة” في حضرموت، و”البرع” في تعز، إضافةً إلى انتشارها في معظم المحافظات

 وأكد البورة أن هذه الرقصات رسائل ثقافية واجتماعية تعكس بيئة كل محافظة وتاريخها، داعيًا الجهات المعنية، إلى تسليط الضوء على الموروث الشعبي والاهتمام به قبل أن يندثر

  وفي إطار الجهود الرامية إلى حماية الهوية الثقافية اليمنية وتوثيق موروثها الشعبي، قال مدير عام مكتب الثقافة بمحافظة تعز، عبدالله العليمي، أن هناك مبادرة لتوثيق الرقص الشعبي بمحافظة تعز، باعتباره أحد أبرز مكونات التراث اللا مادي

   وفي حديثه مع “المشاهد” قال العليمي إن: “المكتب كان قد أعدّ مسودة مشروع متكامل لتوثيق التراث الشعبي في المحافظة، وعلى وجه الخصوص الرقص الشعبي، سواءً من خلال التوثيق الورقي أو البصري، وذلك ضمن سلسلة وثائقية رقمية تهدف إلى تأسيس مكتبة رقمية شاملة لتكون مرجعًا دائمًا لهذا الفن العريق”

وأضاف العليمي أن “المكتب قام خلال المرحلة الماضية بتسويق المشروع لعدد من الجهات المانحة ومنظمات المجتمع المدني، إلا أن تنفيذه لا يزال طموحًا مؤجلًا بسبب غياب التمويل، رغم الأهمية البالغة التي يمثلها هذا المشروع بالحفاظ على التراث اللا مادي في المحافظة”

 وبشأن التحديات التي يواجهها الرقص الشعبي في ظل انتشار الفرق الغنائية الحديثة قال العليمي: “إن هذا الفن يواجه تحديات متعددة، أبرزها ضعف التوثيق، وغياب الدعم المؤسسي، وتهميشه في الإعلام والمنصات الثقافية الرسمية وغير الرسمية

 مشيرًا إلى أن الفرق الغنائية الحديثة غالبًا ما تقدم عروضًا مستوردة تنعكس سلبًا على الموروث الثقافي اليمني وتطغى على الفنون الشعبية الأصيلة؛ ما يؤدي إلى تهميش الرقصات الشعبية التقليدية ويهدد بانقراضها رغم ما تحمله من هوية ضاربة في جذور المجتمع”

 وأشار العليمي إلى أن “الرقص الشعبي ليس مجرد أداة، بل هو تعبير حي عن هوية المجتمع، وحاضن لذاكرته الجمعية، فكل رقصة في تعز، كما في بقية مناطق اليمن، تحكي قصة الأرض، والعلاقات الاجتماعية، والمناسبات الدينية والوطنية

فهو فن يجمع بين الإيقاع، والزي، والموسيقى، والقيم التي تنتقل شفهيًا وعمليًا من جيل إلى آخر”

 وحذر من أن تراجع هذا الفن يعني تآكلًا في الهوية الثقافية، وانفصالًا عن الجذور الثقافية، وهي أزمة يعاني منها الجيل الحالي”

وطالب العليمي أن يكون هذا الفن جزءًا من المناهج التعليمية والفعاليات الوطنية والحرص على وجود تعاون جاد بين المكتب والجهات المعنية والمنظمات ووسائل الإعلام لإنتاج محتوى يوثق هذا الفن على نطاق واسع، وتقديمه ضمن سلسلة وثائقية رقمية ضمن مشروع تأسيس مكتبة رقمية تكون مرجعًا دائمًا للباحثين والمهتمين بالتراث الشعبي”

   وزاد: “هناك جهود متفرقة يقوم بها مكتب الثقافة وبعض المهتمين من الفنانين والباحثين، إلى جانب مبادرات مجتمعية من فرق شبابية تسعى لإحياء الرقصات الشعبية في المناسبات المحلية، إلا أن غياب سياسة ثقافية شاملة، ونقص الدعم المالي، يحدّان من فعالية هذه الجهود ويجعلانها عرضة للتوقف في أي لحظة”

 ولفت إلى أن “الحفاظ على الرقص الشعبي مسؤولية وطنية وثقافية مشتركة، ومكتب الثقافة لن يتوانى عن بذل كل ما يستطيع لحماية هذا الإرث، متى ما توفر الحد الأدنى من الدعم والإرادة المؤسسية”

 في ظل التحولات الاجتماعية والثقافية المتسارعة التي تشهدها المدن اليمنية، يواجه الرقص الشعبي خطر التراجع والاختفاء من المناسبات العامة، لاسيما حفلات الأعراس، بحسب ما أفادت به  الصحفية افتخار عبده

 وقالت عبده في حديث مع “المشاهد ” إن الرقص الشعبي “كاد أن يغيب تمامًا عن الأعراس في المدن، لكنه ما يزال حاضرًا في الأرياف، حيث يتمسك السكان هناك بالعديد من العادات والتقاليد التي تشكل جزءًا أصيلًا من التراث الشعبي اليمني”

 وعزت عبده هذا التراجع في المدن إلى رغبة المجتمع في التجديد والانجذاب إلى كل ما هو جديد ولافت”

   وأضافت أن “من بين الأسباب الرئيسية لهذا التغير هو التأثير الكبير لمحتوى مواقع التواصل الاجتماعي الذي يعج بأنماط رقص وافدة من مختلف دول العالم، وهو ما دفع بالكثير من اليمنيين، لا سيما فئة الشباب، إلى تقليدها بحثًا عن الاختلاف دون وعي بأنهم بذلك يقضون على تراثهم ويُساهمون في اندثاره”

 ودعت عبده إلى الحفاظ على الرقص الشعبي بوصفه جزءًا من الهوية الثقافية لليمن، وذلك من خلال “ممارسته في المناسبات الاجتماعية، والعمل على نشره عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية، بما في ذلك المنصات الرقمية ليكون متاحًا كنوع من المحتوى الثقافي للأجيال القادمة والمهتمين بالفلكلور الشعبي”

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير