الزي الشيباني.. «لب الحرير» المنسوج بهوية تعز

منذ 7 أشهر

تعز – غدير الشرعبي الثقافة اليمنية غنية ومتنوعة، ومن أشهر عناصرها موروثات الأزياء التقليدية التي تتميز بها المرأة الريفية؛ كهوية حافظت على مضمونها في وجه موجات الحداثة والتطور

ومن أشهر الأزياء اليمنية التقليدية، يأتي الزي التقليدي الشيباني كجزء مهم من تراث اليمن، يعكس جمال وتنوع الموروث المادي للمرأة في ريف تعز الجنوبي

الزي الشيباني

الأصل والمنشأيقول المختص في التراث الثقافي، الدكتور محمد سبأ، إن الزي الشيباني يعود إلى منطقة الحُجرية في تعز، وبالأخص منطقة بني شيبة، ويعتبر هذا الزي تراثًا قديمًا موروثًا من الأجداد

 ويشير سبأ إلى انتشار هذا الزي في تعز بشكل عام وفي الحُجرية خاصةً، حيث يُطلق عليه اسم “الشيباني” نسبة إلى منطقة بني شيبة

ويضيف: هذا الزي يتميز بالتطريز الفني والزخارف، وقد وُجد أيضًا في مناطق أخرى كجبل صبر؛ مما يظهر أنه تم اعتماده في مناطق متعددة

متنوع وكثيف التفاصيليشير الدكتور سبأ إلى أن هناك تنوعًا في أشكال الزي الشيباني، حيث يتفرع إلى عدة تشكيلات ونقشات وزخارف، ويعتمد ذلك على مهارة المرأة التي تقوم بتصنيعه

ويضيف: يتكون الزي من قماش أبيض بكثافة مع تواجد ألوان متعددة مثل الأصفر والأحمر والأخضر والأزرق، وأحيانًا يتم إدخال اللون الذهبي وزخارف متنوعة

كما يتم تطريز الزي بخيوط قطنية بيضاء وملونة، وأحيانًا يتم إضافة زخارف بالسين الذهبي، بحسب الدكتور سبأ

ويوضح الخبير في التراث الثقافي أن الزي الشيباني التقليدي يتألف من ثوب يُسمى قميصًا أو بلهجة محلية مثل السواقي أو النخيل أو المجدل، ويتم زينته بالتطريزات

بالإضافة إلى وضع طبقات من القطن تحت الزي وتطريزها أيضًا، كما يتضمن الزي غطاء رأس يُسمى مقرمة ومجوهرات تُرتدى على الصدر والأيدي وأحيانًا القدمين

مخاوف الاندثاركغيره من الموروثات الشعبية، يواجه الزي الشيباني تحديات تزيد من مخاطر اندثاره بفعل عدم الاهتمام به كموروث شعبي مادي يمثل هوية مميزة للمرأة اليمنية، خاصةً في الريف الجنوبي لمحافظة تعز

ويعزو المختصون في التراث الثقافي تضاءل نسبة الإقبال في أوساط النساء لاقتناء هذه الأزياء الشعبية إلى تغيُر نظرة الجيل الحديث تجاه الملابس من خلال “الموضة” والبحث عن كل ما هو جديد

الدكتور سبأ يبدي حزنه لأن هذا الزي التقليدي على مشارف الاندثار بفعل نقص النساء اللاتي يتقنّ تطريزه، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه عملية التطريز اليدوي، وظهور الملابس الحديثة التي تفضلها النساء

ورغم ذلك يصف سبأ الزي الشيباني بأنه جميل ورائع ومليء بالألوان الزاهية والزخارف المبهجة، معبرًا عن أمله في أن ينال الاهتمام الكافي باعتباره موروث شعبي يمثل هوية يمنية أصيلة

موروث شعبي متفردتتحدث مصممة الأزياء اليمنية، هناء الشرجبي، عن الزي الشيباني والعمري، الذين يميزان منطقتي بني شيبه الغرب وبني عمر فقط، رغم قربهما من مناطق أخرى مثل بني شيبه الشرق، بني محمد، الزعازع، والمقارمة

ولفتت الشرجبي إلى أن النساء في هذه المناطق المجاورة لم يتوافقن مع ارتداء هذا الزي

ويعود تفرد هذا الزي إلى تأثير الحضارات المختلفة التي مرت على المنطقة، كالحضارات الإفريقية والتأثيرات الناتجة عن العلاقات التجارية القديمة مع الأتراك شمالًا والهند شرقًا، حيث يمكن ملاحظة تشابه هذا الزي مع النقوش في التماثيل القديمة، بحسب الشرجبي

وتضيف: رغم تفرد الزي الشيباني التقليدي إلا أنه ظل محدود الانتشار بسبب صعوبة وطول مدة حياكته، وبسبب تقدم سن الجدات اللواتي كنّ يحكنّ هذا النوع من الأزياء

وتُبيّن أن هناك نوعين من هذا الزي، النوع الأبيض الذي يسمى الآلي، والنوع الملون الذي يتضمن سروالًا تصل حياكته إلى الركبة وأحيانًا إلى الفخذ، ويسمى “حُزة” بضم الحاء

وترى الشرجبي أن الزي يتميز بطبقات من القماش القطني الخالص الذي يتم تفصيله بشكل قميص، ثم تُحبك الخيوط فوق البِطانة القطنية لتغطي الخيوط القماش من الجهتين

كما يتألف الزي من قطعة يصل طولها إلى أسفل الركبة بقليل، وله أكمام تصل إلى المرفقين، بالإضافة إلى السروال الذي يسمى حزة ويحبك حتى فوق الركبة وأحيانًا يصل النقش إلى الفخذ، تقول الشرجبي

ضعف الإقبال وندرة الصنعةتكشف هناء الشرجبي أن الزي الشيباني مايزال محدود الانتشار ومهدد بالانقراض بسبب صعوبة حياكته ووفاة أغلب الجدات اللواتي كنّ يحكنه، بالإضافة إلى عزوف الفتيات والنساء عن حياكته، وغياب الاهتمام الرسمي بإحياء هذه الأزياء كتراث ثقافي

وتضيف أن هذا الزي مكلف أيضًا، حيث يتطلب نوعًا معينًا من الخيط يسمى “لب الحرير”، وهو خيط مكلف يحتاج إلى مهارة وصبر

وتختتم مصممة الأزياء اليمنية حديثها بالإشارة إلى أن ضعف القدرة الشرائية للمواطن وتوفر الأقمشة البسيطة بسهولة ساهم في تراجع إنتاج الوي الشيباني

تجربة الزي الشيبانيمن جهتها تقول الفنانة والإعلامية والناشطة المجتمعية، حنين الأغواني، إنها ارتدت الزي الشيباني ثلاث مرات في حفلات جماهيرية بمناسبة اليوم العالمي للبن، وكذلك في مؤتمر نموذج محاكاة الأمم المتحدة في حضرموت، ومؤتمر ريادة الأعمال، مشيرة إلى أنه مريح نسبيًا

وتصف الأغواني تجربتها مع الزي الشيباني التقليدي بأنه “جميل ومبهر من حيث التصميم وفكرته، حيث تمتلك كل عروس هذا الزي لعرسها، ويُحاك يدويًا مما يتطلب الكثير من الوقت والتفاصيل الدقيقة

وترى الأغواني أن لناس ينبهرون بالزي الشيباني لأنه غير منتشر مثل الزي الصبري

وتضيف: تحدثت لهم عن قصة الزي الشيباني لأن والدتي شيبانية، أما الزي الصبري وبسبب رواجه، توجد الآن آلآت للنقش عليه، ورغم أن هناك نقوشًا تُحاك يدويًا، إلا أنه يظل شائعًا ومعروفًا”

ويعتقد مصممو الأزياء في اليمن أن الزي الشيباني ليس مجرد قطعة من الثياب، بل هو جزء من هوية الشعب اليمني وتاريخه الغني، لذا؛ فإن الحفاظ على هذا التراث الشعبي يعد مسؤولية تتطلب جهودًا مشتركة من الحكومة والمجتمع المحلي والأفراد على حد سواء

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير