السعودية تسحب قوات درع الوطن الموالية لها من جنوب اليمن .. ما الدوافع لذلك؟
منذ ساعة
أثارت عملية سحب قوات درع الوطن المدعومة من السعودية، من جميع معسكراتها في محافظة لحج والعاصمة المؤقتة عدن، جنوبا، بعد أيام من سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على حضرموت، شرقا، أسئلة عدة عن دوافع هذا الإجراء المثير
ومنذ أيام، بدأت قوات درع الوطن التي تشكلت بمرسوم رئاسي من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، في يناير/ كانون الثاني 2023، والذي تشرف عليها المملكة، بسحب وإخلاء جميع معسكراتها في مديرية المضاربة بمحافظة لحج وعدن، واتجهت نحو منطقة العبر التابعة لمحافظة حضرموت، قرب الحدود مع السعودية
كما سحبت المملكة في الأيام الماضية أيضا، قواتها المتمركزة في قصر معاشيق الرئاسي بالعاصمة المؤقتة عدن، ومطارها ومن معسكر البريقة التي كانت تتمركز فيه رفقة القوات السودانية، غربي عدن
وكانت السعودية قد دفعت بقوات من درع الوطن كانت متمركزة في منطقة الوديعة حيث المنفذ البري الحدودي مع المملكة، نحو وادي حضرموت، للانتشار في المعسكرات والمواقع التابعة للجيش اليمني التي سيطرت عليها قوات المجلس الانتقالي المنادي بانفصال جنوب البلاد عن شماله، الأسبوع الماضي، دون قتال، إلا أن المجلس رفض ذلك
واتهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي، العليمي الاثنين، المجلس الانتقالي ، بـاتخاذ إجراءات أحادية تشكل تهديدا مباشرا لوحدة القرار الأمني والعسكري، وفق وكالة الأنباء اليمنية الرسمية سبأ
وشدد العليمي على خروج جميع القوات القادمة من خارج حضرموت في إشارة إلى قوات المجلس التي تم الدفع بها الأسبوع الماضي، نحو محافظات شرق اليمن
خيارات الرياض محدودةوتعليقا على هذا الموضوع، قال الكاتب والصحفي اليمني، أحمد الشلفي إن هناك ارتباكا في المواقف وغياب للمعلومات الدقيقة لا يسمحان حتى الآن بتشخيص واضح لما يجري في اليمن، وبالتحديد ما حدث في حضرموت والمهرة من استيلاء وسيطرة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على حضرموت ساحلًا وصحراء، وعلى محافظة المهرة؛ وهما محافظتان ترتبطان بحدود مباشرة مع المملكة العربية السعودية وتعدّان من أهم وأدقّ الحدود الاستثنائية بالنسبة لها
وأضاف الشلفي في حديث خاص لـعربي21 إن الإجراءات السعودية الأخيرة – من إغلاق مطار عدن ثم إعادة فتحه، وسحب قواتها من المطار ومن قصر معاشيق – تمثّل رسالة مباشرة إلى الإمارات، لكن هذه الإجراءات تظلّ بحاجة إلى أدلة أقوى
وكذلك الحال مع الحديث عن منع قوات الانتقالي الوفد السعودي من دخول سيئون ( ثاني كبرى مدن حضرموت التي وقعت مؤخرا تحت سيطرته) أو مغادرته حضرموت إلى الرياض، أو سحب قوات درع الوطن من مواقع تموضعها في حضرموت أو المهرة أو عدن أو لحج، وهي – كما نعلم – قوات ممولة سعوديًا وتدين بولائها للرياض
وأشار كل هذه الإجراءات المتداولة تحتاج إلى تثبّت قبل بناء استنتاجات نهائية من نوع أن السعودية تقف اليوم على مفترق طرق مع شريكتها الإمارات، أو أن الخلاف الواضح بينهما في السودان ينعكس بالضرورة على الساحة اليمنية، وأن الطرفين يتبادلان رسائل مشفّرة عبر تحريك الوكلاء المحليين هنا وهناك
وقال الكاتب اليمني إنه منذ دخول التحالف إلى الحرب عام 2015، أستطيع القول إن توترات وأزمات عديدة سبقت بين السعودية والإمارات، وربما كانت في بعض الحالات أعمق مما نراه اليوم، لكن الرياض كانت في الغالب تمتصّ هذه الصدمات
وفي أحسن الأحوال تخرج منها باتفاق سياسي جديد، على شاكلة اتفاق الرياض الأول في 2019، أكثر من ذهابها إلى قطيعة كاملة أو مواجهة مفتوحة مع أبوظبي، حسبما ذكره المتحدث ذاتهوتساءل الشلفي قائلا : هل يمكن أن يتجه الأمر إلى مواجهة مفتوحة بين السعودية والإمارات على الملعب اليمني؟وتابع بأنه المشهد قد يتطور، لكن ما أقدّره هو أن الأجواء وإن كانت معكّرة بين الحليفين في اليمن، إلا أن هناك حسابات دقيقة لكل طرف تجعله يتراجع عن خطواته قبل الوصول إلى صدام مباشر
وأردف قائلا : ومن واقع قراءة للمسرح اليمني، نرى أن الإمارات إذا تقدمت نحو هدف ما أو نحو السيطرة على منطقة أو سلطة، فهي لا تتوقف بسهولة
وبناء على ما سبق، وفق الكاتب والصحفي اليمني فإن السعودية أمام خيارات محدودة ومعقدة في اليمن، أهمها: الخروج من المشهد اليمني كليًا، وترك الأمر لليمنيين
أما الخيار الثاني فيتمثل في التفكير بجدية في احتواء جبهة الحوثي وإنجاز تسوية سياسية، لكن هذا الطريق أيضًا صعب ومعقد
وبشأن الخيار الأخير أمام الرياض، فيكمن في ترك المشهد لليمنيين، ودعم الطرف القادر على تحقيق سلام حقيقي — سواء عبر الحرب أو عبر السلم — بشرط ألا يصل البلد إلى التقسيم؛ لأن أول من سيدفع ثمن التقسيم هي الرياض قبل أي طرف آخر
ونوه الصحفي اليمني إلى أن التشكيلات التي تدعمها الإمارات أصبحت تسيطر على أكثر من منفذ حدودي مع السعودية، فقوات طارق صالح على البحر الأحمر وباب المندب وميون
فيما قوات المجلس الانتقالي في حضرموت تسيطر على المنفذ الحدودي البري مع السعودية، وعلى حدود المملكة مع محافظة المهرة، أقصى شرق البلاد
مواقف متأخرةوفيما يتعلق بمواقف الحكومة المعترف بها دوليًا، سواء من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي أو عضو المجلس سلطان العرادة، فقال الشلفي إنها جاءت هذه المواقف متأخرة
وأكد على أن رشاد العليمي حمّل المجلس الانتقالي مسؤولية ما حدث وطالب بعودة المقاتلين الوافدين إلى حضرموت والمهرة، لكن ذلك جاء بعد أن تم مضايقته وإخراجه وفريقه الأمني من عدن
رغم أن المجلس الانتقالي كما تشير مصادر عديدة إلى أنه كان يجهز لهذه الخطوة منذ فترة طويلة، بينما كان العليمي على علم بما يجري لكنه لم يتحرك في الوقت المناسب
ومضى قائلا :وفي ظل انقسام المجلس الرئاسي بين مؤيد وصامت ومعارض، كانت الكتلة التابعة للإمارات فرج البحسني، وأبو زرعة المحرمي، وعيدروس الزبيدي تقف بشكل كامل مع ما قام به المجلس الانتقالي الجنوبي، وأعلنت تأييدها الصريح له
إضافة إلى طارق صالح الذي يتلقى هو الآخر دعمًا إماراتيًا ويعتبر ما جرى في حضرموت والمهرة جزءًا من إعادة ترتيب مسرح العمليات
ولفت إلى أن هذه التطورات كشفت واحدًا من أكبر الاختلالات في بنية المجلس الرئاسي، وأظهرت مدى العجز الذي يواجهه اليمنيون في ظل مجلس منقسم على ذاته، لا يملك موقفًا موحدًا تجاه أخطر الأحداث
وقال أيضا والآن، ورغم وجود محاولات للخروج من هذا المأزق، فإن كل ما يُطرح على الطاولة لا يبدو قادرًا على معالجة الإشكالية الأساسية، خاصة أن الميدان هو الذي يحكم، وأن الوقائع التي فرضت بقوة السلاح لا يمكن تغييرها بسهولة عبر بيانات أو مواقف سياسية
الرياض تدفع الثمن من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، أحمد الزرقة إن الرياض يبدو أنها باتت معنية بالحفاظ على حدودها بهذه القوات بعد أن فقدت حلفائها على الأرض لصالح أبوظبي التي لديها أهداف واضحة ومحددة وحلفاء تعمل معهم على الأرض منذ 2015
وتابع الزرقة حديثه لـعربي21 بأن أبوظبي قد تمكنت من بناء قوتين عسكريتين بحوامل سياسية والمقصود هنا المجلس الانتقالي والمقاومة الوطنية التابعة لطارق صالح وتمكنت من تعزيز سيطرتها على مجلس القيادة الرئاسي الذي ابتكرته هي وباركته الرياض وتمتلك فيه نصابا كبيرا يتمثل بنصف المجلس ولدى كل منهم كيان مليشياوي مسلح
فيما أضعفت الرياض حلفائها داخل المجلس الرئاسي ولم تساعدهم على بناء مكوناتهم السياسية أو تشكيلاتهم العسكرية ولم تفي بتعهداتها تجاه دعم الشرعية بل على العكس قامت بتفكيك معسكر الشرعية دون أن تخلق قوى بديلة مكافئة لتلك التي تتبع الإمارات
وأضاف الكاتب اليمني أن المملكة قامت أيضا بإعلان الحرب على حزب الإصلاح حليفها القوي في الأرض والذي التزم ويلتزم بالرؤية السعودية والتوجيهات القادمة من الرياض بحذافيرها بل وغالبية قياداته موجود في السعودية، أضعفت الإصلاح خدمة للإمارات وللحوثيين
وبحسب المتحدث ذاته فإن السعودية اليوم تدفع ثمن العشوائية والتخبط في الملف اليمني وستدفعه مستقبلا في امنها وعمقها الاستراتيجي جراء السماح للإمارات في مجالها الحيوي المتمثل باليمن والبحر الأحمر وبحر العرب
حصان طراودةوأكد المحلل السياسي اليمني أن رشاد العليمي كان حصان طروادة للانتقالي والإمارات في المجلس الرئاسي فبسبب ضعفه وعدم قدرته على رفض إملاءات الانتقالي والإمارات اسهم في إضعاف مجلس القيادة وتعطيل فاعليته جراء محاولته اللعب على التوازنات وانتهاج سياسة الترضيات ومحاولة استثمار منصبة في شراء ولاءات شخصية وإعادة جزء من رجالات صالح للمشهد من جديد، وإصراره على تعطيل دور الحكومة والبرلمان وبقاءه في الخارج لفترات طويلة، والسماح بتجاوزات الانتقالي وطارق صالح في الملفات الأمنية والسياسية والعسكرية
ووفق الزرقة فإن العليمي ترك فراغا في قيادة الدولة والمجلس الرئاسي قامت الأطراف الموالية للإمارات بملئه واليوم يبكي على اللبن المسكوب وهو من لم يعمل على مأسسة مجلس الرئاسة والمؤسسات التي تم إنشائها وفق اتفاق نقل السلطة وبالتالي فتحركه الأخير ليس إلا محاولة للعب دور الضحية ومحاولة تبني موقف السعودية التي تلقت ضربة مؤلمة لم تتوقعها من قبل حليفها الإماراتي وأدواته
الكاتب والمحلل السياسي اليمني، أوضح أن الكرة اليوم هي في الملعب السعودي بعد أن عطلت الشرعية وجلبت ممثلين هامشيين لإدارة المشهد اليمني واللعب على التناقضات وإضعاف الشرعية وعدم حلحة الملف اليمني
والثلاثاء، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي الساعي للانفصال في اليمن،، استكمال سيطرة قواته على محافظة المهرة المحاذية لسلطنة عمان شرقي البلاد، إلى جانب بسط نفوذه على وادي حضرموت
جاء ذلك في حديث لرئيس المجلس عيدروس الزبيدي، خلال اجتماع موسع عقده بالعاصمة المؤقتة عدن، ضم أعضاء هيئة رئاسة المجلس، ورؤساء هيئات الأمانة العامة، ورؤساء لجان الجمعية الوطنية، ومجلس المستشارين، حسب الموقع الإلكتروني للمجلس
وقال الزبيدي: الجنوب اليوم يقف أمام مرحلة مصيرية ووجودية فرضتها معادلات الواقع السياسي والعسكري، وشعب الجنوب قدم تضحيات جسيمة للوصول إلى هذه اللحظة الحاسمة، لافتا إلى أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة بناء مؤسسات ما أسماها دولة الجنوب العربي القادمة