السفر بين المحافظات اليمنية..ابتزاز ورعب

منذ 2 سنوات

تعز – عابد منصور :انطلق سليم من قريته بتعز على متن دراجته النارية متوجهاً إلى مدينة تعز في شهر رمضان، ولم يكن قلقاً من مخاطر الطريق، لا سيما في ظل الهدنة التي تشهدها البلاد

عندما وصل سليم إلى نقطة أمنية تسمى “العيار”، لم يسمح له بالمرور، وطلب منه أفراد النقطة التابعة لأنصار الله )الحوثيين) إخراج البطاقة الشخصية والهاتف المحمول

في تلك اللحظة، لم يقاوم أو يرفض الأوامر

أنتظر سليم لعدة دقائق، وكان يرد على الأسئلة التي وجهها له أفراد النقطة، وعن سبب ذهابه إلى مدينة تعز

سليم مواطناً بسيطاً، ويحمل الهوية الوطنية، وينتمي إلى نفس المحافظة، لكن كل تلك الحقائق لم تساعده في التحرك بحرية، دون الوقوع ضحية للابتزاز في النقاط المنتشرة على الطرق

لا يُعد سوء التعامل الذي واجهه سليم في نقطة “العيار” بتعز حالة نادرة، بل أمر شائع يعانيه الآلاف من المسافرين في اليمن

طوال سنوات الحرب، أصبح السفر بين المحافظات اليمنية مصدر قلق كبير للمواطنين الذين تجبرهم الظروف على الانتقال من محافظة إلى محافظة للحصول على فرص عمل أو الدراسة أو أسباب أخرى

يقول سليم ل “المشاهد”: ” بعد أن تم أخذ الإجراءات الكاملة معي، استمروا في البحث عن نقطه ضعف لابتزازنا

لم يجدوا شيئاً سوى صورة لمدرجات المشجعين في كأس العالم، وكان في تلك الصورة فتاة

”يضيف: “بصوت مرتفع، صرخ أحد أفراد النقطة ‘من صاحب الجوال؟ أنزل وتعال معنا’

قال لي أن تلك الصورة تقليد للغرب، وإني بلا أدب ولا بد لي من دورة ستة أشهر لكي أتعلم الأدب

”بعد دقائق من الحوار، بدأ أحد أفرادرالنقطة بالتلميح بضرورة دفع مبلغ مالي لكي أنجو من السجن

لم يكن لدى سليم سوى مئة ريال سعودي، فقام بإخراجها من جيبه، ثم سُمح له بمواصلة السفر صوب مدينة تعز

اختطاف الآلاف من المواطنينفي ظل غياب المساءلة، وانتشار المسلحين في العديد من الطرق الرئيسية التي تربط المديريات والمحافظات اليمنية، زادت حالات الاختطاف والاحتجار العشوائي من خلال تلفيق التهم الكيدية

وكيل وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية ماجد فاضل يقول ل “المشاهد” أن عدد المختطفيين لدى جماعة الحوثي بلغ أكثر من 17 ألف، بينما تعرض أكثر من 1500 معتقل للتعذيب، مضيفاً أنه لا توجد أرقام دقيقة عن إجمالي حالات الاختطاف منذ اندلاع الحرب في اليمن

والد أحد المعتقلين، فضل عدم ذكر اسمه، يقول أن نقطة تابعة للحوثيين اعتقلت ابنه بينما كان في طريقه إلى مدينة عدن، تم إيداعه السجن بدون مبرر

تحدث الأب مع المشاهد قائلاً: ” كان الاعتقال تعسفيا بعد توقيفه وإنزاله من السيارة عندما كان مسافر إلى عدن

قاموا بالتحقيق معه، وتم تحويله إلى سجن الصالح بتهمة أنه مع المقاومة في مدينة تعز

وبعد عام، طالبوا بمليون ريال مقابل الإفراج عنه

وعملت بكل مابوسعي لتوفير المبلغ وتم الإفراج

”أعترفت جماعة الحوثي سابقاً بخطف أكثر من 6 آلاف مواطن في مناطق سيطرتها، ووجهت تهماً عدة للمختطفين مثل مساندة الشرعية والتحالف العربي

ابتزاز السائقونيتواصل حصار مدينة تعز (جنوبي غرب البلاد)، منذ 2015، بعد أن أغلقت جماعة الحوثي كافة المنافذ المؤدية إلى المدينة الواقعة تحت سلطة الحكومة اليمنية، أصبح العمل كسائق على الطرق المؤدية إلى المدينه لا يخلو من المخاطرة

يعمل فاضل، اسم مستعار، كسائق حافلة نقل على خط تعز- صنعاء، ويستطيع أن يسرد العديد من القصص عن حالات الابتزازات التي تطال السائقين والمسافرين

كل يوم، بحسب فاضل، يتم احتجاز عدد من الأشخاص في النقاط خصوصاً في مداخل المدن لأسباب واهية بما في ذلك تفتيش الجوالات، ويرى فاضل أن النقاط لم تعد لحفظ الأمن، بل لإرعاب المسافرين وفرض إتاوات، ومنها يسترزق بعض الأشخاص

يضيف ل”المشاهد”: “عندما يتم العثور على مقاطع صوتية أو حتى صورة في الهاتف المحمول حتى وإن كان صاحب التلفون لا يعلم كيف جاءت تلك الصورة إلى هاتفه، يتم احتجازه لساعات، ولا يفرج عنه إلا بعد دفع مقابل مالي

”جعلت الحرب اليمن كسجن كبير، وليس بمقدور المواطن التنقل بحرية وسلام في عموم المحافظات

سليم، سائق الدراجة النارية، لا يزال يتذكر احتجازه في نقطة “العيار” بتعز، ويحلم أن تختفي معظم النقاط في الطرقات، ويسافر الجميع دون قيود أو مخاوف

ليصلك كل جديدالاعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير