العلاقات اليمنية المصرية جذور عميقة واستمرار للأصالة الدبلوماسية

منذ 7 ساعات

 تقرير: نسيم البعيثيتتميز العلاقات اليمنية المصرية بخصوصية ،قلما نجدها في العلاقات الدولية الثنائية ،وهي خصوصية‏ تجعل هذه العلاقات قادرة على الاحتفاظ بطابعها الخاص ،في مواجهة الكثير من المتغيرات والتطورات على واقع العلاقات الدولية، وتشكلت هذه الخصوصية في العلاقات اليمنية المصرية ،من تداخل عدة عوامل ارتباط ،أبرزها العامل التاريخي والثقافي، والعامل الاستراتيجي والأمن

فالعلاقات بين البلدين ،تستند الى تراكم حضاري وتاريخي كبير في التفاعل بين الشعبين و بين السلطات في البلدين ،وهذا التراكم الحضاري والتاريخي كان نتيجة حتمية للعديد من الحقائق والوقائع السياسية والاقتصادية والجغرافية

وأكدت الخبرة التاريخية للعلاقات اليمنية المصرية، وجود نمط ثابت حكمها في الماضي وما زال يحكمها في الحاضر، اذ لعبت مصر كدولة وكشعب وكجغرافيا أدورا أساسية ومهمة في التاريخ اليمني، لعل أبرزها الدور المصري في دعم الثورة اليمنية ماديا ومعنويا، وصل إلى حد المساهمة بالسلاح والدم، وقد كان هذا الدعم حاسما في صيانة وبقاء النظام الجمهوري في اليمن ،من ناحية اخرى، كانت مصر بحجمها وبواقعها الجغرافي والثقافي والسكاني، مرتكزا حضارياً أساسيا في المنطقة العربية، ومنبعا حضاريا وثقافيا استقت منه بقية دول المنطقة و منها اليمن ،وتعد العلاقات الثقافية ، احد ابرز عوامل الارتباط بين اليمن ومصر، وهي علاقات كانت دائما بعيدة عن تأثير الظروف والعوامل السياسية والاقتصادية، فقد حافظ الاتصال الثقافي بين اليمن ومصر على مستوياته المرتفعة وعلى تأثيره على علاقة الشعبين وعكس نفسه ولو بدرجة قليلة على علاقة البلدين السياسية

ويظل البعد الاستراتيجي والأمني، العنصر الأساسي ونقطة الارتكاز، ومحور أهمية العلاقات اليمنية المصرية، فالبلدين يمسكان بالبوابتين الشمالية والجنوبية للبحر الأحمر، وبذلك فهما يمتلكان مفتاحي طريق التجارة الدولية المؤدي إلى 65بالمائة من مخزون موارد الطاقة العالمية، وجعل هذا النوع من الارتباط بين اليمن ومصر، الوظيفة الأمنية هي الركيزة الأساسية للعلاقات بين البلدين، فأي حدث يشهده اليمن ينعكس بالضرورة وبطريقة أو بأخرى وبدرجة أو باخرى على مصر والعكس صحيح، وأي تدهور أو تراجع في العلاقات اليمنية المصرية، سيترتب عليه اضرارا وتهديدا للأمن القومي اليمني والمصري

وبناء على هذا الارتباط، سارت العلاقات السياسية بين اليمن ومصر بثبات ،على الرغم من الاهتزازات والاختلالات التي مرت بها ، اذ سرعان ما تعود الى طبيعتها بمجرد زوال لمؤثرات الخارجية التي عكرتها ، فقد مرت علاقات البلدين بمراحل مختلفة وبتقلبات عديدة الا انها ظلت تحت سقف واحد لم تتجاوزه، اذا لم يحصل أي انقطاع في الاتصالات السياسية بين البلدين على مختلف المستويات، وهذا ما يؤكده القفزات النوعية المفاجئة على طريق العلاقات الثنائية بين البلدين

وقد عكس الثبات الاستراتيجي الذي تتمتع به العلاقات اليمنية المصرية عكس نفسه ، من خلال العديد من المواقف ، فالمصريون ضحوا بأمنهم من أجل الثورة اليمنية ،واليمن ضحى بأمنه في باب المندب وأغلقه في حرب 73 ، و كان لليمن موقف مع مصر اثناء فترة المقاطعة العربية لها بعد مؤتمر بغداد، فقد رفضت اليمن هذا الامر مصرة على انه لا ينبغي أن تنعزل مصر عن الجسد العربي، وظلت علاقات اليمن ومصر ممتازة ، حتى عادت مصر الى الحظيرة العربية ،ونسق البلدان مواقفهما وسياساتهما ،سواءاً على مستوى اللجان المشتركة، أو الرؤية اليمنية المصرية حول البحر الأحمر

واليوم جاءت مشاركة فخامة الرئيس رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي في افتتاح المتحف المصري بدعوة رسمية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي  لتحمل الكثير من الدلالات والرسائل وفي مقدمتها امتدادا للعلاقات المتأصلة بين البلدين والشعبين ، و التقدير الكبير الذي يحمله الرئيس رشاد العليمي  لجمهورية مصر قيادة وحكومة وشعباً، بالإضافة إلى يقينه التام باستمرار الدعم المصري لقضية اليمن العادلة وإدراك القيادة المصرية لاخطار ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من ايران على الامن القومي المصري والامن العربي بشكل عام

وعبر فخامة الرئيس العليمي عن بالغ تقديره للدعوة المصرية الكريمة للمشاركة في هذا الحدث التاريخي، واعتزاز اليمن قيادة، وحكومة، وشعبا بالعلاقات المتينة التي تجمع البلدين الشقيقين، ودور مصر الأخوي الثابت الى جانب الشعب اليمني، وتطلعاته في استعادة مؤسسات الدولة، والامن والاستقرار، والسلام

ونوه فخامته في هذا السياق، بالرعاية الكريمة التي توليها جمهورية مصر العربية للمقيمين والوافدين اليمنيين الباحثين عن ملاذ آمن من بطش المليشيات الحوثية الارهابية، وما تقدمه من تسهيلات في مجالات التعليم، والعلاج، والإقامة، امتداداً لمواقفها المشرفة في مختلف المراحل

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بما تشهده مصر، تحت قيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، من نهضة عمرانية وتنموية غير مسبوقة، تجسدت في المشاريع العملاقة للبنى التحتية، والمدن الجديدة، وتطوير القطاع الثقافي والتراثي، وفي مقدمتها افتتاح المتحف المصري الكبير الذي يعد حدثا عالميا فارقا، يجسد ريادة مصر الحضارية عبر العصور